تخريج الأحاديث


عن أم ذرّ زوجة أبي ذرّ، قالت: لما حضرت أبا [[ذر]] الوفاة بكيْتُ. فقال لي: ما يبْكيك؟ فقلت: ومَا لِي لا أَبْكي وأنت تموت بِفلَاةٍ من الأرض، وليس عندي ثوبٌ يَسَعك كفنًا لي ولا لك؟ ولا يَدَ لي للقيام بجهازك. قال: فابْشِري وَلَا تَبْكِي؛ فإني سَمِعْتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، يقولُ:‏ "لَا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَيَصْبِرَانِ وَيَحْتَسِبَانِ فَيَرَيَانِ النَّارَ أَبَدًا‏" أخرجه البخاري في الصحيح 8/167، ومسلم في الصحيح 4/2028، كتاب البر والصلة والآداب (45)، باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه (47)، حديث رقم (150/2632، 151/2632، 1520/2633، 153/2625)، والترمذي في السنن 4/374، كتاب الجنائز (8)، باب ما جاء في ثواب من قدم ولدًا (65)، حديث رقم 1060، قاله أبو عيسى: حسن صحيح، والبيهقي في السنن 4/67، 7/78، وأحمد في المسند 2/378.، وقد مات لنا ثلاثة من الولد، وإني سمعْتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لنفَر أنا فيهم: "لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، تَشْهِدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏"، وليس من أولئك النفَر أحدُ إلّا وَقد مات في قَرْيَة وجماعة، فأنا ذلك الرّجل، والله ما كذَبت ولا كُذبت فأبْصِري الطريقَ. قلت: وأنَّى وقد ذهب الحاجُّ، وتقطَّعَتِ الطّريق؟ قال: اذهبي فتبصَّري. قالت: فكنْتُ أشتدُّ إلى الكثيب فأنظر ثم أرجع إليه فأمرضُه، فبينما هو وأنا كذلك، إذ أنا برجال على رِحَالهم كأنهم الرّخم تحثّ بهم رواحلهم، فأسرعوا إليّ حتى وقفُوا عليّ فقالوا: يا أمَةَ الله، ما لك؟ قلت: امرؤ من المسلمين يموتُ، تُكَفّنونه؟ قالوا: ومَنْ هو؟ قلت: أبو ذرّ. قالوا: صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قلت:‏ نعم. قالت: فَفَدوْه بآبائهم وأمهاتهم، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه، فقال لهم: أَبْشِروا، فإنِّي سمعْتُ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم يقول لنَفَرٍ أنا فيهم:‏ "لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ". وليس من أولئك النّفر أحدٌ إلّا وقد هلك في قرية وجماعة، واللهِ ما كَذَبْت، ولا كذبت، ولو كان عندي ثوبٌ يسعُني كفنًا لي أو لامرأتي لم أكفَّنْ إلا في ثوب هو لي أو لها، وإني أنشدكم لله ألا يكفنني رجل منكم كان أميرًا أو عريفًا أو بريدًا أو نقيبًا، وليس من أولئك النّفر أحدٌ إلا وقد قارف بعْضَ ما قال، إلّا فتًى من الأنصار، فقال: أنا أَكفّنك يا عم في ردائي هذا، وفي ثوبين في عَيْبتي من غزْل أمّي. قال: أنت تكفنني يا بني.

قال: فكفّنه الأنصاريُّ وغسَّله في النّفر الذين حضَرُوه، وقامُوا عليه وَدفَنُوه في نفرٍ كلهم يَمَان.



الكتابالراوي
مسند أحمد أبو ذر
مسند أحمد أبو ذر