تسجيل الدخول


سميفع بن ناكور

سُمَيْفِعُ بن نَاكُور بن عَمْرو الحميري:
ذُو الكَلَاع، وقيل: أسْمَيْفَع بن ناكور، وقيل: أيفع، وقيل: سَمَيْفَع، والسَّمْفَعة الإقدام والجرأة؛ قاله ابن دريد، ويقال: أَيْفع بن باكور، وقيل: ابن حوشب بن عمرو الحميري، وقيل: اسمه يزيد، وقيل: أسميفع بن الأكور، ذو الكلاع الأصغر.
وكنيته أبو شرحبيل‏، ويقال: أبو شراحيل، ويقال: أبو شراحبيل، ويقال: إنه ابن عم كعب الأحبار، وروى هشام بن الكلبيّ، عن أبي صالح قال: كان يدخل مكّة رجالٌ متعممون من جَمَالهم مخافة أن يُفتتن بهم؛ منهم: ذو الكلاع، والزِّبْرقان بن بدر، وزيد الخيل، وعمرو بن حُمَمة، وآخرون. وروى البخاريّ، عن جرير قال: كنتُ باليمن فلقيتُ رجلين من أهل اليمن؛ ذا الكلاع، وذا عمرو، فجعلت أحدِّثُهما عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال ذو عمرو: لئن كان الذي تذكر لقد مَرّ على أجله منذ ثلاث، وأقبَلَا معي، فرفع لنا في الطريق ركب، فقالوا: قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستخلف أبو بكر؛ فقال: أخبر صاحبك أَنّا سنعود إن شاء الله تعالى، فقال أبو بكر: أفلا جئْتَ بهم؟ قال: فلما كان بعد ذلك قال لي ذو عمرو: يا جرير، إن لكَ عليّ كَرامة... فذكر القصّة، قال: وهو يقتضي أنه عاد من اليمن، فإن جريرًا لم يرجع إليها بعد ذلك، وروى ابْنُ عَسَاكِرَ، عن جرير قال: بعثني النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذي الكَلاع، وذي عَمْرو؛ فأما ذو الكلاع فقال لي: ادخل على أم شرحبيل ـــ يعني زوجتَه، فوالله ما دخل عليها بعد أبي شرحبيل أحدٌ قبلك، قال: فأسلما، وروى الواقديّ في "الردة" بأسانيد له متعددة، قالوا: بعث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جريرًا إلى ذي الكَلاع، وذي عمرو، فأسلما، وأسلمت ضريبة بنت أبرهة بن الصباح امرأة ذو الكلاع، وبعث إليه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم جرير بن عبد الله فأسلم، وأعتق لذلك أربعةً، ثم قدم المدينة ومعه أربعةُ آلاف أيضًا، فسأله عمر في بيعهم فأصبح وقد أعتقهم، فسأله عمر عن ذلك، فقال: إني أذنبتُ ذنبًا عظيمًا، فعسى أن يكون ذلك كفارة، قال: وذلك أني تواريتُ مرة ثم أشرفتُ فسجد لي مائةُ ألف. وقال سَيْفٌ: كان ذو الكلاع في يوم اليرموك على كردوس، وروى أبو حذيفة في الفتوح، من طريق أنس بن مالك أنّ أبا بكر بعثه إلى أهل اليمن يستنفرهم إلى الجهاد، فرحل ذو الكلاع، ومَنْ أطاعه من حِمْير. وروى إِبْرَاهِيمُ بْنُ زائلٍ في كتاب "صفّين" من طريق جابر الجُعفي عمن حدثه أنَّ معاوية خطب، فقال: إن عليًا نهد إليكم في أهل العراق فقال ذو الكلاع: عليك أَمْ رَأْيِ وعلينا أَمْ فِعَالٍ ــ وهي لغة يجعلون لام التعريف ميمًا ــ وذكر المرْزَبَانِيّ في "معجم الشعراء" أنه مخضرم له مع عمر أخبار، ثم بقي إلى أيام معاوية، ولما كثر شرب الناس الخمر في خلافة عمر كتب إلى عامله أنْ يأمر بطبخ كل عصير بالشام حتى يذهب ثلثاه؛ فقال ذو الكلاع:
رَمَاهَــا أَمِـيـرُ المُؤْمِنِـــيـنَ بِحَتْفِهَــا فَخِـلَّانُهَـــا يَبْكُــونَ حَـــــوْلَ المَقَـــابـِـــــرِ
فَلَا تَجْلِدُوهُمّ وَاجْلِدُوهَا فَإِنَّهــا هـِيَ العَيْشُ لِلْبَاقِي وَمَنْ فِي المَقَارِيرِ
قال أَبُو عُمَرَ: لا أعلم له صحبة، إلا أنه أسلم واتبع في حياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وكان رئيسًا في قومه مُطاعًا مَتْبُوعًا، وروى يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَة بإسنادٍ له عن الجراح بن منهال قال: كان عند ذي الكلاع اثنا عشر ألف بيت من المسلمين، فبعث إليه عمر فقال: بِعنَا هؤلاء نستعين بهم على عدّو المسلمين، فقال: لا، هم أحرار، فأعتقهم كلهم في ساعة واحدة، وروى خلف بن قاسم، عن أَبي ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني ــ وكان من أَفضل أَصحاب عبد الله بن مسعود ــ قال:‏ رأَيتُ في المنام كأني دخلّتُ الجنةَ، فإذا قِبابٌ مضروبة، فقلتُ: لِمَنْ هذه؟ فقالوا: لذِي الكُلاع، وحَوْشب ـــ قال:‏ وكانا ممن قُتل مع معاوية بصِفّين، قال:‏ ‏فقلت: فأين عمّار وأَصحابه؟ قالوا:‏ أَمَامك، قلت: وقد قَتل بعضُهم بعضًا؟ فقيل:‏ إنهم لقوا الله فوجدوه واسعَ المغفرة، قلت: فما فعل أَهل النّهروان ـــ يعني الخوارج؟ فقيل لي‏:‏ لقوا برحًا. وذكر ابن عبد البر أنه لا يعلم لذي الكلاع رواية إلّا عن عمرو بن عوف بن مالك، وقدم في زمن عمر، فروى عنه، وروى ابن لهيعة، عن ذي الكلاع الحميري قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "اتْرُكُوا التّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ"(*) أخرجه أبو داود في السنن 2/ 515 كتاب الملاحم باب في النهي عن تهييج الترك والحبش حديث رقم 4302، والبيهقي في السنن الكبرى 9/ 176 والطبراني في الكبير 7/ 124، 195، 375 وذكره البيهقي في الزوائد 5/ 307، 7/ 315.. وخرج ذو الكلاع إلى الشام وأقام به، فلما كانت الفتنة كان هو القَيِّم بأمر صفين، وقُتل فيها، وقال خَلِيفَةٌ: كان ذو الكلاع بالميمنة على أهل حمص بصفّين مع معاوية. ولما قتل ذو الكلاع أرسل ابنهُ إلى الأشعث يرغب إليه في جثة أبيه ليأذن له في أخْذِها، وكان في الميسرة، فقال‏‏ له الأشعث: إِني أخاف أَنْ يتَّهمني أميرُ المؤمنين، ولكن عليك بسعْد بن قيس، فإنه في الميمنة، وكانوا قد منعوا أهلَ الشّام تلك الأيّام أنْ يدخلوا عسكر عليّ لئلا يفسدوا عليهم، فأتى ابنُ ذي الكلاع معاوية فاستأذنه في دخول عسكرهم إلى سعد بن قيس، فأذِن له، فلما وَلّي قال‏ معاوية: لأنا أفرَحُ بموت ذي الكلاع منّي بمصر لو فتحتُها، وذلك أنه كان يخالفه، وكان مُطَاعًا في قومه‏، ‏فأتى ابنُ ذي الكلاع سَعْد بن قيس فأذن له في أبيه، فأتاه فوجده قد ربط برجله طنب فُسطاط، فأتى أصحابَ الفُسْطَاط فسلّم عليهم، وقال: أتأذنون في طُنب من أطناب فسطاطكم، قالوا:‏ ‏ نعم، ومعذرة إليك، فلولا بَغْيُه علينا ما صَنَعْنَا به ما تَرَوْن، ‏فنزل إليه وقد انتفخ، وكان عظيمًا جسيمًا، وكان مع ابن ذي الكُلاع أَسْوَد له فلم يستطيعا رَفْعه، فقال‏ ابنه: هل من مُعاون؟ فخرج إليه رجل من أصحاب عليّ يُدعى الخندف فقالوا:‏ تنحّوا، فقال‏ ابنُ ذي الكلاع:‏ ومن يَرْفَعُه؟ قال:‏‏ يرفعهُ الذي قتلَه، فاحتمله حتّى رمَى به على ظَهْر البغل، ثم شدّه بالحبل فانطلقا به إلى عسكرهم. ويقال: إن الذي قَتل ذا الكلاع حُريث بن جابر،‏ وقيل: قتله الأشتر.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال