تخريج الأحاديث


عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قالت أمّ حبيبة: رأيتُ في النوم عبيد الله بن جحش زوجي بأَسْوَإِ صورة وأَشْوَهه ففزعتُ، فقلتُ تغيَّرَتْ والله حاله! فإذا هو يقول حيث أصبح: يا أمّ حبيبة، إني نظرتُ في الدِّين فلم أرَ دينًا خيرًا من النصرانيّـة، وكنت قد دِنتُ بها، ثمّ دخلت في دين محمّد ثمّ قد رجعت إلى النصرانيّة، فقلت: والله ما خير لك، وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له فلم يحفل بها وأكبَّ على الخمر حتى مات فأرى في النوم كأنّ آتيًا يقول يا أمّ المؤمنين، فَفَزِعَتُ فأوّلتها أنّ رسول الله يتزوجني.

قالت فما هو إلا أن انقضت عدّتي فما شعرت إلا برسول النجاشيّ عَلَى بَابِي يستأذن فإذا جارية له يقال لها أَبْرَهة، كانت تقوم على ثيابه ودُهْنِه فَدَخَلتْ عَلَيَّ فقالت: إنّ الملك يقول لكِ إنّ رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، كتب إليّ أن أزوّجكه.

فقالت: بشّركِ الله بخير. قالت: يقول لك الملك وكِّلي مَن يزوّجك. فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكّلته وأعطت أبرهة سِوَارين من فضّة وخَدَمَتَيِنْ كانتا في رجليها وخواتيم فضّة كانت في أصابع رجليها سرورًا بما بشّرتها.

فلمّا كان العشيّ أَمرَ النَّجَاشيّ جعفرَ بن أبي طالب ومَنْ هناك من المسلمين فحضروا فخطب النجاشي فقال: الحمد لله الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن العَزِيز الجبّار، أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا عبده ورسوله وأنّه الذي بشّر به عيسى ابن مريم، صَلَّى الله عليه وسلم، أمّا بعد فإنّ رسول الله كتب إليّ أن أزوّجه أمّ حَبيبة بنت أبي سفيان فأجبتُ إلى ما دعا إليه رسول الله وقد أصدقتها أربعمائة دينار. ثمّ سَكَبَ الدّنانير بين يدي القوم فتكلّم خالد بن سعيد فقال: الحمدُ لله أحمده وأستعينه وأستنصره وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمّدًا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون، أمّا بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله وزوّجته أمّ حبيبة بنت أبي سفيان فبارك الله رسول الله.ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها ثمّ أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإنُّ سنّة الأنبياء إذا تزوّجوا أن يؤكل طعام على التزويج. فدعا بطعام فأكلوا ثمّ تفرّقوا.

قالت أمّ حبيبة: فلمّا وصل إلَيّ المالُ أرسلت إلى أَبْرَهَةَ التي بَشَّرَتْنِي فقلتُ لها: إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي فهذه خمسون مثقاًلا فخذيها فاستعيني بها. فأبت، فأخرجتْ حُقًّا فيه كلّ ما كنت أعطيتها فردّتهُ عليّ وقالت: عَزَمَ عَلَيَّ الملكُ أن لا أرزأك شيئًا وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتّبعت دينَ محمّد رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكلّ ما عندهنّ من العطر. قالت: فلما كان الغد جاءتني بعُود وَوَرْس وعنبر وزَبَادٍ كثير، فقدمت بذلك كلّه على النبيّ، صَلَّى الله عليه وسلم، فكان يراه عَلَيَّ وعندي فلا ينكره، ثمّ قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله مني السلام وتُعْلميه أني قد اتّبعت دينه. قالت: ثمّ لطفت بي وكانت التي جهّزتني فكانت كلّما دخلت عليّ تقول: لا تنسيْ حاجتي إليك. قالت فلمّا قدمت على رسول الله أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلتْ بي أبرهة، فتبسم رسول الله، وأقرأته منها السلام فقال: "وعليها السلام ورحمة الله وبركاته".



الكتابالراوي
سنن أبي داود أم حبيبة
سنن أبي داود أم حبيبة
مسند أحمد أم حبيبة