تخريج الأحاديث



عن ابن إِسحاق، قال: كان الطفيل بن عمرو الدَّوْسي يُحَدِّث أَنه قَدِم مكة ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بها، فَمَشى إِليه رجال من قريش، وكان الطفيل شريفًا شاعرًا لبيبًا، فقالوا: يا طفيل، إِنك قدمـت بلادنا، وهذا الرجل بين أَظهرنا، قد عَضَل بنا وفَرَّق جماعتنا، وإِنما قوله كالسحر، يُفَرِّق بين الرجل وبين أَبيه، وبين الرجل وبين أَخيه، وبينه وبين زوجه، وإِنما نخشى عليك وعلى قومك، فلا تكلمه ولا تسمع منه.

قال: فوالله ما زالوا بي حتى أَجمعت أَن لا أَسمع منه شيئًا ولا أُكلمه، حتى حَشَوتُ أُذُنَيَّ كُرسفًا، فَرَقًا أَن يبلغني من قوله، وأَنا أُريد أَن لا أَسمعه.

قال: فَغَدوت إِلى المسجد فإِذا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قائم يُصَلِّي عند الكعبة، قال: فقمت قريبًا منه، فأَبى الله إلا أَن يُسْمِعَني قوله، فسمعت كلامًا حسنًا، قال: فقلت في نفسي: واثُكْلَ أُمِّي! والله إِني لرجل شاعر لبيب ما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أَن أَسمع هذا الرجل ما يقول! إِن كان الذي يأْتي به حسنًا قَبِلْتُه، وإِن كان قبيحًا تركته.
قال: فمكثت حتى انصرف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إِلى بيته، فتبعته، حتى إِذا دخل بيته دخلت عليه، فقلت: يا محمد، إِن قومـك قالوا لي كذا وكذا، ثم إِن الله أَبى إِلا أَن أَسمع قولك، فسمعت قولًا حسنًا، فَاعرِضْ عَليَّ أَمرك.
قال: فَعَرَض علي الإِسلام، وتلا علي القرآن، قال: فوالله ما سمعت قولًا قطُّ أَحْسَنَ مِنه، ولا أَمرًا أَعدل منه، فأَسلمت، وقلت: يا رسول الله، إِني امرؤٌ مطاع في قومي، وأَنا راجع إِليهم وداعيهم إِلى الإِسلام، فادع الله أَن يجعل لي آية، تكون لي عونًا عليهم فيما أَدعوهم إِليه. فقال: "اللَّهُمَّ، اجْعَلْ لَهُ آيَةً".

قال: فخرجت إِلى قومي حتى إِذا كنت بِثَنِيَّة تطلعني على الحاضر، وقع نور بين عيني مثل المصباح، قال: فقلت: اللهُمَّ، في غير وجهي؛ فإِني أَخشى أَن يظنوا أَنها مُثْلَة لفراقي دينهم. فتحولَتْ في رأْس سَوْطي، فجعل الحاضر يتراءَون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق، وأَنا أَهبط إِليهم من الثنية، فلما نزلت أَتاني أَبي، وكان شيخًا كبيرًا، فقلت: إِليك عني أَبَة، فلستُ منك ولست مني. قال: ولم، أَيْ بنَُيَّ؟ قلت: إِني أَسلمت. قال: أَيْ بني، فديني دينك، فأَسلم. ثم أَتتني صاحبتي، فقلت لها مثل ذلك، فأَسلمت، وقالت: أَيـُخَافَ عَلَيَّ من ذِي الشَّرى؟ ـ صَنَمٍ لهم ـ فقلت: لا، أَنا ضامن لذلك.

ثم دعوت دَوْسًـا فأَبطئوا عن الإِسلام، فرجعت إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بمكة، فقلت: يا رسول الله، إِنه قد غلبني على دَوْس الزنا، فادع الله عليهم. فقال: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ"



الكتابالراوي
صحيح البخاري أبو هريرة رضى الله عنه
صحيح البخاري أبو هريرة رضى الله عنه
صحيح البخاري أبو هريرة رضى الله عنه
المصدر
صحيح البخاري
التخريج
بالمعنى
رقم الحديث
4041
الكتاب : المغازي
الباب : قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
الراوي : أبو هريرة رضى الله عنه
التعليق : وهو جزء منه