الشهادة
قال حُميد بن هلال: كان أبو رفاعة إذا صلّى ففرغ من صلاته ودعائه كان آخر ما يدعو به يقول: اللهمّ أحْيِـني ما كانت الحياة خيرًا لي، فإذا كانت الوفاة فتوفني وفاة طاهرة طيّبة يَغْبطني بها من سمع بها من إخواني المسلمين من عفّتها وطهارتها وطيبها، واجعل وفاتي قتلًا في سبيلك واخدعني عن نفسي"، فخرج في جيش عليهم عبد الرّحمن بن سَمُرَة بغزو سجستان، فخرجَتْ من ذلك الجيش سريّةٌ، عامّتهم من بني حنيفة، فقال أبو رفاعة: إني لمنطلق مع هذه السريّة، فقيل: ليس هاهنا أحد من بني أخيك وليس في رحلك أحد، فقال: إنّ هذا لشيء عُزِمَ لي عليه، إني لمنطلق، فانطلق معهم، فأطافت السريّة بقلعة أو بقصر فيه العدوّ ليلًا، وبات يصلّي حتّى إذا كان آخر الليل توسّد تُرْسه فنام، وأصبح أصحابه ينظرون من أين مقابلتها من أين يأتونها، ونسوه نائمًا حيث كان، فبصر به العدوّ، فأنزلوا إليه ثلاثة أعلاج منهم، فأتوه وإنّه لنائم فأخذوا سيفه فذبحوه، فقال أصحابه: أبو رفاعة نسيناه حيث كنّا، فرجعوا إليه فوجدوا الأعلاج يريدون أن يسلبوه فأرحلوهم عنه فاجترّوه، فقال عبد الرّحمن بن سَمُرَة: ما شعر أخو بني عديّ بالشهادة حتّى أتته.