تخريج الأحاديث
وحدّثنا يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة، قالوا: كان سُويد بن الصامت ويُكنى أبا عَقِيل قد قتَل أبا مُجَذّر في وقعة التقوا فيها، فلما كان بعد ذلك جاء حُضَير الكتائب بني عمرو بن عوف، فوقف على مجلس سويد وهو يومئذ سيد بني عَمْرو بن عوف، فقال ألا تَزُورنا يا أبا عقيل؟ فنسقيك خَمرًا، ونَنْحَرُ لك جَزُورًا وتُقِيم عندنا أيامًا وتَزُورنا معك بهذين الفتَيين: خَوّات بن جُبَير، وأبي لُبابةَ بن عبد المُنْذِر - ويقال سهل بن حنيف - فقالوا: نحن نأتيك يوم كذا وكذا، فأتوه فَنَحرَ لهم جَزُورًا وسقاهم الخمرَ، فأقاموا عند ثلاثًا ثم انصرفوا.
فلما كانوا قريبا من غُصَيْنَة جلس سويد يبول، وهو ممتلئ سُكْرا، فَبَصُرَ به إنسان من الخزرج، فأتى المُجَذَّرَ بن ذِياد، فقال: هل لك في الغنيمة الباردة؟ سُويد! أعزل لا سلاح معه، ثمل! فخرج المُجَذَّرُ بالسيف صَلتًا، فلما رآه الفَتَيَانِ وَلّيَا، وهما أعزلان، وثبت الشيخ ولا حَراكَ به، فوقف عليه مُجَذَّر فقال: قد أمكنَ الله منك! فقال: وما تُريدُ بي؟ قال: قَتْلك. قال: فارفَعْ عن العظام واخْفِض عن الدِّماغ، وإذا رَجَعْتَ إلى أمك فَقُلْ: إني قَتلتُ سُوَيدَ بنَ الصامت، فقتله فهيَّج قَتْله وقعةَ بُعاث، وذلك قبل الإسلام، فلما قدم رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، المدينه أسلمَ الحارث بن سويد، ومُجَذَّر بن ذياد وشهدَا بدرًا، فجعل الحارث يطلب مُجَذَّرًا يقتله بأبيه، فلا يقدر عليه.
فلما كان يوم أُحُد وجَالَ المسلمون تلك الجولة أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه، فلما رجع رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، من حَمراء الأسد، أتاه جبريل فأخبره أن الحارث بن سُوَيد قَتل مُجَذَّر بن ذياد غِيلَةً، وأمره بقتله، فركب رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، إلى قُبَاء في ذلك اليوم، في يوم حار، فدخل مسجد قُبَاء فصلّى فيه، وسمعتْ به الأنصار فجاءت تُسَلِّم عليه، وأنكروا إتيانه في تلك الساعة وفي ذلك اليوم، حتى طلع الحارث بن سويد في مِلحفة مُوَرَّسة، فلما رآه رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، دعا عُوَيْمِ بنَ ساعدة، فقال: "قَدِّم الحارثَ بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقَه بمُجَذَّر بن ذِياد، فإنه قتله غِيلَةً"، فقال الحارث، قَدْ وَالله قتلته وما كان قتلي إياه رجوعًا عن الإسلام ولا ارتيابًا فيه، ولكنه حميّة الشيطان وأَمرٌ وُكِلْتُ فيه إلى نفسي. وإنّي أتوبُ إلى الله وإلى رسوله مما عَملتُ، وأُخْرِجُ دِيَتَهُ، وأصومُ شهرين متتابعين، وأعتق رقبة، وأُطعِم ستين مسكينًا، إنِّي أتوب إلى الله وإلى رسوله! وجَعل يُمْسِكُ بركاب رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وَرِجْلُ رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، في الرِكاب، وَرِجْل في الأرض، وبَنُو مُجَذَّر حُضُورٌ لا يقول رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، لهم شيئًا، حتى إذا استَوعَبَ كلامَه، قال: "قدِّمْه يا عُويم فاضربْ عُنُقَه"! وركب رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وقدّمَه عُويم على باب المسجد فضرب عنقه، فقال حسَّان بن ثابت:
يا حارِ في سِنَةٍ من نَومِِ أَوَّلِكُم أم كنتَ وَيْحَكَ مُغْتَرًّا بِجبرِيلِ
وقد كان سُوَيْد بن الصامت قال عِندَ مَقتَله:
أََبلغْ جُلاَسًا وعبدَ الله مَأْلُكَـةً وإِنْ كـَبِرتَ فـلا تَخذُلْهما حارِ
واقتُلْ جِدَارَةَ إِمّا كنتَ لاقِيها واستبقِ عَوفًا على عُرفٍ وإنكارِ
هذا الحديث لم نجد له تخريجا في الكتب التسعة