تسجيل الدخول


عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد بن عبد الله بن غيرة بن عوف بن ثقيف الثقفي

أبو بصير عُتْبَة بن أَسِيد بن جارية، رجلٌ من قريش‏،‏ وقيل: هو ثقفيّ.
أَخرجه أَبو عمر. وأبو بصير مشهور بكنيته، وأُمه سالمة بنت عبد بن يزيد، وكان أبو بصير ممّن أسلم قديما بمكة، وذكر عبد الرّزاق، عن معمر، عن ابن شهاب في قصّة القضية عام الحديبية، قال‏:‏ ثم رجع رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير ــ رجل من قريش ــ وهو مسلم، فأرسَلَت قريشٌ في طلبه رجلين، فقالا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: العهْد الذي جعلْتَ لنا أن تردَّ إلينا كلَّ منْ جاءك مُسْلمًا، فدفعه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم إلى الرّجلين؛ فخرجا حتى بلغَا به ذا الحُلَيْفَةَ، فنزلوا يأكلون من تمْر لهم، فقال أبو بَصِير لأحد الرّجلين: والله إني لأرى سفيك هذا جيِّدًا يا فلان؛ فاستلّه الآخر، وقال: أجل والله، إنه لجيد؛ لقد جربت به ثم جربت، فقال له أبو بَصِير: أرني أنظُرْ إليه، فأمكنه منه، فضربه به حتى برد، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعْدُو، فقال له النْبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم حين رآه‏:‏ ‏"‏لَقَدْ رَأَى هَذا ذُعْرًا" أخرجه البخاري في الصحيح 3/257، وأبو داود في السنن كتاب الجهاد باب 167، وأحمد في المسند 4/331، والبيهقي في السنن 9/221، والبيهقي في الدلائل 4/107 وعبد الرزاق حديث 9720، وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/78.‏‏.‏ فلما انتهى إلى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم قال‏:‏ قُتل والله صاحبي، وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا رسول الله، قد والله وفْت ذمتك، وقد رددتني إليهم، فأنجاني الله منهم فقال النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏وَيَلُ أُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ. لَوْ كَانَ مَعَهُ أحَدٌ" أخرجه البخاري في الصحيح 3/257، وأبو داود في السنن كتاب الجهاد باب 167، وأحمد في المسند 4/331، وعبد الرزاق حديث 9720، والبيهقي في السنن 9/221،222، 226، 228، والبيهقي في الدلائل 4/107، 673، وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/ 78.. فلما سمع ذلك علم أنه سيردّه إليهم، فخرج حتى أتى سيف البَحْر، وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، وجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم، إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابةٌ، فوالله ما يسمعون بعيرٍ خرجت لقريش إلا اعترضوا لهم، فقتلوهم، وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم تناشدُه الله والرّحم إلّا أرسل إليهم، فمن أتاك منهم فهو آمن.(*) وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر في أبي بصير بأتَمِّ أَلْفَاظ وَأكْمل سِيَاقِهِ؛ قَالَ: وَكَانَ أبو بصير يُصَلِّي لأصْحابِهِ، وكان يُكثِر من قولِ الله العليِّ الأكبرِ، مَنْ يَنْصُرُ الله فَسَوْفَ يَنْصُرُهْ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمِ أبو جندلٍ كَانَ هُوَ يَؤمُّهم، واجتمع إلى أبي جندل حين سمع بقدومه ناسٌ من بني غفار وأسلم وجهينة وطوائف من العرب، حتى بلغوا ثلاثمائة وهم مسلمون، فأقاموا مع أبي جندل وأبي بصير لا يمرُّ بهم عِيْرٌ لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها، وذكر مرورَ أبي العاص بن الرّبيع بهم وقصَّتَه.
وفي رواية: أن أبا بصير حبسه المشركون بمكة عَنِ الهجرة، وذلك قبل عام الحديبية، فلما نزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الحديبية وقَاضَى قريشًا عَلَى ما قاضاهم عليه وقدم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينةَ، أفلتَ أبو بَصِير من قومه فسار على قَدَمَيْه إلى المدينة سَعْيًا، فَأَتى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكتبَ الأَخْنَسُ بن شَرِيق الثقفي حليفُ بني زُهْرَة، وأَزْهَرُ بن عَوف الزُّهْرِيّ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فيه كتابًا، وبعثا إليه رجلًا من بني عامر بن لُؤَيّ وهو خُنَيْس بن جابر استأجراه بِبَكْرٍ، ابنِ لَبُون، وسألا رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن يَرُدّ أَبَا بَصِير إليهما عَلَى ما اصطلحوا عليه يوم الحديبية، أن يَرُدّ إليهم من أتاه منهم، فخرج خنيس بن جابر ومعه مولًى له يقال له كَوْثَر، فَقَدِما عَلَى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، بكتاب الأَخْنَس بن شَرِيق، وَأَزْهر بن عبد عَوف، فقرأه ودفع أبا بَصِير إليهما، فخرجا به، فلما كانوا بذي الحُلَيْفَة عَدَا أَبو بَصِير عَلَى خُنَيس بن جابر فقتله بسيفه، وهرب منه كوثَرُ حتى قدم المدينةَ، فأخبر رَسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورجع أَبو بَصِير فقال: وَفَتْ ذِمَّتُكَ يا رسول الله، دَفَعْتَنِي إليهم فَخشِيتُ أن يفتنوني عن ديني فامتنعتُ. فقال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، لكوثَر: "خُذْه فاذهب به"، قال: إني أخاف أن يقتلني، فتركه، ورجع إلى مكة فأخبر قريشا بما كان مِنْ أَبِي بَصِير، وجاء بسَلَب خُنَيس بن جابر العامري إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: خَمِّسْهُ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، "إني إذَا خَمّستُه رأوا أَني لم أُوفِ لهم بالذي عاهدتُهم عليه، ولكن شَأْنك به! واذهب حيث شئتَ". وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "وَيْلُ أُمِّه، مِحَشٌ حَرْبٍ لو كان معه رجال!" فخرج أبو بصير إلى العِيص فنزل ناحيةً على طريق عِير قريش إلى الشام، فجعل مَنْ بمكة مِنَ المسلمين المحبسين يتسلَّلُونَ إلى أَبِي بَصِير، فاجتمع عنده قريبا من سبعين رجلًا، فجعلوا لا يظفَرون بأحدٍ من قريش إلا قتلوه، وَلاَ بِعِيرٍ لهم إلا اقتطعوها، حتى أَحرقوا قُريشا، فكتبت قريش إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يَسْأَلونه بأرحامهم، إلا أدخل أبا بَصير وأصحابَه إليه، فلا حاجة لنا بهم؟ فكتب رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى أَبَي بصِير أن يَقْدَم عليه ويقدم بأصحابه معه، فجاءه الكتابُ وهو يموت، فجعل يقرأه ويقبِّله، ويضعه على عينِه وهو في يده، فغسله أصحابه وصلوا عليه ودفنوه هناك، وبَنَوْا عندَ قبره مسجدًا، ثم قَدِمُوا عَلَى رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبروه، بِخَبَرِ أَبِي بَصِير وَمَوْتِه ووصول كتاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وما صنع به، فَرَحَّمَ عليه، وكان فيمن لحق بأبي بصير الوليد ابن الوليد بن المغيرة وأبو جندل بن سهيل بن عمرو.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال