تسجيل الدخول


أبو عقيل الجعدي

أَبو عَقِيل الجعدي، وقيل: المُلَيْلي:
قال مِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَة: خرجنا حُجَّاجًا مع عمر بن الخطاب، فنزلنا الأَبواءَ، فإِذا نحن بشيخ على قارعة الطريق، فقال الشيخ: أَيها الركب، قفوا. فقال عمر: قل يا شيخ. قال: أَفيكم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: أَمسكوا لا يَتَكَلَّمَنَّ أَحد، ثم قال: أَتعقل يا شيخ؟ قال: العقل ساقني إِلى هاهنا، وقال له عمر: متى توفي النبي صَلَّى الله عليه وسلم! قال: وقد توفي؟ قال: نعم. فبكى حتى ظننا أَنَّ نفْسَه ستخرج من بين جنبيه. قال: فمن ولي الأَمر بعده؟ قال: أَبو بكر. قال: نحيف بني تَيمٍ؟ قال: نعم. قال: أَفيكم هو؟ قال: لا. قال: وقد توفي؟ قال: نعم. قال: فبكى حتى سمعنا لبكائه نشيجًا. قال: فمن ولي الأَمرَ بعده؟ قال: عمر بن الخطاب. قال: فأَين كانوا عن أَبيض بني أُمية؟ ــ يريد عثمان ــ فإِنه كان أَلين جانبًا وأَقربَ. قال: قد كان ذاك! قال: إِن كانت صداقة عمر لأَبي بكر لَمُسْلِمَتَهُ إِلى خير، أَفيكم هو؟ قال: هو الذي يكلمك منذ اليوم. قال: فأَغِثْنِي، فإِني لم أَجد مُغِيثًا. قال عمر: مَن أَنت، بَلَغَكَ الغوثُ؟ قال: أَنا أَبو عَقِيل أَحد بني مُلَيل، لقيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على رَدهة بني جعل، دَعَاني إِلى الإِسلام فآمنت به، وسقاني شربة من سَوِيق، شرب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَوّلها وشربت آخرها، فما بَرِحتُ أَجد شِبَعها إِذا جُعتُ، وِرِيَّها إِذا عَطِشْتُ وبَردَها إِذا ضَحَيتُ، ثم تيممت في رأس الأَبيض بقُطَيَعةِ غَنَم لي، أُصلي وأَصوم رمضان، حتى أَلَمَّتْ بنا هذه السنة، فما أَبقت منها إِلا شاة واحِدة كنا ننتفع بدِرَّتها، فَعَيَّبها الذئب البارحة الأُولى، فأَدركنا ذَكَاتَها، وبَلَغناك ببعض، فأَغِثْ أَغاثكَ الله عز وجل، فقال عمر: بَلَغَكَ الغوثُ أَدركني على الماءِ. قال المِسوَر: فنزلنا المنزل، وكأَني أَنظر إِلى عمر مُقْعِيا على قارعة الطريق، آخذًا بزمام ناقته، لم يطعم طَعامًا، بل ينتظر الشيخ ومن معه، فلَما رَحَل الناس دعا عمرُ صاحب الماءِ، فوصف له الشيخ، وقال: إِذا أَتى عليك فأَنفق عليه وعلى أَهله، حتى أَعود إِليك إِن شاءَ الله عز وجل. قال المسور: فقضينا حجنا وانصرفنا، فلما نزلنا المنزل دعا عمر صاحب الماءِ وسأَله عن الشيخ؛ فقال: أَتاني وهو مَوْعُوكٌ فمرض عندي ثلاثًا، فمات فدفنته، وهذا قبره. قال: فكأَني أَنظر إِلى عمر وقد وثب حتى وقف على القبر، فصلى عليه، ثم اعتنقه وبكى، وحمل أَهله معه، فلم يزل ينفق عليهم حتى قُبِض. أَخرجه أَبو موسى، واختصره أبو عمر فقال: روى عنه أسلم مولى عمر؛ قال: شرب رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم شربةً من سويق، وأعطاني آخرها(*)، وجعل ابن الأثير أبا عقيل الجعدي، وأبا عقيل المليلي واحدًا؛ ولكن مدار حديث المُلَيْلِي على المِسْوَر بن مخرمة، وهذا قد قال أبو عمر: إنه عن أسلم مولى عمر. فالله أعلم.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال