تخريج الأحاديث


قال عثمان بن طلحة: لقيني رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بمكة قبل الهجرة، فدعاني إلى الإسلام فقلتُ: يا محمد العجبُ لك حيثُ تَطمَعُ أن أتّبعك وقد خالفتَ دينَ قَوْمِكَ وجئتَ بدينٍ مُحدَثٍ، فَفَرّقتَ جماعَتَهم وأُلْفَتَهُم، وأذهَبتَ بهاءهم فانصرف.

وكنا نفتح الكعبةَ في الجاهلية يوم الاثين والخميس، فأقبل النبي صَلَّى الله عليه وسلم يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فَغَلَّظتُ عليه ونلت منه، وَحَلُمَ عَنِّي. ثم قال: يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يومًا بِيَدِي أَضَعُه حَيْثُ شِئْتُ فقلت: لقد هلكت قريشُ يومئذٍ وَذَلَّت. فقال رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم: بل عَمِرَتْ وعزَّت يومئذٍ، ودخل الكعبة فَوَقَعَتْ كلمتُه مني موقعًا ظننتُ يومئذٍ أن الأمر سيصير إلى ما قال.

قال: فأردتُ الإسلام ومُقاربةَ محمدٍ، صَلَّى الله عليه وسلم، فإذا قومي يَزْبُرُونني زَبْرًا شديدًا ويُزْرُونَ برأيي، فأمسكت عن ذكره. فما هاجر رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، إلى المدينة جعلتْ قريشٌ تُشفِقُ من رجوعه عليها. فَهُم على ما هم عليه حتى جاء النفيرُ إلى بَدْر، فخرجْتُ فيمن خرج من قومنا, وشهدتُ المشاهدَ كُلَّها معهم على رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم.

فلما دخَل رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، مكة عام القَضِيَّة غَيَّر الله قلبي عَمَّا كان عليه، ودخلني الإسلام، وجعلت أفكر فيما نحن عليه، وما نعبدُ من حَجَر لا يسمعُ ولا يبصرُ ولا ينفعُ ولا يضرُّ، وأنظر إلى رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وأصحابه، وظَلَفِ أنفسهم عن الدنيا، فيقع ذلك منّي فأقول: ما عمِلَ القومُ إلا على الثواب لما يكون
بعد الموت، وجعلتُ أحبُّ النظر إلى رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، إلى أَنْ رأيتُه خارجًا من باب بني شَيْبَة يريد مَنزِلَهُ بالأَبْطَح، فأردتُ أن آتِيَه وآخُذَ بيده وأُسلِّم عليه، فلم يُعْزَمْ لي على ذلك، وانصرفَ رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، راجعًا إلى المدينة، ثم عُزِمَ لي على الخروج إليه, فأدْلجتُ إلى بطن يَأَجَج, فألقى خالدَ بن الوليد, فاصطحبنا حتى وصلنا الهَدَةَ, فما شعرنا إلا بعمرو بن العاص, فانقمعنا منه وانقمع منّا, ثم قال: أين يُريدُ الرجلان؟ فأخبرناه، فقال: وأنا أريد الدي تريدان، فاصطحبنا جميعا حتى قدمنا المدينة على رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فبايعته على الإسلام، وأقمت حتى خرجت معه في غزوة الفتح, ودخل مكة فقال لي: "يا عثمان ائْتِ بالمفتاح", فأتيتُهُ بهِ، فأخذه مني ثم دفعه إليّ مُضْطَبِعًا عليه بثوبه, وقال: "خُذها تالدةً خالدةً, لا ينزعُها منكم إلا ظالم: يا عثمان, إن الله استأمنكم على بيته, فكلوا مما يصلُ إليكم من هذا البيت بالمعروف". قال عثمان: فلما ولَّيتُ ناداني، فرجعت إليه فقال: "ألم يكن الذي قلتُ لك؟ قال: فذكرت قوله، صَلَّى الله عليه وسلم, لي بمكة قبل الهجرة: "لعلك سترى هذا المفتاح يومًا أضعه حيث شئت" فقلت: بلى أشهد أَنَّكَ رسولُ الله.



هذا الحديث لم نجد له تخريجا في الكتب التسعة