تخريج الأحاديث


عن زيد بن أرقم فيما ذكرنا أنه غزا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. فقال: هذا إسناد العراق، هكذا يقولون. وأمّا في روايتنا ورواية غيرنا من أهل البلد والعِلم بالسيرة: فأول غزوة غزاها زيد بن أرقم حين بلغ الحلم مع رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، غزوة المُرَيْسِيع، فَحَضَرَ كلامَ عبد الله بن أُبَيّ بن سلول حين غضب من دعاء جَهْجَاه بن سعيد: يا آل قريش! فذكر المهاجرين فقال: قَدْ نَافَرُونا وكَاثَرونا في بلدنا، وأنكروا مِنَّتَنَا، ثم أقبل على من حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، فنزلوا منازلكم، وآسيتموهم في أموالكم، وجعلتم أنفسكم أغراضًا للمنايا، فَقُتِلْتُم دونهُ، فَأَيْتَمْتُم أولادَكم، وقللتم وكثروا. والله، لقد ظننتُ أَني سأموت قبل أَن أَسمع جهجاه يهتف بما هتف به. أَمَا والله، لئن رجعنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنّ الأَعَزُّ منها الأذَلّ! فى كلامٍ له يومئذٍ كثير.

فقام زيد بن أرقم بهذا الحديث كلّه إلى رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره به، فكَرِهَ رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، خبرهُ وتغيرَ وجهَهُ، وقال: "ياغلام لعلك غضبتَ عليه!" قال: لا والله، لقد سمعتُهُ منهُ، قال: "لعلَّه أَخطأ سمعك!" قال: لا والله يا نبي الله! قال: "فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عليك!" قال: لا والله لقد سمعته منه يا رسول الله! وشاع الحديث فى العسكر، فأقبل رَهْطٌ مِن الأنصار يُؤنِّبُونَ زيدًا ويلومونهُ ويقولون: عمدت إلى سيد قومك تقول عليه ما لم يقل، وقد ظلمتَ وقطعت الرحم! فقال زيدٌ: والله لقد سمعتهُ منهُ! ووالله ما كان في الخزرج رجلٌ أحبّ إِلى أَبِي من عبد الله بن أُبَيّ، ووالله لو سمعتُ هذه المقالة من أَبِي لنقلتها إلى رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وإني لأرجوا أن يُنْزل الله على نبيه تصديق قولي. وجعل زيدٌ يقول: الّلهُم، أَنزل على نبيّك ما يُصدق حديثي! ومشى ابنُ أُبَيّ إلى رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فجعل يحلف بالله ما قلتُ ما قال زيد ولا تكلمتُ به. وكان في القومِ شريفًا فَظَانٌّ يظنُّ أنه قد صدق، وَظَانٌّ يظنُّ بهِ أسوأ الظن، لما كانوا يعرفون من رأيه ونفاقه.

وسار رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، من ساعتهِ راجعًا إلى المدينة، وجعل زيدٌ يعارض رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، في المسيرَ يُريهُ وجههُ، إذ نزل على رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، الوحيُ فَسُرِّي عنه، فأخذ بأُذن زيد بن أرقم وهو على راحلته حتى ارتفع من مقعدهِ ويرفع أذنهُ إلى السماء وهو يقول: وَفَتْ أُذُنُك يا غلام، وصدّق الله حَدِيثَك ونزلت في ابن أُبَيّ السورة: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} إلى آخِرها.



الكتابالراوي
صحيح البخاري زيد بن أرقم رضى الله عنه
صحيح البخاري زيد بن أرقم
صحيح البخاري زيد بن أرقم رضى الله عنه
المصدر
صحيح البخاري
التخريج
بالمعنى
رقم الحديث
4520
الكتاب : تفسير القرآن(الرحمن الرحيم) اسمان من الرحمة الرحيم والراحم بمعنى واحد كالعليم والعالم
الباب : قوله (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله) إلى (لكاذبون)
الراوي : زيد بن أرقم
التعليق : مختصرا