تخريج الأحاديث


عن سالم بن عُبَيْد ـــ وكان من أَصحاب الصُّفَّة ـــ: أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما اشتدّ مرضه أُغْمِي عليه، فلما أَفاق قال: "مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالْنَّاسِ" ـــ قَالَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيْفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ؟ فَقَالَ: "أُقِيْمَتِ الْصَّلَاةُ"؟ فَقَالَتْ عَائِشَةَ: يَا رَسُوْلَ الله، إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيْفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ؟ قَالَ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوْسُفَ، مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالْنَّاسِ". ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: "أُقِيْمَتِ الْصَّلَاةُ"؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "ادْعُو إِلَيَّ إِنْسَانًا أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ". فَجَاءَتْ بُرَيْرَةُ وَإِنْسَانٌ آخَرَ، فَانْطَلِقُوا يَمْشُوْنَ بِهِ، وَإِن رجليه تَخُطَّان في الأَرض قال: فأَجلسوه إِلى جنب أَبي بكر، فذهب أَبو بكر يتأَخر، فحبسه حتى فرغ الناس، فلما توفي قال ـــ وكانوا قومًا أُميين لم يكن فيهم نبي قبله ـــ قال عمر: "لا يتكلم أَحد بموته إِلا ضربته بسيفي هذا"! قال فقالوا له: اذهب إِلى صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فادعه، يعني أَبا بكر. قال: فذهبتُ فوجدتُه في المسجد، قال: فأَجهشت أَبكي، قال: لعل نبي الله توفي؟ قلت: إِن عمر قال: "لا يتكلم أَحد بموته إِلا ضربته بسيفي هذا"! قال: فأَخذ بساعدي ثم أَقبل يمشي، حتى دخل، فأَوسعوا له. فأَكب على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى كاد وجهه يَمَسّ وجه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنظر نَفَسَهُ حتى استبان أَنه توفي. فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر/ 30] قالوا: يا صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، توفي رسول الله صَلَّى الله عليـه وسلم؟ قال: نعم. فَعَلِموا أَنه كما قال. قالوا: يا صاحب رسول الله، هل يُصَلَّى على النبي صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: يجيءَ نَفَرٌ مِنْكُم فيُكَبِّرُون فيَدْعُون ويذهبون حتى يَفْرَغَ الناس. فعلموا أَنه كما قال، قالوا: يا صاحب رسول الله، هل يُدْفَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قالوا: أَين يدفن؟ قال: حيث قَبَضَ الله رُوحَه، فإِنه لم يقبضه إِلا في موضع طَيِّب. قال: فعرفوا أَنه كما قال. ثم قال: عندكم صاحبكم.

ثم خرج، فاجتمع إِليه المهاجرون ـــ أَو من اجتمع إِليه منهم ـــ فقال: انطلقوا إِلى إِخواننا من الأَنصار، فإِن لهم في هذا الحَقّ نصيبًا. قال: فذهبوا حتى أَتو الأَنصار، قال: فإِنهم ليتآمرون إِذ قال رجل من الأَنصار: "منا أَمِيرٌ ومنكم أَمِير" فقام عُمَر وأَخذ بيد أَبي بكر، فقال: "سيفان في غمد إِذَنْ لا يصطحبان، ثم قال: من له هذه الثلاث: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة/ 40] مع مَن؟ فبسط يد أَبي بكر فضرب عليها، ثم قال للناس: بايعوا. فبايع الناسُ أَحسن بَيْعَة".



الكتابالراوي
سنن ابن ماجه سالم بن عبيد الله