تخريج الأحاديث
عن موسى بن جُبَيْر، عن شيوخٍ من أهل المدينة قالوا: كتب عُمر بن الخطاب إلى عَمْرو بن العاص: أما بعد، فإني قد فرضت لمن قبلي في الديوان ولذريتهم ولمن وَرَدَ علينا بالمدينة من أهل اليمن وغيرهم ممن توجه إليك وإلى البُلدان، فانظر من فرضتُ له ونزل بك، فادْررْ عليه العطاءَ وعلى ذريته، ومن نزل بك ممن لم أفرض له فافرض له على نحوٍ ممّا رأيتني فرضتُ لأشباهه، وخُذ لنفسك مائتي دينار، فهذه فرائض أهل بدرٍ من المهاجرين والأنصار، ولم أبلغ بهذا أحدًا من نُظَرائك غيرك، لأنك من عمال المسلمين، فألحقتك بأرفع ذلك، وقد علمتُ أَنّ مُؤَنًا تَلْزَمُك، فَوَفِّر الخراجَ وخذه من حَقِّهِ ثم عِفَّ عنه بعد جمعه، فإذا حصل إليك وجمعتَه أخرجتَ عطاءَ المسلمين وذريتهم وما تحتاج إليه ممّا لا بد منه، ثم انظر فيما فضل بعد ذلك فَاحْمِلْهُ إِلَيَّ، واعلم أنّ ما قبلك من أرض مصر ليس فيه خُمسٌ، وإنما هي أرض صلح وما فيها للمسلمين فيءٌ، تبدأ بمن أغنى عنهم في ثغورهم وأجزأ عنهم في أعمالهم، ثم تَفُضّ ما فَضَل بعد ذلك عَلَى مَنْ سَمَّى الله.
واعلم يا عَمْرو أن الله يراك ويرى عملك ويعلم من سريرتك ما يعلم من علانيتك، فليكن مُقْتَدًى بك في سِيرَتِك وعملك، فإنه قال تبارك وتعالى في كتابه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [ سورة الفرقان: 74] يريد أن يُقْتدى وأن معك أهل ذمة وعهدٍ قد أوصى رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بهم، وأوصى بالقبط فقال: "اسْتَوْصُوا بالقبط خَيْرًا فإنّ لهم ذِمَّةً وَرَحِمًا"، ورحمهم: أَنّ أُمَّ إسماعيل منهم. وقد قال رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم: "مَن ظَلَم معاهدًا وكلّفه فوق طاقتهِ فَأَنَا خصْمُهُ يوم القيامة"، احْذَرْ يَا عَمْرو أن يكون رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، لك خصمًا، فإنه من خاصمه خصمه، والله يا عمرو، لقد ابتليتُ بولايةِ هذه الأمة، وأنستُ من نفسي ضعفًا وانتشرت رعيَّتي، ورقَّ عظمي، فأسألُ الله أَنْ يقبضني إليه غير مُفرطٍ، والله إني لأخشى لو مات حَمَلٌ بأقصى عملك ضياعًا، أن أُسْأَلَ عنه يوم القيامة.
الكتاب
الراوي
سنن أبي داود
صفوان بن سليم عن عدة من أبناء الصحابة عن آبائهم