تسجيل الدخول


أبان بن سعيد بن العاص بن أمية

1 من 1
أبَانُ بن سَعيدِ

بن العاص بن أُمَيَّة بن عَبْد شَمْس بن عَبْد مَنَاف. وأُمُّه هند بنت المُغِيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مَخْزوم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فَرْوَةَ، عن عبد الله بن عَمْرو بن سعيد بن العاص، قال: كان خالد بن سعيد وعَمروُ بن سعيد قد أسلما وهاجرا إلى أرض الحبشة، وأقام غيرهما من ولد أبي أُحَيْحَةَ سعيد بن العاص بن أمية على ما هم عليه ولم يُسْلِموا، حتى كان نَفِيرُ بدرٍ، فلم يتخلف منهم أَحَدٌ خرجوا جميعًا في النفير إلى بَدْرٍ، فَقُتِل العاصُ بن سعيد عَلَى كُفْرِه، قتله عليّ بن أبي طالب. وعُبَيْدة بن سعيد قتله الزبير بن العوام. وأفلت أبان بن سعيد، فجعل خالد وعَمْرو يكتبان إلى أبان بن سعيد ويقولان: نُذِكركَ الله أن تموت على ما مات عليه أبوك، وعَلَى ما قُتِل عليه أخواك، فيغضب من ذلك ويقول: لا أُفارِق دين آبائي أبدًا، وكان أبو أُحَيْحَة قد مات بماله بالظُّرَيْبَةَ نَحْو الطَّائف وهو كافر، فأنشأ أبان بن سعيد يقول: قال محمد بن عمر: فيما أخبرني به المغيرة بن عبد الرحمن الأسدي:

ألا ليتَ مَيْتا بالظُّرَيْبَةِ شاهدٌ لما يَفْتَرِى في الدين عَمْرٌو وخالدُ

أَطَاعا بنا أَمْر النِّساء فأَصْبَحا يُعِينان مِنْ أعدائنا مـــن نُكايـدُ

فأجابه خالد بن سعيد:

أخي ما أخي لا شاتم أنا عِرْضَهُ ولا هو عن سُوءِ المقالة مُقْصِرُ

يقول إذا اشتدت عليه أمورُهُ ألا ليتَ مَيْتًا بالظُّرَيْبةِ
يُنْشَرُ

فَدَعْ عنكَ مَيْتًا قد مضى لسبيله وأقْبِل على الحَيِّ الذي هوأفقرُ

قال: فأقام أبان بن سعيد على ما كان عليه بمكةَ على دين الشرك، حتى قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الحُدَيْبِية وبعث عثمانَ بنَ عفان إلى أهل مكة، فتلقَّاه أبان بن سعيد فأجاره حتى بلّغ رسالةَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكانت هدنة الحديبية. فأقبل خالدٌ وعمرٌو ابنا سعيد بن العاص من أرض الحبشة في السَّفِينَتَيْن، وكانا آخر من خرج منها، ومع خالد وعَمْرو أهلُهما وأولادُهما، فلما كان بالشُّعَيْبَة أرسلا إلى أخيهما أبان بن سعيد وهو بمكة رسولًا وكَتَبا إليه: يدعوانه إلى اللهِ وحدَهُ وإلى الإسلام فأجابهما، وخرج في إثرهما حتى وافاهما بالمدينة مُسْلِمًا، ثم خرجوا جميعًا حتى قدموا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بخيبر سنة سبع من الهجرة.

فلما صدر الناس من الحج سنة تسع، بَعَثَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، أبان بن سعيد بن العاص إلى البحرين عاملًا عليها، فسأله أبان أن يُحَالِفَ عَبْدَ القَيس فأذن له في ذلك، وقال يا رسول الله: اعهد إِلَىَّ عهدًا في صَدَقاتِهم وجِزْيَتِهم وما تَجَرُوا به، فأمَرَهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن يأخذ من المسلمين ربع العشر مما تجروا به، ومن كل حَالمٍ من يهودي أو نصراني أو مجوسيّ دينارًا الذكر والأنثى. وكتب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى مجوس هَجَر يعرض عليهم الإسلام، فإن أَبَوا عرض عليهم الجزية بأن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم، وكتب له صدقات الإبل والبقر والغنم على فرضها وَسُنَّتها كتابًا منشورًا مختومًا في أسفله(*).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني معاذ بن محمد، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جَهم، قال: خرج أبان بن سعيد بن العاص بلوَاء معقودٍ أبيض وراية سوداء يحمل لواءَه رافع مولى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما أشرف على البحرين تَلَقَّته عبدُ القيس حتى قَدِمَ عَلَى المنذر بن سَاوَى بالبحرين.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبد العزيز بن يعقوب الماجِشُون، عن جعفر بن محمود بن محمد، قال: استقبله المنذر بن سَاوَى على ليلةٍ من منزله معه ثلاثمائة من قومه، فاعتنقا ورحَّب به وسأل عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأَحْفَى المسألَة فأخبره أبان بذكر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إياه، وأنه قد شَفَّعهُ في قومه، وأقام أبان بن سعيد بالبحرين يأخذ صدقات المسلمين وجزية معاهديهم، وكتب إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يخبره بما اجتمع عنده من المال، فبعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين فحمل ذلك المال(*).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عيسى بن طلحة، قال: لما توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وارتدَّت العرب، ارتد أهل هَجَر عن الإسلام، فقال أبان بن سعيد لعبد القيس بلغُوني مأمني، قالوا: بل أقم فلنجاهد معك في سبيل الله فإن الله مُعِزٌ دينه ومُظهره على ما سواه، وعبدُ القيس لم ترجع عن الإسلام. قال: بل بلّغُوني مأمني، فأشهَدُ أمرَ أصحابِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فليس مثلي يغيب عنهم، فأحيا بحياتهم وأموت بموتهم. فقالوا: لا تفعل أنت أعز الناسِ وهذا عليك وعلينا فيه مقالةٌ، يقول قائلٌ: َفرَّ من القتال.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني معاذ بن محمد، عَن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم، قال: مشى إليه الجارُودُ العَبدِي فقال: أنشدك الله أن تخرج من بين أظهرنا، فإن دارنا منيعةٌ، ونحن سامعون مطيعون، ولو كنت اليوم بالمدينة لَوَجَّهَكَ أبو بكر إلينا لمحالفتك إيانا، فلا تفعل فإنك إنْ قدمت على أبي بكر لاَمَك وَفَيَّل رأيك وقال: تخرج من عند قوم أهل سمع وطاعة ثم رَجَعَكَ إلينا، قال: إذن لا أرجع أبدًا ولا أعمل لأحد بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما أبى عليه إلا كلمةً واحدةً قال أبان: إن معي مالًا قد اجتمع، قالوا: احمله فحمل مائةَ ألف درهم وخرج معه بثلاثمائة من عبد القيس خُفَرَاءَ حتى قدم المدينة على أبي بكر، فلامه أبو بكر وقال: ألا ثَبَتّ مع قوم لم يَرتدُّوا ولم يُبَدِّلوا!؟ قال أبان: هم على ذلك ما أرغبهم في الإسلام وأحسن نياتهم، ولكن لا أعمل لأحدٍ بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عمر بن عثمان المخزومي، عن عبد الملك بن عُبيد، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، قال: قال عمر بن الخطاب لأبان بن سعيدٍ حين قدم المدينة: ما كان حقك أن تقدم، وتترك عملك بغير إذن إمامك ثم على هذه الحال، ولكنك أمنته، فقال أبان: إني والله ما كنت لأعمل لأحدٍ بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كنت عاملًا لأبي بكر في فضلِه وسابقته وقديم إسلامه، ولكن لا أعمل لأحدٍ بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وشاور أبو بكر أصحابه فيمن يبعث إلى البحرين فقال له عثمان بن عفان: ابعَثْ رجلًا قد بعثهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إليهم فَقَدِم عليه بإسلامه وطاعتهم، وقد عرفوه وعرفهم، وعرف بلادهم، يَعنِي: العلاء بن الحضرمي، فأبى ذلك عمر عليه وقال: أكره أبان بن سعيد بن العاص فإنه رجلٌ قد حالفهم، فأبَى أبو بكر أن يكرهه وقال: لا أفعل، لا أُكْرِهُ رجلًا يقول: لا أعمل لأحد بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأجمع أبو بكر بِعثةَ العلاءِ بن الحضرمي إلى البحرين.
(< جـ5/ص 8>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال