الشماخ بن ضرار بن حرملة بن سنان بن أمامة بن عمرو بن جحاش بن بجالة بن...
الهيثم بن ضِرَار بن حرملة الغطفانيّ الشاعر، قال ابْنُ أَبِي خَيْثَمَة: يقال هو الشماخ وقيل في اسمه: مغفل، وقال أبو الفرج الأصفهاني، والمرزباني: معقل، وقال ابْنُ عَبْدِ البَرِّ:الشماخ لقب.
يُكنّى أبا سعيد، وأبا كثير، وأمه مُعَاذة بنت بُجَيْر بن خلف، من بنات الخُرْشُب، ويقال: إنهن أنجبُ نساء العرب، وقال أبو الفرج في "الأغاني": كان للشمّاخ أخَوان شقيقان: جَزْء بن ضرار، ومُزَرِّد بن ضرار، واسمه يزيد؛ وإنما لقب مزردًا لقوله:
فَقُلْتُ تَزَرَّدْهَا عُبَيْــدٌ فَإِنَّنِي لِزَرْدِ القَوَافِي فِي السِّنينِ مُزَرِّدُ
قال المَرْزبَانِيُّ:" كان الشماخ شديدَ متونِ الشّعر، صحيح الكلام؛ وأدرك الإسلام فأسلم، وحسَنُ إسلامه؛ وشهد الشماخ القادسيّة".
كان شاعرًا مشهورًا، قال أبو الفرج الأصبهانيّ أدرك الجاهليّة والإسلام، وقال يخاطب النّبي صَلَّى الله عليه وسلم:
تَعَلَّمْ رَسُولَ اللهِ أَنَّا كَأَنَّـنا أَفَأْنـَا بِأَنْمَارٍ ثَعَالِبَ ذِي غِسْـلِ
تَعَلَّمْ رَسُولَ اللهِ لَمْ تَرَ مِثْلَهُمْ أَجَرَّ عَلَى الأدنى وَأَحْزَمَ لِلْفَضْـلِ
قال ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وأنمار رهط كان يهجوهم، وذو غِسل: قرية لبني تميم، وأنمار قومه، وهم أنمار بن بَغِيض، وذكر ما يقتضي أن له صحبة؛ قال: وذكر محمد بن سلام الجمحيّ النابغة والشّماخ ومُزَردًا ولبيدًا طبقة واحدة. انتهى، وهو كما قال، ذكرهم في الطّبقة الثّالثة، لكن لا يدل ذلك على ثبوتِ صحبة الشّماخ، إلا أن العمدةَ فيه على البيت الذي أنشده أبو الفرج، وقال ابْنُ سلاَّمٍ: كان الشَّماخ أشد كلامًا من لبيد، إلا أن فيه كَزَازة، وكان لبيد أسهل مَنْطِقًا منه، وقال الحُطَيْئَةُ في وصيته: أبلغوا الشَّمّاخَ أنه أشعر غطفان، وذكر ابن سلام للشّماخ قصةً مع امرأته في زمَنِ عثمان بن عفان، وأنها ادَّعت عليه الطّلاقَ فألزمه كثير بن الصّلت اليمين فتلكأ ثم حلف، وقال:
يَقُولُونَ لِي احْلِفْ وَلَسْتُ بِفَاعِلٍ أُخَاتِلُهُمْ
عَنْهَا
لِكَيْمَا
أَنَالَـــهَا
فَفَرَّجْتُ هَمَّ النَّفْسِ عَنِّي بِحَلْفِةٍ كَمَا شَقَّتِ الشَّقْرَاءُ عَنْهَا جِلاَلَها
وقدم المدينة، فأوقر له عَرابة الأوسي راحلته تمرًا وبُرًّا وكساه وأكرمه، فقال فيه:
رَأَيْتُ عَرَابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو إِلَى الخَيْرَاتِ مُنْقَطِعَ القَرِينِ
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْـدٍ تَلَقَّاهَا
عَرَابـَـةُ
بِاليَمِيــنِ
قال أصحاب المعاني: قوله باليمين، أي بالقوة؛ ومنه: {لأخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِين} [الحاقة: 45]. وقصّته معه مشهورة.
كان الشّماخ غزا أَذْربيجان مع سعيد بن العاص. وفي ديوان ابن الشماخ: نزلت امرأةٌ المدينة ومعها بنات لها وَسيمات، فجعلت للشّماخ عن كل واحدة جَزُورًا على أن يذكرهنَّ؛ فذكر له قصيدةً، وذكر فيه أيضًا مهاجاةً له مع الخليج بن سويد الثّعلبي وهما يسيران مع مروان بن الحكم، وهو حينئذ أمير المدينة، وقال العتبي: مما يتمثل به من شعر الشّماخ قوله:
لَيْسَ بِمَا لَيْسَ بِهِ بَأْسُ بَأسْ وَلاَ يَضُرُّ البِرَّ مَا قَالَ النَّاسْ
وقالوا: وهوى الشّماخ امرأةً اسمها كلبة بنت جوال أخت جَبل بن جوّال الشّاعر التغلبيّ، وغاب فتزوَّجها أخوه جَزْء فلم يكلمه بعد، وماتا متهاجِرَيْن. وروى الفَاكِهِيُّ بإسناد صحيح عن أم كلثوم بنت أبي بكر، عن عائشة ـــ أنها حجَّتْ مع عمر آخر حجة حجّها، فارتحل من الحصبة آخر اللّيل، فجاء راكبٌ فسأل عن منزله فأناخ به ورفع عَقِيرته يتغنى:
عَلَيكَ سَلاَمٌ مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ يَدُ اللهِ فِي ذَاكَ الأدِيمِ المُمَزَّقِ
الأبيات في رثاءِ عمر، وقالت عَائِشَةُ: فنظرنا مكانه فلم نجد أحدًا، فحسبته من الجنّ، فنحل النّاس هذه الأبيات الشّماخ وأَخاه جَمَّاع بن ضِرَار، وروى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ هذه القصّة، فقال في آخرها أو أخاه جَزْء بن ضِرَار، ورواه من وَجْهٍ آخر عن عروة عن عائشة قالت: ناحت الجنُّ على عمر قبل أن يقتل، فذكرت هذه الأبيات، وقال ابْنُ الكَلْبِيِّ: كان الشمّاخ أوصف الناس للحمر وللقوس، وقال المَرْزبَانِيُّ: إنه تُوفي في غزوة مُوقَان في زمَنِ عثمان.