تسجيل الدخول


صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذاقة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي

1 من 1
صفوان بن أمية الجمحي:

صفوان بن أميّة بن خلف بن وهب بن حُذافة بن جُمح القرشيّ الجمحيّ، وأمه أيضًا جمحية، من ولد جَمح بن عمرو بن هُصيص بن كعب بن لؤيّ غالب، يُكْنَى أبا وهب، وقيل يكنى أبا أميّة، وهما كنيتان له مشهورتان، ففي الموطّأ لمالك، عن ابن شهاب أن
رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لصفوان بن أمية: "انْزِلْ أَبا وَهْبٍ".(*)

وذكر ابنُ إسحاق، عن أَبي جعفر محمد بن علي أَنَّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم قال‏‏
لصفوان بن أميّة: "يَا أَبَا أُمَيَّةَ".(*)

وقُتل أَبوه أميّة بن خلف بَبَدْرٍ كافرًا، وقتل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عَمّه أبيّ ابن خلف بأُحُد كافرًا، طعنه فصرعه فمات من جُرحه ذلك، وهرب صفوان بن أميّة يوم الفتح. وفي ذلك يقول حسّان بن قيس البكري يخاطب امرأَته فيما ذكر ابنُ إسحاق وغيره‏: [الرجز]

إِنَّكِ لَوْ شَهِدْتِ يَوْمَ الْخَنْدَمَهْ إِذْ فَرَّ
صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ

وَاسْتَقْبَلَتْنَا بِالسُّيُوفِ المُسْلِمَهِ يَقْطََعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ

ضَرْبًا فَلَا تُسْمَعُ إِلَّا
غَمْغَمَه لَهُمْ نَبِيبٌ
خَلْفَنَا وَهَمْهَمَهْ
لَمْ تَنْطِقِي فِي اللَّّوْمِ أَدْنَى كَلِمَه

ثم رجع صفوان إلى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فشهد معه حنينًا والطَّائف، وهو كافرٌ وامرأَته مُسلمة، أسلمت يوم الفتح قبل صَفْوان بشهر، ثم أسلم صفوان وأقرَّا على نكاحهما، وكان عُمير بن وهب بن خلف قد استأْمَن له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين هرب يوم الفتح هو وابنه وَهْب بن عمير، فآمنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم
لهما، وبعث إليه مع وهب بن عمير بردائه أو ببردهِ أمانًا له، فأدركه وهب بن عمير ببُرْد رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم أَو بردائه، فانصرف معه، فوقف على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وناداه في جماعة الناس: يا محمد، إن هذا وَهْب بن عمير يزعمُ أنك آمنتني على أن أسير شهرين. فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "انْزِلْ أَبَا وَهب".(*) فقال: لا، حتى تبين لي. فقال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "انْزِل فَلَكَ مَسِيرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ".(*) وخرج معه إلى حُنين، واستعارَهُ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم سلاحًا، فقال: طوعًا أو كرهًا؟ فقال: "بَلْ طَوْعًا، عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ"؛(*) فأعاره. وأعطاه رسولُ الله صَلَّى الله وسلم من الغنائم يوم حُنين فأكثر. فقال صفوان: أشهد بالله ما طابت بهذا إلا نفس نبيِّ. فأسلم وأقام بمكَّة.

ثم إنه قيل له: من لم يُهاجر هلك، ولا إسلامَ لمن لا هجْرَة له؛ فقدم المدينة مهاجرًا، فنزل على العباسيّ بن عبد المطَّلب، وذكر ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا هِجْرَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ". وقال له: "عَلَى مَن نَزَلْت يا أَبَا وَهْبٍ"؟ قال:‏ نزلْتُ على العبّاس. قال: "نَزَلَتَ عَلَى أَشدِّ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ حُبّا". ثم أمره أنْ ينصرف إلى مكّة، فانصرف إليها، فأقام بها حتى مَات (*)أخرجه الطبراني في الكبير 8/54، وذكره الهندي في كنز العمال 37349..

هكذا قال جماعة من أهل العلم بالأخبار والأنساب: إن عمير بن وهب هو الذي جاء صفوان بن أمية برداء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أمانًا لصفوان. وذكر مالك، عن ابن شهاب أن الذي جاء برداء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أمانًا هو ابنُ عمه وهب بن عمير. والله أعلم.

ووهب بن عمير هو ابن عمير بن وَهْب، وكان إسلامُهما معًا ومتقاربًا بعد بدْرٍ. وقد ذكرنا ذلك في موضعه، والحمد لله.

[[وكان]] إسلامُ صفوان بن أميّة بعد الفتح، وكان صفوان بن أميَّة أحدَ أشرافِ قريش في الجاهليّة، وإليه كانت فيهم الأيسار‏؛‏ وهي الأزلام، فكان لا يسبق بأمرٍ عام حتى يكونَ هو الذي يجري يسره على يديه، وكان أحدَ المطعمين، وكان يقال له سداد البطحاء. وهو أحد المؤلَّفة قلوبهم، وممن حَسُن إسلامُه منهم. وكان من أفصح قريش لسانًا. يقال: إِنه لم يجتمع لقومٍ أن يكون منهم مطعمون خمسة إِلا لعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أميّة بن خلاف، أطعم خلف، وأميّة، وصَفوان، وعبدُ الله، وعمرو، ولم يكن في العرب غيرهم إِلا قيس بن سعد بن عُبادة بن دُليم الأنصاريّ، فإِن هؤلاء الأربعة مطعمون.

وقال معاوية يومًا: من يطعم بمكَّة من قريش؟ فقالوا: عمرو بن عبد الله بن صفوان. فقال: بخ... تلك نارٌ لا تطفأ.

وقُتل ابنه عبد الله بن صفوان بمكّة مع ابن الزّبير، وذلك أنه كان عدوًّا لبني أُميّة، وكان لصفوان بن أُميّة أَخٌ يسمَّى ربيعة بن أمية بن خلف، له مع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قِصّتان رأيت أن أذكرهما؛ وذلك أَنَّ ربيعة بن أُميّة بن خلف أسلم عام الفتح،وكان قد رأى رؤيا فقصَّها على عمر بن الخطاب، فقال: رأَيْتُ كأني في وادٍ مُعْشِب، ثم خرجت منه إِلى وادٍ مُجْدب، ثم انتبهْتُ وأنا في الوادي المجْدِبُ. فقال عمر: تؤمن ثم تكفر ثم تموت وأنت كَافر. فقال: ما رأيت شيئًا. فقال عمر: قضي لك كما قُضي لصاحِبَيْ يوسف. قالا: ما رأينا شيئًا، فقال يوسف: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف 41].

ثم إِنه شرب خمرًا، فضربه عمر بن الخطاب الحدَّ، ونفاه إِلى خَيْبَر، فلحق [[بأرض]] الرّوم فتنصَّر، فلما ولي عثمان بعث إليه قاصدًا أبا الأعور السّلميَّ، فقال‏ له: ارجع إلى دينك وبلدك، واحفَظْ نسبك وقرابتك مِنْ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، واغسِلْ ما أنْتَ فيه بالإسلام، فكان ردُّه عليه أن تمثَّل بيت النّابغة: [البسيط]

حَيَّاكَ رَبِّي فَإِنَّا لَا يَحِلُّ لَنَا لَهْوُ النِّسَاءِ وَإِنَّ الدِّيْنَ قَدْ عَزَمَا

ومات صفوان بن أميّة بمكّة سنة اثنتين وأربعين في أول خلافة معاوية.

روى عنه ابنه عبد الله بن صفوان، وابن أخيه حميد، وعبد الله بن الحارث، وعامر ابن مالك، وطاوس.
(< جـ2/ص 274>)
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال