تخريج الأحاديث


حدّثني كثير بن عبد الله الـمُزَني عن أبيه عن جدّه أنّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خطّ الخندق من أُجُمِ الشّيْخَينِ طرف بني حارثة عامَ ذُكرَتِ الأحزاب خِطّةً من الـمَذار فقطع لكلّ عشرةٍ أربعين ذراعًا فاحتجّ المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلًا قويًّا، فقال المهاجرون: سلمان منّا، وقالت الأنصار: لا بل منّا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "سلمان منّا أهلّ البيت".

قال عمرو بن عوف: فدخلتُ أنا وسلمان وحُذيفة بن اليمان ونعمان بن مُقَرّن الـمُزني وستّة من الأنصار تحت أصل ذُباب فضربنا حتى بـَلَغنا النّدى فأخرج الله صخرةً بيضاء مَرْوَةً من بطن الخندق فكسَرَتْ حديدَنا وشقّت علينا فقلتُ لسلمان: أرْقَ إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو ضارب عليه قُبّة تُرْكيّة، فرقى إليه سلمان فقال: يا رسول الله صخرة بيضاء خرجت من بطن الخندق فكسرَتْ حديدَنا وشقّتْ علينا فإمّا أنّ نَعْدِلَ عنها والمَعْدِلُ قريب أو تأمرنا فيها بأمرك فإنـّا لا نحبّ أن نجاوز خطّك، فقال: "أرِني مِعْوَلَك يا سلمان". فقبض معوله ثمّ هبط علينا فكنّا على شقّة الخندق فنزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فَتَـنَحَّى فضرب ضربة صدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابـَتَيْها، فكبّر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تكبير فتح، فكبّرنا. ثمّ ضرب الثانية فبرق منها برقة أضاء ما بين لابْـَتـَيْها حتى كأن مصباحًا في جوف بيتٍ مُظْلِمٍ، فكبّر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تكبير فتح فكبّرنا، ثمّ ضرب الثالثة فكسّرها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها فكبّر تكبير فتحٍ فكبرّنا.

ثمّ رقي حتى إذا كان في مَقْعَد سلمان قال سلمان: يا رسول الله لقد رأيتُ شيئًا ما رأيتُ مثله قطّ فالتفتَ إلى القوم فقال: "هل رأيتم؟" قالوا: نعم، بأبينا أنت وأمّنا يا رسول الله، رأيناك تضرب فتخرج برق كالموج فتكبرّ فنكبّر لا نرى ضياءً غير ذلك. قال: "صدقتم، ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم فأضاء لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنـّها أنياب الكلاب وأخبرني جبرائيل أنّ أُمتي ظاهرة عليها، ثمّ ضربتُ ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم أضاء لي معها قصور الحمر من أرض الروم كأنـّها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل أنّ أُمّتي ظاهرة عليها، ثمّ ضربتُ الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاء لي معها قصور صَنْعاء كأنـّها أنياب الكلاب وأخبرني جبرائيل أنّ أُمّتي ظاهرة عليها يبلغهم النصرُ فأبشروا"، يــُرَدّدُها ثلاثًا فاستبشر المسلمون وقالوا: موعودُ صادقٍ بارٍّ وعدنا النّصْرَ بعد الـحَصْرِ والفتوح، فتراءوا الأحزاب، فقال الله: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}[سورة الأحزاب: 23،22 ] إلى آخر الآية.



الكتابالراوي
سنن النسائي أبو سكينة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم