تخريج الأحاديث
وكان صاحب غَارَاتٍ في الجاهلية، فخرج يُغِيرُ في بعض غاراته فَذُكِر له أن رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بخَيْبَرَ فأسلم وحَضَرَ مع رسول الله خَيْبَر، وكان مُكثرًا لهُ مالُ معادنِ الذهب التي بأرض بني سُليم. فقال: يا رسول الله، ائذن لي حتى أذهب فآخذ مالي عند امرأتي، فإنها إن علمت بإسلامي لم آخذ منه شيئًا، وكانت امرأته أُمُّ شَيْبَة بنت عمير بن هاشم أخت مصعب بن عمير العَبْدرِيّ. فأذن له رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: لاَبُدَّ لي يا رسول الله مِنْ أن أقول، فأذن له رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، أن يقول ما شاء، فَقَدِمَ الحجاج مكة وأهلها.. يَتَحَسَّبُونَ الأخبارَ، وقد بلغهم أن رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، قد سار إلى خيبر، فقالوا: الخبر يا حجاج؟ فقال: عندي ما يسركم، لم يلق محمد وأصحابه قومًا يحسنون القتالَ غير أهل خَيابر. قد هُزم هزيمة لم يُسمع بمثلها قط وأُسِرَ محمدٌ أسرًا، فقالوا لَنْ نَقْتُلَه حتى نبعث به إلى أهل مكّة، قال: فصاحوا بمكّة وقالوا: قد جاءكم الخبر، فقلتُ أعينوني على جَمْعِ ما لي على غُرَمَائي فإنّي أريد أن أقدم فأصيبَ من غنائم محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجّار إلى ما هناك.
فقاموا فجمعوا لي مالي كأحثّ جَمْع سمِعتُ به، وجئتُ صاحبتي، وكان لي عندها مال، فقلتُ لها: ما لي لعلّي ألْحَقُ بخيبر فأُصيبَ من البيع قبل أن يسبقني التجّار.
وسمع بذلك العبّاس بن عبد المطّلب فانخزل ظَهْرُه فلم يستطع القيامَ فدعا غلامًا له يُقال له أبو زبيبة فقال: اذهب إلى الحجّاج فقُلْ يقول لك العبّاس الله أعلى وأجلّ من أن يكون الذي تُخْبُره حقًّا. فجاءه فقال الحجّاج: قل لأبي الفضل أخْلِني في بعض بيوتك حتى آتِيَك ظُهْرًا ببعض ما تحبّ واكتم عني. فأتاه ظهرًا فناشده الله ليكتمنّ عليه ثلاثة أيّام فواثقه العبّاس على ذلك، قال: فإنّي قد أسلمتُ ولي مال عند امرأتي ودَين على الناس ولو علموا بإسلامي لم يدفعوا إليّ شيئًا، تركتُ رسولَ الله، صَلَّى الله عليه وسلم، قد فتح خيبر وجَرَتْ سِهام الله ورسوله فيها وتركتُه عروسًا بابنة حُيَيّ بن أخطب، وقُتل بني أبي الحُقيق.
فلمّا أمسى الحجّاج من يومه ذلك خرج، وأقبل العبّاس بعدما مضى الأجلُ وعليه حُلّة وقد تخلّق بخلوق وأخذ في يده قضيبًا وأقبل يخطر حتى وقف على باب الحجّاج بن عِلاط فقرعه وقال: أين الحجّاج؟ فقالت امرأته: انطلق إلى غنائم محمد وأصحابه ليَشْتَريَ منها، فقال العبّاس: فإنّ الرجل ليس لك بزوج إلاّ أن تَتْبَعي دينَه، إنّه قد أسلم وحضر الفتح مع رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم.
ثمّ انصرف العبّاس إلى المسجد وقريش يتحدّثون بحديث الحجّاج بن علاط فقال العبّاس: كلا والذي حلفتم به، لقد افتتح رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، خيبر وتُركَ عروسًا على ابنة ملكهم حُيَيّ بن أخطب، فضرب أعناق بني أبي الحُقَيق البيض الجِعاد الذين رأيتموهم سادة النضير من يثرب وخيبر، وهرب الحجّاج بماله الذي عند امرأته. قالوا: مَن أخبرك هذا؟ قال: الصادق في نفسي الثقة في صدري الحجّاج فابعثوا إلى أهله. فبعثوا فوجدوا الحجّاج قد انطلق بماله ووجدوا كلّ ما قال لهم العبّاس حقًّا، فكُبِتَ المشركون وفرح المسلمون ولم تلبث قريش خمسة أيّام حتى جاءهم الخبر بذلك.
هذا كلّه حديث محمد بن عمر عن رجاله الذين روى عنهم غزوة خيبر.
الكتاب
الراوي
مسند أحمد
أنس