تخريج الأحاديث


سمعتُ وائلة ابن الأسْقَع، قال: غزونا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم غزوة تبوك، حتى إذا كنا ببلاد جذام، وقد كان أصابنا عَطَش، فإذا بين أيدينا آثار غَيْثٍ، فسرنا ميلًا، فإذا بِغَدير، حتى إذا ذهب ثلث الليل إذا نحن بمنادٍ ينادي بصوتٍ حَزين: اللهم اجعلني من أمّة محمّد المرحومة المغفور لها المستجاب والمبارك عليها. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يَا حُذَيْفَةُ، وَيَا أَنَسُ؛ ادْخُلاَ إلَى هَذَا الشِّعْب فَانْظُرَا مَا هَذَا الصَّوْتُ" ذكره المتقي الهندي في الكنز (37834) قال: فدخلنا فإذا نحن برجل عليه ثيابٌ بيض أشدّ بياضًا من الثلج، وإذا وجهه ولحيته كذلك، وإذا هو أعْلى جسمًا منا بذراعين أو ثلاثة، فسلمنا عليه فردّ علينا السلام، ثم قال: مرحبا أنتما رسولا رسول الله؟ فقلنا، نعم، من أنت؟ يرحمك الله. قال: أنا إلياس النبي، خرجتُ أرِيدُ مكة فرأيت عسكركم. فقال لي جنْدٌ من الملائكة على مقدمتهم جبرائيل، وعلى ساقتهم ميكائيل: هذا أخوك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فسلّم عليه والقَه؛ ارجعا إليه، فاقرآه مني السلام، وقولا له: لَم يمنعني مِن الدّخول إلى عسكركم، إلا أنِّي تخوفْتُ أن تُذعَرَ الإبل، ويفزع المسلمون من طولي؛ فإن خَلْقِي ليس كخلقكم، قولا له صَلَّى الله عليه وسلم يأتيني.

قال حُذَيْفَةُ وَأنسٌ: فصافحناه. فقال لأنس: يا خادم رسول الله، مَنْ هذا؟ قال: هذا حذيفة صاحِبُ سر رسولِ الله، فرحب به ثم قال: وإنه لفي السّماء أشهر منه في الأرض، يسمِّيه أهل السّماء صاحبَ سِرِّ رسول الله. قال حذيفة: هل تَلقَى الملائكة؟ قال: ما مِن يوم إلا وأنا ألقاهم يسلمون عليّ وأسلّم عليهم.

فأتينا النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فخرج معنا حتى أتينا الشِّعْبَ فإذا ضوْءُ وَجهِ إلياس وثيابه كالشمس فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "عَلَى رِسْلِكُمْ"، فتقدمنا قَدْر خمسين ذراعًا فعانقه مليًّا. ثم قعدا فرأينا شيئًا يشبه الطير العظام قد أحدقت بهما. وهي بيضٌ وقد نشرَتْ أجنحتَها فحالت بيننا وبينهما؛ ثم صرخ بنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "يَا حُذَيْفَةُ وَيَا أَنَسُ تَقَدَّما". فإذا أيديهما مائدة خَضْرَاء لم أرَ شيئًا قطّ أحسن منها قد غلبت خضرتها بياضنا، فصارت وجوهنا خضراء وثيابنا خضراء. وإذا عليها جبن وتَمْر ورُمّان وموز وعنب ورطب وبَقْل ما خلا الكراث فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "كُلُوا بِسْم الله". فقلنا يا رسول الله، أمن طعام الدنيا هذا؟ قال: "لاَ"، قال لنا: "هَذَا رِزْقِي، وَلِي فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة أكلة تَأْتِيني بِهَا المَلاَئِكَةُ، فَكَانَ هَذَا تَمَامُ الأرْبَعِينَ. وَهُوَ شَيْءٌ يَقُولُ الله لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ". فقلنا: مِنْ أين وجهك؟ قال: من خلف رومية كنْتُ في جيْش من الملائكة مع جيشٍ من مسلمي الجن غَزَوْنا أمة من الكفار. قلنا: فكم مسافة ذلك الموضع الذي كنت فيه؟ قال: أربعة أشهر: وفارقتهم أنا منذ عشرة أيام، وأنا أُريد مكّة أشرب منها في كل سنة شربة، وهي ريّي وعِصمتي إلى تمام الموسم من قابل. قلنا: وأي المواطن أكثر مَثْواك؟ قال: الشّام وبيت المقدس والمغرب واليمن، وليس من مسجدٍ مِنْ مساجد محمّد إلا وأنا أدخله صغيرًا أو كبيرًا، فقلنا: متى عَهدُك بالخضر؟ قال: منذ سنة، كنْتُ قد التقيتُ أنا وهو بالموسم وأنا ألقاه بالموسم، وقد كان قال لي: إنك ستلقى محمدًا قَبْلي فأقرئه مني السلام وعانِقه، وبكى وعانقنا وبكى وبكينا، فنظرنا إليه حين هوى في السماء كأنه حمل حملًا، فقلنا: يا رسول الله، لقد رأينا عجبًا إذ هوى إلى السماء قال: "يكون بين جناحي ملك حتى ينتهي به حيث أراد".



هذا الحديث لم نجد له تخريجا في الكتب التسعة