تخريج الأحاديث
، عن سعيد عن عَمرو، قالا: قَدِمَ وفدُ بني تميم فيهم عشرة من رؤسائهم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيمن سَبَى عُيينَة بن حِصن من ذراريهم ونسائهم حين وجّهه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سَرِية إلى بني العنبر، فدخلوا المسجد وقد أَذّن بلالٌ الظهرَ والناس ينتظرون خُروجَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَعَجَّلُوا خُروجَه فنادَوه من وراء الحجرات: يا محمد، اخرج إلينا! فقام إليهم بِلال فقال: إن رسول الله صَلَّى الله عليه سلم يخرج الآن، واشتهر أهلُ المسجد أصواتهم، فجعلوا يُخَفِّضُونهم بأيديهم، فخرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأقام بلال الصلاة، فتعلقوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يكلمونه، فوقف معهم مَليًّا، وهم يقولون: أتيناك بخطيبنا وشاعرنا فاستمع منّا. فَتَبَسّم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم مضى فصلى بالناس الظهر، ثم انصرف إلى بيته فركع ركعتين، ثم خرج فجلس في صحن المسجد، وقدّموا عُطَارِد بن حاجب التميمي، فخطب فقال: الحمد لله الذي له الفضل علينا، والذي جعلنا ملوكا، وأعطانا الأموال نفعل فيها المعروفَ، وجعلنا أعز أهل المشرق، وأكثرهم مالا وأكثرهم عددا، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برءوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن يفاخرنا. فليعدّد مثل ما عدّدنا! ولو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكنا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله، أقول هذا لِأَنْ يُؤْتَى بقولٍ هو أفضل من قولنا؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: "قُمْ فأجبْ خطِيبَهم"! فقام ثابت ـــ وما كان دَرَى من ذلك بشيء، وما هَيَّأ قبل ذلك ما يقول ـــ فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خَلقُه، قضى فيهما أَمْرَه، وَوَسِع كلَّ شيء عِلمُه، فلم يَكُ شيء إلا من فضله، ثم كان مما قَدَّر أن جعلنا ملوكا، واصطفى لنا من خلقه رسولا، أكرمهم نسبا، وأحسنهم زِيًّا، وأصدقهم حديثا، أنزل عليه كتابَه، وائتمنه على خلقه، وكان خِيرَتَه من عباده، فدعا إلى الإيمان، فآمن المهاجرون من قومه من ذوي رحمه، أصبح الناس وجوها، وأفضل الناس أفعالا، ثم كنا أول الناس إجابة حين دعانا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنحن أنصار الله ورسوله، نقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن آمن بالله ورسوله مَنَعَ منا مالَه ودمَه، ومن كفر بالله ورسوله جاهدناه في ذلك، وكان قَتلُه علينا يسيرًا، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، ثم جلس قالوا: يا رسول الله ائذنْ لشاعرنا، فأذن له فأقاموا الزبرقان بن بدر، فأنشد قصيدتَه التي فيها:
نَحْنُ الْمُلُوك فَلَا حَيٌّ يُفاخِرُنا فينا الملوكُ وفينا تُنْصَبُ البِيَعُ
حتى أتى عليها؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَجِبْهُم يا حسَّان"، فقام حسان بن ثابت فأنشد قصيدته التي فيها:
إنّ الذوائبَ مِنْ فِهْرٍ وَإِخْوَتِهِمْ قَدْ شَرَعُوا سُنَّةً للناس تُتَّبَعُ
حتى أتى على آخرها.
وقد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَمَر بِمِنْبر، فَوُضع في المسجد يُنْشِد عليه حسانُ بن ثابت، وقال: "إن الله ليؤيد حَسّان بروح القدس ما نافح عن نبيه". وسُرّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والمسلمون يومئذ بمقام ثابت بن قيس بن شماس وخطبته، وشِعْر حسان بن ثابت. وخلا الوفد بعضهم إلى بعض، فقال قائلهم: تعلمُنّ والله أَنَّ هذا الرجل مُؤيَّد مصنوع له، والله لخطيبه أخطب من خَطِيبنا، ولشاعِرُه أشعَرُ من شاعِرنا، ولهم أحلم منّا! فردّ عليهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الأسرَى والسبيَ، وأنزل الله على نبيه صَلَّى الله عليه وسلم في رفع أصوات التميميّين الذين نادَوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من وراء الحُجُرات فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [سورة الحجرات: 2] {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] يعني تميمًا حين نادوا النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكان ثابت بن قيس من أجهر الناس صوتا، فكان حين نزلت هذه الآية لا يرفع صوته عند النبي صَلَّى الله عليه وسلم.
الكتاب
الراوي
سنن أبي داود
عائشة
سنن الترمذي
عائشة
مسند أحمد
عائشة
المصدر
سنن الترمذي
التخريج
بالمعنى
رقم الحديث
2773
الكتاب :
الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الباب :
ما جاء في إنشاد الشعر
الراوي :
عائشة
التعليق :
وهو جزء منه