تسجيل الدخول


أبو عبد الرحمن السلمي

عبد الله بن حَبيب السُّلَمي:
يكنى أبا عبد الرحمن. قال عبد الله بن حبيب: والدي علّمني القرآن، فإنّ أبي كان من أصحاب محمّد صَلَّى الله عليه وسلم، شهد معه، ما تركتُ أن أتصدّق عن كلّ صغير أو كبير حُرٍّ أو مملوكٍ من أهلي بصاعٍ من طعامٍ من أجْود حنطتنا عن كلّ إنسان من أهلي كلّ فطر.
كان أبو عبد الرحمن يصلّي في قميص واحد ليس عليه رداء ولا إزار. روى أبو عبد الرحمن السلمي، عن عثمان قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه"(*). قال: فقال أبو عبد الرحمن: فذاك أجلسني هذا المجلس.
قال تميم بن سلَمة: أبو عبد الرحمن كان إمام المسجد فكان يُحْمَل في الطين في اليوم المَطير. وقال أبو عبد الرحمن السّلَمي: أخذتُ القراءة عن عليّ، وقال أيضًا: إّنا أخذنا هذا القرآن عن قوم أخبرونا أنّهم كانوا إذا تعلّموا عشرَ آيات لم يجاوزوهنّ إلى العَشر الأُخَر حتى يعلموا ما فيهنّ، فكنّا نتعلّم القرآن والعمل به، وإنّه سَيَرِثُ القرآنَ بعدنا قوم ليشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم بل لا يجاوز ها هنا، ووضع يده على الحلق. قال إسماعيل بن أبي خالد: كان أبو عبد الرحمن يُقْرِئُ عشرين آية بالغداة وعشرين آية بالعشي، ويُخْبرهم بموضع العشر والخمس، ويَقْرَأ خمسًا خمسًا، يعني خمس آيات خمس آيات. دخل عبد الرحمن السلمي الدار وفيه جِلال وجُزُر، قالوا: بعث بهذا عَمرو بن حُريث، إنّك عَلّمتَ ابنَه القرآن. قال: رُدّ، إنّا لا نأخذ على كتاب الله أجرًا. قال عاصم بن بَهْدَلة: كنّا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ونحن أُغَيْلِمَة أيفاع فيقول: لا تجالسوا القُصّاص غير أبي الأحوص، ولا تجالسوا شَقيقًا، وليس بأبي وائل، ولا سعد بن عبيدة. كان أبو الأحوص يقول: خذ منه ـــ يعني العلم ـــ فإّنه فقيه، قال: لا تأخذ قفيزًا من شعير بقفيز من حنطة فإنّ ذلك يُكْرَه. قال أبو عبد الرحمن السلمي: لو يعلم المستقبل المصلّى ما فيه ما استقبله، ولو يعلم المصلّي ما فيه ما استقبله. قال أبو عبد الرحمن لرجل فيه عُجْمة: أمؤمن أنت أو مسلم أنت؟ قال: نعم إن شاء الله، قال: لا تقل إن شاء الله، قال: قلت لمِسْعَر: يا أبا سَلمة أقول إنّي مؤمن حقًّا؟ قال: نعم، تكون مؤمنًا باطلًا؟ أيحسُن في الكلام أن يقول الرجل هذه سماء إن شاء الله؟ وكان أبو عبد الرحمن يكره أن يقول: أسقطتُ، ولكن يقول: أغفلتُ. كان إذا قيل لأبي عبد الرحمن السلمي كيف أنت قال: بخير أحمد الله، قال عطاء: فذكرتُ ذلك لأبي البَخْتَري فقال: أنّى أخذها أنّى أخذها! قال عطاء بن السائب: دخلتُ على أبي عبد الرحمن السلمي وقد كوى غلامًا له، قلتُ: تكوي غلامك؟ قال: وما يمنعني وقد سمعتُ الله يقول إنّ الله لم يُنْزِلْ داءً إلّا أنزل له شفاءً؟
قال عطاء بن السائب: دخلتُ على عبد الله بن حبيب وهو يقضي في مسجده فقلت: يرحمك الله لو تحوّلت إلى فراشك، فقال: حدّثني من سمع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاّه ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهمّ اغْفر له اللهمّ ارْحمه"(*)، فأريد أن أموت وأنا في مسجدي.
قال عطاء بن السائب قال: ذهبنا نرجّي أبا عبد الرحمن عند موته، فقال: أنا لا أرجو وقد صمتُ ثمانين رمضان. قال محمّد بن عمر وغيره: وكانت وفاة أبي عبد الرحمن السلمي بالكوفة في ولاية بِشْر بن مروان، في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان ثقةً كثير الحديث‏. قال يزيد بن أبي زياد: مات أبو عبد الرحمن فمرّوا به على أبي جُحيفة فقال: مستريح ومستراح منه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال