تسجيل الدخول

الاستعداد لغزوة خيبر ووادي القرى في المحرم سنة 7

في شمال المدينة المنورة وفي الطريق إلى الشام، تقع: خيبر، وفدك، ووادي القرى، وتيماء، وهي مناطق خصبة، وتتشابك هذه المناطق الأربعة بصلات واسعة مع بدو المنطقة.
ولو أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سيطر على هذه المنطقة لترتب على ذلك أن تتوسع دائرة نفوذ الدولة، ويصبح الطريق إلى الشام مفتوحًا، ويقوى اقتصاد الدولة الناشئة، ويسقط السلطان السياسي لمركز من مراكز التجمع ضد المسلمين، وينتهي احتمال من احتمالات خطر التألب.
وقد اتجه الرسول صَلَّى الله عليه وسلم لتأديب هؤلاء الخصوم بعد أن اطمأن من جهة قريش بالصلح، فأراد أن يحاسب اليهود وقبائل نجد؛ حتى يتم الأمن، والسلام، ويسود الهدوء في المنطقة، ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه.
ولما كانت خيبر هي وكر الدس والتآمر، ومركز الاستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات، وإثارة الحروب، كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولًا.
فأهل خيبر؛ هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافقين ــ الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي ــ وبغطفان، وأعراب البادية. وكانوا هم أنفسهم يتهيئون للقتال، فألقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متواصلة، حتى وضعوا خطة لاغتيال النبي صَلَّى الله عليه وسلم.
وإزاء ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متوالية، وإلى الفتك برأس هؤلاء المتآمرين، مثل: سلام بن أبي الحقيق، وأسير بن زارم. ولكن الواجب على المسلمين إزاء هؤلاء اليهود كان أكبر من ذلك، وإنما أبطأوا في القيام بهذا الواجب؛ لأن قوة أكبر وأقوى وألد وأعند منهم ــ وهي قريش ــ كانت مجابهة للمسلمين، فلما انتهت هذه المجابهة صفا الجو لمحاسبة هؤلاء المجرمين، واقترب لهم يوم الحساب.
وقد أقام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر.
قال المفسرون: إن خيبر كانت وعدًا وعدها الله تعالى بقوله: {وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: 20]، يعني: صلح الحديبية، وبالمغانم الكثيرة: خيبر.
ولما كان المنافقون وضعفاء الإيمان تخلفوا عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية، خاطب الله تعالى نبيه صَلَّى الله عليه وسلم فيهم قائلًا: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انَطلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الفتح: 15].
فلما أراد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر، أعلن أن لا يخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة، وهم ألف وأربعمائة. واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري.
وفي ذلك الحين قدم أبو هريرة المدينة مسلمًا، فوافى سباع بن عرفطة في صلاة الصبح، فلما فرغ من صلاته سار حتى قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، واشترك مع المسلمين في تلك الغزوة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال