تسجيل الدخول


سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن حرام بن حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن...

1 من 1
سعد بن عبادة:

سعد بن عُبادة بن دُليم بن حارثة بن حليمة، ويقال ابن أبي حَزِيمة بن ثعلبة بن طريف ابن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاريّ السّاعديّ، يُكْنَى أبا ثابت. وقد قيل أبو قيس، والأول أصحّ وكان نقيبًا شهد العقبة وبَدْرًا في قول بعضهم. ولم يذكره ابن عُقْبة ولا ابن إسحاق في البدريّين. وذكره فيهم جماعةٌ غيرهما منهم الواقديّ والمدايني وابن الكلبي‏ّ.

وذكره أبو أحمد الحافظ في كتابه في الْكُنَى بعد أن نَسب أباه وأمه، فقال‏:‏ شهد بدرًا مع النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ويقال‏:‏ لم يشهد بَدْرًا، وكان عقبيًا نقيبًا سيِّدًا جَوَادً.

‏قال أبو عمر‏: كان سيدًا في الأنصار مقدَّمًا وجيهًا، له رياسة وسيادة، يعترف قومُه له بها‏.

يقال‏: إنه لم يكن في الأوس والخزرج أربعة مطعمون متتالون في بيت واحد إلا قيس بن سعد بن عُبادة بن دُليم، ولا كان مثل ذلك في سائر العرب أيضًا إلا ما ذكرنا عن صفوان ابن أُميّة في بابه من كتابنا هذا.

أخبرنا عبد الرّحمن إِجازة، حدّثنا ابن الأعرابيّ، حدّثنا ابن أبي الدّنيا، حدّثني محمد ابن صالح القُرشيّ، حدثنا محمد بن عمر، حدّثني عبد الله بن نافع، عن أبيه نافع، قال‏: مرَّ ابن عمر على أطم سعد، فقال لي:‏ يا نافع، هذا أطم جدّه، لقد كان مناديه ينادي يومًا في كل حَوْل، مَنْ أراد الشّحم واللّحم فَليأتِ دَارَ دُليم، فمات دُليم، فنادى منادي عبادة بمثل ذلك؛ ثم مات عبادة، فنادى منادي سعد بمثل ذلك، ثم قد رأيت قيس بن سعد يفعل ذلك، وكان قيس جوادًا من أجوادِ النّاس‏.

وبه، عن محمد بن صالح، قال‏:‏ حدّثني عبد الله بن محمد الظّفري، قال:‏ حدّثني عبد الملك بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عُبادة أن دُليما جَدّهم كان يُهْدِي إلى مناة صنم كل عام عشر بدنات، ثم كان عبادة يُهديها كذلك، ثم كان سعد يهديها كذلك إلى أن أسلم، ثم أهداها قيس إلى الكعبة‏.

وبه، عن محمد بن صالح، قال: حدّثني محمد بن عمر الأسلميّ، حدّثني محمد بن يحيى بن سهل، عن أبيه، عن رافع بن خديج، قال‏:‏ أقبل أبو عبيدة ومعه عمر رضي الله عنه‏.‏ فقالا لقيس بن سعْد:‏ عَزَمْنَا عليك ألا تنحر، فلم يلتفت إِلى ذلك ونحر، فبلغ ذلك النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فقال:‏ "إنه من بيت جُودٍ"‏.(*)

وفي سعد بن [[عبادة]] وسعد بن معاذ جاء الخبر المأثور:‏ إن قريشًا سمعوا صائحًا يصيح ليلًا على أَبي قبيس: [الطويل]

فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ مُخَالِفِ

قال: فظنَّتْ قريش أنهما سعد بن زيد مناة بن تميم وسعد بن هُذَيم، من قضاعة، فلما كان اللّيلة الثّانية سمعوا صوتًا على أَبي قبيس‏: [الطويل]

أَيَا سَعْدَ سَعْدَ الأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا وَيَا سَعْدَ سَعْدَ الخَزْرَجَينِ الغَطارِفِ

أَجِيبَا إِلِــى دَاعِي الـهُدَي وَتَـمَنَّـيَا عَلَى اللَّهِ فِي الفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ

فَـإِنَّ
ثَـوَابَ الـلَّهِ لِـلـطَّالِـبِ الـهُدَى جِنـَانٌ مِنَ الـفْـرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ

قال فقالوا:‏ هذان والله سعد بن معاذ، وسعد بن عُبادة‏.

قال أبو عمر: وإليهما أرسل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم الخندق يشاورهما فيما أراد أن يُعطيه يومئذ عُيينة بن حصن من تمر المدينة، وذلك أنه اراد أن يعطيه يومئذ ثلث أثمار المدينة، لينصرف بمن معه من غطفان، ويخذل الأحزاب، فأبى عُيينة إلا أن يأخذ نصف التمر، فأرسل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة دون سائر الأنصار؛ لأنهما كانا سيّديْ قومهما؛ كان سَعْدُ بن معاذ سيدًا لأوّسِ، وسعد بن عُبادة سيّدًا لخرزج، فشاورهما في ذلك، فقالا‏:‏ يا رسول الله؛ إن كنت أمَرْتَ بشيء فافعله وامْض له، وإن كان غَيْر ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السّيف‏.‏ فقال رسولُ الله: ‏"لِم أَومَر بِشَيْءٍ، وَلَوْ أُمِرْتُ بِشَيْءٍ مَا شَاوَرْتُكُمَا، وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ أَعْرِضُهُ عَلَيْكُمَا‏"‏‏ فقالا:‏ والله يا رسول الله ما طمعوا بذلك منّا قطّ في الجاهليّة، فكيف اليوم؟ وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأعزّنا.‏ والله لا نعطيهم إلا السَّيف. فسُرّ بذلك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ودعا لهما، وقال لعيينة بن حصن ومن معه:‏ "ارجعوا فليس بيننا وبنيكم إلا السّيف"، ورفع بها صوته‏.(*)

وكانت رايةُ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم الفتح بيد سَعْد بن عبادة، فلما مرّ بها على أبي سفيان ـــ وكان قد أسلم أبو سفيان ـــ قال سعد إذ نظر إليه:‏ اليوم يوم الملحمة.‏ اليوم تستحل المحرمة. اليوم أذلَّ الله قريشًا.

فأقبل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم في كتيبة الأنصار، حتى إذا حاذَى أبا سفيان ناداه:‏ يا رسول الله، أمرْتَ بقتْل قومك؟ فإِنه زعم سعد ومن معه حين مرَّ بنا أنه قاتلنا. وقال:‏ اليوم يوم الملحمة.‏ اليوم تستحل المحرمة، اليوم أذلّ الله قريشًا. وإني أنشدك الله في قومك، فأنت أبرُّ الناس وأرحَمُهم وأوصلهم.

وقال عثمان، وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله، والله ما نأمَن من سعد أن تكون منه في قريش صَوْلةٌ. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"لَا يَا أَبَا سُفْيَانُ، الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ، الْيَوْمَ أَعَزَ اللَّهُ قُرَيْشًا‏".(*)

وقال ضرار بن الخطاب الفهري يومئذ: [الخفيف]

يَـا نَــبِـيَّ الهُدَى إِلــَيـْكَ لَـجَا جَـيُّ قُـريـشٍ وَلَـاتَ حَـيْـنَ لَجَـاءِ

حِينَ ضَاقَتْ عَـلَيهِمُ سَعَةُ الأرْ ضِ
وَعَادَاهُمُ
إِلَهُ
الــسَّمَاءِ

وَالْتَقَتْ حَلْقَتَا البِطَانِ عَلَى القَوْ مِ وَنُـودُوا
بِــالصَّيْلَمِ الصَّلـعَاءِ

إِنَّ سَعْدًا يُرِيدُ قَاصِمَـةَ الـظَّـهْـ ــرِ بِـأَهْلِ
الـحَجُونِ
وَالـبَطْـحَاءِ

خَـزْرَجِـيُّ لَـوْ يَسْتَطِيـعُ مِنَ الغَيْـ ــظِ رَمَانَـا بِــالــنِّـسـرِ
وَالـعَوَّاءِ

وَغِرُ الـصَّدْرِ لَـا يَـهِمُّ بِـشَـيْءٍ
غَيْرِ سَفْكِ الدِّمَا وَسَبْيِ النِّسَاءِ

قَدْ تَلَظَّى عَلَى البِطَاحِ وَجَاءَتْ
عَـنْـهُ هِـنْـدٌ بِـالـسَّوْءَةِ
الـسَّوآءِ

إِذْ تُنَادِى بِذُلِّ حَيِّ
قُرَيـشٍ وَابْنُ حَـرْبِ بِذَا مِنَ الشُّهَدَاءِ

فَلِئِـنْ
أَقْحَمَ
اللِّـوَاءَ وَنـــَادَى يَـا حُمَاةَ
اللِّـوَاءِ أَهَلَ
اللِّـوَاءِ

ثُـمَّ ثَـابَتْ إِلَيهِ مَـنْ بِهِمُ الخَـزْ رَجُ
وَالأَوْسُ
أَنْجُمُ
الـهَيْجَـاءِ

لَتَـكُـونَــنَّ
بِـالبِطـَاحِ
قُـرَيـشٌ فَقْعَةَ الـقَـاعِ فِـي أَكُــفِّ الإِمَاءِ

فَانْهِيْنَهُ
فَإِنـَّهُ
أَسَدُ
الأُسْ ـدِ لَدَى الغَابِ وَالِــغٌ فِي الدِّمَاءِ

إِنَّـهُ مُطْـرِقٌّ يُرِيـدُ
لَنَا
الأَمْـ ـرَ سُكُـوتًـا
كَـالحَيَّةِ
الصَّمَّـاءِ

فأرسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة، فنزع اللَّواء من يده، وجعله بيد قيس ابنه، ورأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عنه؛ إذ صار إلى ابنه، وأبى سعد أَن يسلّم اللّواء إلا بأمارةٍ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بعمامته، فعرفها سعد‏. فدفع اللّواء إِلى ابنه قيس، هكذا ذكر يحيى بن سعيد الأمويّ في السيّر، ولم يذكر ابن إسحاق هذا الشّعر ولا ساق هذا الخبر‏.

وقد رُوي أن رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم أعطى الرّاية الزَّبير، إذ نزعها من سعد.

ورُوي أيضًا أنّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم أمر عليًا فأخذ الرّاية، فذهب بها حتى دخل مكّة، فغرزها عند الركن.

وتخلّف سعد بن عبادة عن بَيْعَة أبي بكر رضي الله عنه، وخرج من المدينة، ولم ينصرف إليها إلى أَنْ مات بحوران من أرض الشّام لسنتين ونصف مضَتا من خلافة عمر رضي الله عنه وذلك سنة خمس عشرة. وقيل سنة أربع عشرة‏. وقيل‏: ‏بل مات سعد ابن عبادة في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة‏. ولم يختلفوا أنه وُجد ميتًا في مغتسله، وقد اخضر جَسَدُه، ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلًا يقول:‏ ‏ولا يَرَوْنَ أحدًا:[مجزوء الرمل]

قَتَلْنَا سَيِّدَ الخَـزْ رَجِ سَعْدَ بـْنَ عُبَادَةْ

وَرَمَينَاهُ
بِسَهْمٍ فَـلَـمْ
يُـخِطِ فُـؤَادَهْ

ويقال: إن الجنّ قتلته.

وروى ابن جريج عن عطاء، قال:‏ سمعْتُ الجنّ قالت في سعد بن عبادة، فذكر البيتين‏. روى عنه من الصَّحابة عبد الله بن عبّاس.‏ وروى عنه ابناه وغيرهم‏.
(< جـ2/ص 161>)
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال