تسجيل الدخول


خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن...

هو مولى عتبة بن غزوان، وقيل مولى أم نمار، يُكْنَى أبا عبد الله‏، وقيل: يُكْنَى أبا يحيى،‏ وقيل: يُكْنَى أبا محمد. أسلم خبّاب بن الأرتّ قبل أن يدخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وقبل أن يدعوَ فيها، كان خباب سادس ستة في الإسلام، وقال مجاهد: أول من أظهر إسلامه: رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وخبَّاب، وصهيب، وبلال، وعمار، وَسُمَيَّة أم عمار؛ فأما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأما الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس، فبلغ منهم الجهد ما شاء الله أن يبلغ من حر الحديد والشمس، وقال الشعبي: إن خَبَّابًا صبر ولم يُعْطِ الكفار ما سألوا، فجعلوا يلزقون ظهره بالرَّضْف، حتى ذهب لحم مَتْنِهِ. وروي أنّ المقداد بن عمرو وخبّاب بن الأرتّ لمّا هاجر إلى المدينة، نزلا على كلثوم بن الهِدْم، فلم يَبْرحا منزله حتى تُوفي، قبل أن يخرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى بدر بيَسير، فتحوّلا فنزلا على سعد بن عُبادة، فلم يزالا عنده حتى فُتحت بنو قريظة. وكان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين تميم مولى خراش بن الصّمة‏، وقيل: بل آخى بينه وبين جَبْر بن عتيك. شهد خباب: بدرًا، وأُحدًا، والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان خباب عربيًا، ونزل الكوفة، وابتنى بها دارًا في جهار سُوج خُنيس، وروى مسروق عن خبّاب قال: كنتُ رجلًا قَيْنًا وكان لي على العاص بن وائل دَيْنٌ فأتَيْتُهُ أتقاضاه فقال لي: لَنْ أقْضيَك حتّى تكفُرَ بمحمّد، قال فقلتُ له: لن أكفر به حتى تموت ثمّ تُبْعَثَ، قال إني لمبعوث من بعد الموت فسوف أقضيك إذا رجعتُ إلى مالٍ وولدٍ، قال: فنزل فيه: }أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا {إلى قوله: }فَرْدًا {[سورة مريم: 77 ـ 80]. وقال أبو صالح: كان خباب قَيْنًا يطبع السيوف؛ وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يَألفُهُ ويَأتِيه، فَأخْبِرَت مولاته بذالك؛ فكانت تأخذ الحديدة المحماة فتضعها على رأسه؛ فشكا ذلك إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "اللَّهُمَّ انْصُرْ خَبَّابًا"، فاشتكت مولاته أمُّ أنمار رأسها، فكانت تعوي مثل الكلاب، فقيل لها: اكتوي، فكان خباب يأخذ الحديدة المحماة فيكوي بها رأسها. قال أبو ليلى الكندي: جاء خبّاب بن الأرتّ إلى عمر فقال: ادْنُهْ، فما أحدٌ أحقّ بهذا المجلس منك إلاّ عَمّارُ بن ياسر، فجعل خبّابٌ يُريه آثارًا في ظهره ممّا عذّبه المشركون، وقال الشّعبيّ: دخل خبّاب بن الأرتّ على عمر بن الخطّاب فأجلسه على مُتّكئه، وقال: ما على الأرض أحدٌ أحقّ بهذا المجلس من هذا إلا رجل واحد، قال له خبّاب: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: بلالٌ، قال فقال له خبّاب: يا أمير المؤمنين ما هو بأحقّ منّي، إنّ بلالًا كان له في المشركين من يمنعه الله به ولم يكن لي أحدٌ يمنعني، فلقد رأيتُني يومًا أخذوني وأوقدوا لي نارًا ثمّ سلقوني فيها ثمّ وضع رجلٌ رِجْلَه على صدري فما اتّقَيْتُ الأرض، أو قال بَرْدَ الأرض، إلا بظهري، قال ثمّ كَشف عن ظهره فإذا هو قد بَرِصَ. وروى مالك بن الحارث، عن أبي خالد أنه قال: بينما نحن في المسجد إذ جاء خَبَّاب بن الأرت، فجلس فسكت فقال له القوم: إن أصحابك قد اجتمعوا إليك لتحدِّثَهم أو لتأمرهم، قال: بم آمرهم؟ ولعلي آمرهم بما لست فاعلًا، وقال طارق بن شهاب: عاد خبّابًا نفرٌ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقالوا أبْشِرْ يا أبا عبد الله، إخْوانك تَقْدَمُ عليهم غَدًا، فبكى وقال: عليها من حالي أما إنّه ليس بي جَزَعٌ، ولكن ذكرتموني أقوامًا وسمّيتموهم لي إخوانًا، وإنّ أولئك مضوا بأجورهم كما هي، وإني أخاف أن يكون ثواب ما تذكُرون من تلك الأعمال ما أُوتينا بَعْدهم. روى قيس عن خبَّاب قال: شكونا إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو متوسد ببُرْدٍ له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ فجلس محمرًّا وجهه، فقال: "قَدْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، ُثمَّ يُجَاءُ بِالمِيشَارِ فَيُجْعَلُ فَوْقَ رَأْسِهِ، مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ وَعَصَبٍ، مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّن الله هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوتٍ لَا يَخْشَى إِلَّا الله عَزَّ وَجَلَّ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ". وروى عبد اللّه بن خباب بن الأرت، عن أبيه، قال: صلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم صلاة فأطالها، فقالوا: يا رسول الله، صليت صلاة لم تكن تصليها؟ قال: "أَجَلْ، إِنَّهَا صَلَاةُ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، إِنِّي سَأَلْتُ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسنَةٍ، فَأَعْطَانِيَهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِيَها، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَمَنَعْنِيَها". وفاته: قال حارثة بن مُضَرِّب: دخلت على خبّاب بن الأرتّ أعوده وقد اكتوى سبع كيّات، قال: فسمعته يقول: لولا أني سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "لا ينبغي لأحدٍ أن يتمنّى الموت" لألْفاني قد تَمَنّيْتُه، وقد أُتي بكَفَنه قَباطيّ فبكى ثمّ قال: لكنّ حمزة، عمّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، كُفّن في بُرْدة فإذا مُدّتْ على قدميه قَلصت عن رأسه، وإذا مُدّت على رأسه قلصت عن قدميه، حتى جُعل عليه إذْخِرٌ، ولقد رأيتُني مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما أملك دينارًا ولا درهمًا، وإنّ في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين ألف وافٍ، ولقد خشيتُ أن تكون قد عُجِّلَتْ لنا طيّباتُنا في حياتنا الدنيا. مات خباب سنة سبع وثلاثين وصلى عليه علي، وكان عمره إذ مات ثلاثًا وسبعين سنة، قال: وقيل: مات سنة تسع عشرة، وصلى عليه عمر رضي الله عنه، وقال عليَّ رضي الله عنه: رحم الله خبابًا؛ أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلي في جسمه، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملًا، ثم دنا من قبورهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا سلف فارط ونحن لكم تبع عما قليل لاحق، اللهم اغفر لنا ولهم، وتجاوز بعفوك عنا وعنهم، طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، وأرضى الله عز وجل.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال