تسجيل الدخول


عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم

ابن عم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يُكْنَى أبا محمّد، مات النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وله اثنتا عشرة سنة. وروى جعفر بن خالد بن سارة أنَّ أباه أخبره أنَّ عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقُثَمًا وعبيد الله ابني العباس ونحن صبيان نلعب إذ مرَّ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم على دابة فقال: "ارْفَعُوا إلَيَّ هَذَا"، "فَحَمَلَنِي أمَامَه"، وقال لقُثَم: "ارْفعُوا إليَّ هَذَا"، فحمله وراءه، قال: وكان عبيد الله أحبَّ إلى العباس من قثم، فما استحيا من عمه أنْ حمل قثمًا وترك عبيد الله. وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يَصُفُّ عبدَ اللّه وعُبَيْدَ اللّه، وكَثِيرًا بَنِي العباس، ثم يقول: "من سبق إِلَيَّ فلهُ كذا" فيستبقون إِليه، فيقعون على ظهره وصدره، فيقبلهم ويلزمهم". وكان عُبيد الله بن عبّاس أحد الأجواد، وكان يقال:‏ من أراد الجمال والفقه والسخاء فليأتِ دار العبّاس؛ الجمال للفضل، والفقه لعبد الله، والسّخاء لعبيد الله، وكان ينحر كل يوم جزورًا، فنهاه أَخوه عبد اللّه، فلم ينته، ونحر كل يوم جزورين، وكان هو وأَخوه عبد اللّه ــ رضي الله عنهما ــ إِذا قدما المدينة أَوْسَعَهُم عبدُ اللّه عِلْمًا، وأَوسعَهُم عُبَيْدُ اللّه طعامًا. وروي أَن عبيد اللّه بن العباس خرج في سفر له، ومعه مولى له، حتى إِذا كان في بعض الطريق، رُفع لهما بيتُ أَعرابي قال: فقال لمولاه: لو أَنَّا مضينا فنزلنا بهذا البيت وبتْنا به؟! قال: فمضَى، قال: وكان عبيد اللّه رجلًا جميلًا جَهِيرًا، فلما رآه الأَعرابي أَعظمه وقال لامرأَته: لقد نزل بنا رجل شريف! وأَنزله الأَعرابي، ثم إِن الإِعرابي أَتى امرأَته، فقال: هل من عشاءٍ لضيفنا هذا؟ فقالت: لا، إِلا هذه السُّوَيمة التي حياةُ ابنتِكَ من لبنها: قال: لا بد من ذبحها! قال: أَفتقتل ابنتك؟ قال: وإِنْ! قال: ثم إِنه أَخذ الشاة والشَّفْرةِ ثم ذبح الشاة، وهيأَ منها طعامًا، ثم أَتى به عبيدَ اللّهِ ومَوْلاَه، فعَشَّاهما وعبيد اللّه يسمع كلام الأَعرابي لامرأَته ومحاورتهما، فلما أَصبح عبيدُ اللّه قال لمولاه: هل معك شئٌ؟ قال: نعم، خمسمائة دينار فضلت من نفقتنا، قال: ادفعها إلى الأَعرابي، قال: سبحان الله! أَتعطيه خمسمائة دينار وإِنما ذبح لك شاة ثَمَن خَمْسَةِ دراهم؟ قال: وَيْحَك! واللّهِ لهو أَسخى منا وأَجود، إِنما أَعطيناه بعض ما نملك، وجاد هو علينا وآثرنا على مهجة نفسه وولده، قال: فبلغ ذلك معاوية، فقال: لله دَرُّ عُبَيْدِ اللّه! من أَيِّ بَيْضة خرَجَ؟ ومن أَي عُشٍّ دَرَج؟ وكان عبيد الله ينحر ويذبح ويُطعم في موضع المجزرة بالسوق بمكة، وكان عبيد الله يسمى تيار الفُرات. وروى عطاء، عن ابن عباس: أنه دعا أخاه عبيد الله يوم عَرَفة إلى طعام، فقال: إني صائم، فقال: إنكم أئمة يُقْتَدى بكم، قد رأيتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم دعا بحلاب في هذا اليوم فشرب. وروي عن عبيد الله بن العباس: أن رجلًا جاء إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنّ أُمي كبيرة لا نستطيع أن نُركِبَها، لا تستمسك وإن ربطناها خفت أن تموت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم". استعمل عليّ بن أبي طالب عبيد الله على اليمن، وأمَّره على الموسم، فحجَّ بالنّاس سنة ستّ وثلاثين وسنة سبع وثلاثين، فلما كان سنة ثمان وثلاثين بعثه أيضًا على الموسم، وبعث معاويةُ في ذلك العام يزيدَ بن شجرة الرُّهَاوي ليقيم الحجّ، فاجتمعا فسأل كلُّ واحد منهما صاحبه أن يُسلم له، فأبى واصطلحا على أن يصلّي بالنّاس شيبة بن عثمان‏. ومات عبيد الله بن العبّاس سنة ثمان وخمسين بالمدينة في أيام يزيد بن معاوية.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال