تخريج الأحاديث


عن جَعفر بن عمرو بن ــ أُمية الضمري قال: خرجت أَنا وعُبيدَ اللّه بن عَدِيّ بن الخيار مُدْرِبين في زمن معاوية، فلما قفلنا مَرَرْنا بحمص، وكان وحشي ــ مولى جبير بن مطعم قد سكنها ــ فلما قدمناه قال لي عُبَيد اللّه بن عَدِيّ: هل لك أَن نأْتي وحشيًا فنسأَله عن قتل حمزة، كيف قتله؟ فقلت: إِن شئتَ. فخرجنا نسأَل عنه بحمص، فقال لنا رجل ونحن نسأَل عنه: إِنكما ستجدانه بفناء داره، وهو رجل قد غلبت عليه الخمر. فإِن تجداه صاحيًا تجداه رجلًا عربيًا، وتصيبا عنده ما تريدان، وإِن تجداه وبه بعض ما يكون به، فانصرفا عنه ودعاه. فخرجنا نمشي حتى جئنا، فوجدناه بفناء داره، فسلمنا عليه فرفع رأْسه إِلى عُبَيد اللّه بن عَدِيّ فقال: ابنٌ لعَدِيّ بن الخيار أَنتَ؟ قال: قلت: نعم. قال: أَما والله ما رأَيتُك مذ ناولتك السعديّة التي أَرضعتك، فإِني ناولتها إِياك بذي طُوًى، فَلمَعت لي قدماك حين رفعتُك إِليها، فوالله ما هو إِلا أَن وقفتَ عليَّ فعرفتهما. فقلنا له: جئناك لتحدّثنا عن قتلكَ حمزةَ بن عبد المطلب، كيف قتلتَه؟ فقال: أَما إِني سأَحدّثكما كما حدّثتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم حين سأَلني عن ذلك: كنت غُلامًا لجبير بن مُطعِم، وكان عَمّه طعَيمة بن عدي قد قُتِل يوم بدر، فلما سارت قريش إِلى أُحد قال لي جبير: إِن قتلتَ حمزة عم محمد بعمي فأَنت عَتِيق. فخرجت مع الناس حين خرجوا إِلى أُحد، فلما التقى الناس خرجتُ أَنظر حمزة وأَتبصَّره، حتى رأَيته مثل الجمل الأَورَقِ في عُرْضِ الناس يَهُذُّ الناس بسيفه هَذًا، ما يقوم له شيء، فوالله إِني لأَريده واستترت منه بشجرة ــ أَو: بحَجَر ــ ليدنو مني، وتقدّمني إِليه سباع بن عبد العُزَّى، فلما رآه حمزة قال: إِليّ يا بن مُقَطِّعة البُظُور. وكانت أُمه خَتَّانة بمكة، فوالله لكأَنَّ ما أَخطأَ رأْسه، فهَزَزتُ حَرْبتي، حتى إِذا رضيت منها، دفعتها عليه، فوقعت في ثُنَّتِه حتى خرجت من بين رجليه. وخليت بينه وبينها حتى مات، ثم أَتيته فأَخذتُ حربتي، ثم رجعت إِلى العسكر، ولم يكن لي بغيره حاجة. فلما قَدمتُ مكة عَتَقْتُ. ثم أَقمتُ حتى افتتحها رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فهرَبتُ إِلى الطائف. فكنت بها. فلما خرجَ وفدُ أَهل الطائف إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ليسلموا، ضاقت عليّ الأَرض وقلت: أَلحق بالشام أَو باليمن، أَو بِبعض البلاد. فإِني لفي ذلك إِذ قال لي رجل: ويحك! إِنه والله ما يقتل أَحدًا من الناس دَخَل في دينه. فلما قال لي ذلك خرجتُ حتى قدمتُ على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينةَ، فلم يَرُعه إِلا وأَنا قائم على رأْسه، أْشهد شهادةَ الحق. فلما رآني قال: "وحشي؟" قلت: نعم. قال: "اقْعُدْ فَحَدِّثْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزةَ". فحدثتَه كما حدثتكما. فلما فَرَغْت من حديثي قال: "وَيْحَكَ! غَيِّبْ وَجْهَكَ عَنِّي، فَلَا أَرَاكَ". فكنت أَتنكَّبُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم حيث كان، فلم يرني حتى قبضه الله تعالى. فلما خرج المسلمون إِلى مسيلمة الكذاب ــ صاحب اليمامة. أَخذت حربتي، وخرجت معهم، وهي الحَرْبة التي قتلتُ بها حمزةَ، فلما التقى الناس رأَيتُ مسيلمة قائمًا في يده السيف. ولا أَعرفه، فتهيأْت له وتهيأَ له رجل من الأَنصار، كلانا يريده، فهزَزْتُ حربتي ودفعتها عليه، فوقعت في عانته، وشدَّ عليه الأَنصاري فضربه بالسيف، فربّك أَعلم أَيّنا قتله؟.



الكتابالراوي
صحيح البخاري وحشي
مسند أحمد وحشي