تخريج الأحاديث


قال عبد الحميد بن جعفر: فذكرتُ ذلك لرجل من ولد جرير بن عبد الله فقال: كنتُ أسمع من أبي وغيره أن رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، قال يومًا لجرير: "يا جرير، ألا تريحني من ذي الخلصة؟" قلت: بَلَى! والله يا رسول الله، فهو مما كنت أحب وأتمنى أن لا يهدمه غيري. قال: "فاخرج إليه في قومك حتى تهدمه إن شاء الله".

قال جرير: فذكرتُ بُعْدَ البلد، وإن خرجتُ على الإبل أبطأتُ، قلت ليس يشبه جرائد الخيل، وكنت لا فروسة لي، قد خبرت نفسي: ما ركبتُ فرسًا إلا صَرَعني فأكون منه ضمنًا، فتركتُ ركوب الخيل حتى كان الحي يمازحوني بذلك ويقولون: اركب الحمار والبعير، فذكرتُ ذلك لرسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فضربَ في صدري حتى رأيتُ أثر أصابعه في صدري، ثم قال: "اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا".

قال جرير: فقمتُ من عنده، والذي بَعثه بالحق ولكأني غير الذي كنت أعرف من نفسي، عمدتُ إلى فرس لرجل من أصحابي شَموس فركبته، ثم انطلقت عليه أشوره، فذل تحتي حتى كأنه شاة، فحمدتُ الله، ونفرتُ في خمسين ومائة رجل من أحمس، وكانوا أصحاب خَيل في الجاهلية، إنما يغيرون عليها ويُغار عليهم، فَقَلَّ ما أُصيب لهم نَهب إلا تخلصوه لنَجَابة خيلهم وفرسيتهم، وقَلَّ ما أصابوا نهبًا فأُدْرِكوا حتى يدخلوا مَأْمَنهُم.

قال جرير: فانتهيتُ إلى ذي الخلصة فإذا قومٌ ممسكون بالشرك يقولون: أنتم تقدرون عليها؟ قال: فقلتُ: سَتَرَوْنَ إن شاء الله. فأتناول قَبسًا من نار، وصِحْتُ بأصحابي يحملون الحشيش اليابس وهو حولنا ركام، ثم أضرمته عليه حتى صار الصنم مجردًا من كل ما كان عليه مثل الجَمَل الجَرب قد هُنِئ بالقَطِرَان.

قال: وبَعَثْتُ بشيرًا إلى النبي، صَلَّى الله عليه وسلم، يقال له أبو أَرْطَاة واسمه حسين ابن ربيعة فقلت له: أجِدَّ السَّيْرَ حتى تقدم على رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فتخبره بهدمها، قال: فركب فأغذّ السّير حتى قدم على رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فجعل يخبره والنبي، صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "أفهدمتموها؟" فجعل يقول: نعم والذي بعثك بالحق، ما جئتك حتى تركتها كأنها جَمَلٌ أجْرَب.



الكتابالراوي
صحيح البخاري جرير بن عبد الله
صحيح البخاري جرير
صحيح البخاري جرير