تخريج الأحاديث


حدّثني ابن قَمَاذِين قال: لم يكن أحد من كُبراء قريش الذين تأخَّر إسلامهم فأسلَموا يوم فتح مكة، أكثر صلاةً ولا صومًا ولا صَدقة، ولا أَقبلَ على ما يَعنيه من أمر الآخرة، من سُهَيل بن عمرو، حتى إن كان لقد شحب وتغيّر لونه، وكان كثير البكاء رقيقًا عند قراءة القرآن.

لقد رُئِي يختلف إلى مُعاذ بن جَبَل يُقْرِئُه القرآن وهو بمكة، حتى خرج مُعاذ من مكة، وحتى قال له ضِرَار بن الخطاب: يا أَبا يزيد: تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئك القرآن! ألا يكون اختلافك إلى رجل من قومك من قريش؟ فقال: يا ضرار، هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كل السبق، إني لعمري أَخْتَلِف إليه، فقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله أقوامًا بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فَتَقَدّمنا، وإني لأذكر ما قسم الله لي في تَقَدُّم إسلام أهل بيتي، الرجال والنساء ومولاي عُمَيْر بن عوف فأَسرّ به وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله نفعني بدعائهم ألا أكون مت على ما مات عليه نظرائي وقتلوا.

وقد شهدت مواطن كلها أنا فيها مُعَانِد للحق: يوم بدر ويوم أُحد والخندق، وأنا وُلِّيت أَمْر الكتاب يوم الحديبية. يا ضِرار، إني لأذكر مراجعتي رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، يومئذ، وما كنتُ ألط به من الباطل، فأستحيي من رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وأنا بمكة وهو بالمدينة، ولكن ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك، وانظر إلى ابني عبد الله ومولاي عُمير بن عوف قد فرّا مني فصارا في حيز محمد، وما عمي عليَّ يومئذ من الحق لما أنا فيه من الجهالة، وما أراد بهما الله من الخير، ثم قتل ابني عبد الله بن سهيل يوم اليمامة شهيدًا. عزاني به أبو بكر وقال: قال رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم: "إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته"، فأنا أرجو أن أكون أول من يشفع له.



الكتابالراوي
سنن أبي داود أبو الدرداء
سنن الترمذي المقدام بن معدي كرب
سنن ابن ماجه المقدام بن معد يكرب