تسجيل الدخول


عقيل بن أبي طالب بن عبد مناف القرشي الهاشمي

عَقِيل بن أَبي طَالِب ــ واسمه: عَبْد مَنَاف ــ بن عبد المطلب القُرَشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
ُيكْنَى أبا يزيد، وعقيل هو أَخو علي وجعفر لأَبويهما، وهو أَكبرهما، وكان عقيل أسنّ بني أبي طالب بعد طالب ولا بقيّة له، وأمّه أيضًا فاطمة بنت أسد بن هاشم، وكان أسَنّ من عَقِيل بعشر سنين وكان عقيل أسنّ من جعفر بعشر سنين وكان جعفر أسنّ من علي بعشر سنين، فعليّ كان أصغرهم سنًّا وأوّلهم إسلامًا، وكان لعقيل بن أبي طالب من الولد: يزيد، وسعيد؛ وأمّهما أمّ سعيد بنت عمرو، وجعفر الأكبر، وأبو سعيد الأحول وهو اسمه؛ وأمّهما أمّ البنين بنت الثُّغَر عمرو بن الهصار بن كعب، وأمّ الثغر أسماء بنت سفيان أخت الضّحّاك بن سفيان بن عوف، صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومسلم بن عَقيل، وهو الذي بعثه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ــ عليهما السلام ــ من مكّة يبايع له الناسَ فنزل بالكوفة على هانئ بن عُرْوةَ المُرادي فأخذ عبيد الله بن زياد مسلمَ بن عقيل وهانئ بن عروة فقتلهما جميعًا وصلبهما فلذلك قول الشاعر:
فإن كنتِ لا تدرينَ ما الموتُ فانظري إلى هانئ في السّوقِ وابنِ عقيلِ
ترَيْ جسدًا قد غَـّيّرَ الموْتُ لَوْنَهُ وَنَضْحَ دَمٍ قد سالَ كـُلَّ مسيلِ
وعبد الله بن عَقيل، وعبد الرحمن، وعبد الله الأصغر؛ وأمّهم خليلة أمّ ولد، وعليّ لا بقيّة له وأمّه أمّ ولد، وجعفر الأصغر وحمزة وعثمان لأمهات أولاد، ومحمد ورملة وأمّهما أمّ ولد، وأمّ هانئ، وأسماء، وفاطمة، وأمّ القاسم، وزينب، وأمّ النعمان؛ لأمّهات أولاد شتّى، ومات عَقيل بن أبي طالب بعدما عَمِيَ في خلافة معاوية بن أبي سفيان وله عقب، وله دار بالبَقيع رَبـّةٌ ــ يعني: كثيرة الأهل والجماعة ــ واسعة.
تأخر إسلامُ عقيل إلى عام الفتح، وقيل أسلم بعد الحديبية، وروى أبان بن عثمان، عن معاوية بن عمّار الدُّهْني قال: سمعتُ أبا عبد الله جعفر بن محمد يقول: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يـَومَ بدر: "انظروا مَن هاهنا من أهل بيتي من بني هاشم"، قال فجاء عليّ بن أبي طالب، فنظر إلى العبّاس ونوفل وعَقيل ثمّ رجع، فناداه عقيل: يا ابن أمّ عليّ، أما والله لقد رأيتنا، فجاء عليّ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيتُ العبّاس ونوفلًا وعقيلًا، فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى قام على رأس عَقيل فقال: "أبا يزيد قُتل أبو جهل"، قال: إذًا لا يُنازعوا في تهامةَ إن كنتَ أثخْنتَ القومَ وإلا فاركب أكتافهم(*). وفي رواية: قال عقيل بن أبي طالب للنبيّ، صَلَى الله عليه وسلم، مَن قتلتَ من أشرافهم؟ قال: "قُتل أبو جهل"، قال: الآن صفا لك الوادي، ورجع عقيل إلى مكّة فلم يزل بها حتى خرج إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مهاجرًا في أوّل سنة ثمانٍ، فشهد غزوة مُؤتةَ ثمّ رجع فعرض له مَرَضٌ فلم يُسْمَعْ له بذكر في فتح مكّة ولا الطائف ولا خيبر ولا في حُنين، وقد أطعمه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بخيبر مائة وأربعين وسقًا كلّ سنة(*).
وروى قيس بن الربّيع، عن جابر، عن عبد الله بن محمّد بن عقيل قال: أصاب عقيل بن أبي طالب خاتمًا يومَ مُؤتَةَ فيه تماثيل فأتى به رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم فنفّله إيـّاه فكان في يده، قال قيس: فرأيتُه أنا بعد(*)، وقيل: كان عقيل ممَّنْ ثبت يوم حُنين، وروى معمر، عن زيد بن أسلم قال: جاء عقيل بن أبي طالب بِمِخْيَط فقال لامرأته: خِيطي بهذا ثيابك، فبعث النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم مناديًا، ألا لا يَغُلَّنَّ رجل إبرةً فما فوقها، فقال عقيل لامرأته: ما أرى إبراتك إلاّ وقد فاتَتْكِ(*).
وروى عيسى بن عبد الرحمن السلميّ، عن أبي إسحاق أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعقيل بن أبي طالب: "يا أبا يزيد إني أُحبّك حُبّين، حُبًّا لقرابتك وحُبًّا لما كنتُ أعلم من حب عمّي إيـّاك"(*)، وروى ابن جُريج، عن عَطاء قال: رأيت عقيل بن أبي طالب شيخًا كبيرًا يُقِلُّ الغَرْبَ، قال وكان عليها غُروبٌ ودِلاءٌ، قال ورأيتُ رجالًا منهم بعدُ ما معهم مولًى في الأرض يُلفون أرْدِيَتَهم فينزعون في القميص حتى إنّ أسافلَ قُمُصِهم لَمُبْتَلَّةٌ بالماء فينزعون قبل الحج أيام منى وبعده.
وقدم عقيل البصرة، ثم الكوفة، ثم أتى الشّام، وكان عَقيل بن أبي طالب فيمن أُخرج من بني هاشم كُرْهًا مع المشركين إلى بدر فشهدها وأُسر يومئذٍ وكان لا مالَ له ففداه العبّاسُ بن عبد المطّلب، وكان عقيل يُكْثِر ذكر مَثَالِب قريش، فعادَوْه لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه فيه إِلى الحمق، واختلقوا عليه أَحاديث مزورة، وكان مما أَعانهم عليه مفَارَقَتُه أَخاه عليًّا ــ رضي الله عنه ــ ومسِيرُه إِلى معاوية بالشام، قيل: إِنما سار إِلى معاوية لأَنه كان زَوْج خالَته فاطمة بنت عُتْبَة بن ربيعة، وفي رواية: أنَّ عقيل أَتى معاوية فقال له: يا أَبا يزيد، كيف تركت عليًا وأَصحابَه؟ قال: كأَنهم أَصحابُ محمد، إِلاَّ أَنِّي لَمْ أَرَ رسولَ اللّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فيهم، وكأَنكَ وأَصْحَابَك أَبُو سفيانَ وأَصحابُه، إِلا أَني لم أَرَ أَبَا سفيانَ فيكُم، فلما كان الغدُ قَعَد معاويةُ على سريرِه، وأَمر بكرسي إِلى جنب السَّرِيرِ، ثم أَذِنَ للناسِ فدخلوا، وأَجلس الضَّحَّاكَ بن قَيْسٍ معه علَى سريرهِ، ثم أَذِنَ لعَقِيلٍ فدخل عليه، فقال: يا معاوية، مَنْ هذا معك؟ قال: الضَّحَّاك بن قَيْس، فقال: الحمد لله الذي رفع الخسيسة وتَمَّم النقيصة! هذا الذي كان أَبوه يَخْصِي بَهْمَنَا بالأَبْطَح، لقد كان بِخِصائِها رَفِيقًا، فقال الضحاك: إِني لعالم بمحاسن قريش، وإِن عَقِيلًا عالمٌ بمَسَاوِيها، وأَمر له معاوية بخمسين أَلفَ درهم، فأَخذها ورجع.
وروى أَبو صالح، عن ابن عباس قال: كان في قُرَيْش أَربعةٌ يَتَنَافَرُ النَّاسُ إِليْهِم ويتحاكمون: عَقِيل بن أَبي طالب، ومَخْرَمةَ بن نَوْفل الزهري، وأَبو جَهْم بن حُذَيْفَة العَدَوِي وحُوَيْطِب بن عبدِ العُزَّى العامِري، وكان الثلاثة يَعُدُّون محاسنَ الرجل إِذا أَتاهم، فإِذا كان أَكثرَ محاسنَ نَفَّرُوه على صاحبه، وكان عَقِيلٌ يعُدُّ المساوئ، فأَيُّمَا كان أَكْثَر مساوئَ تَرَكَه، فيقول الرجل: وَدِدْتُ أَني لم آته، أَظْهَرَ مِنْ مساوِيَّ ما لم يكن الناسُ يَعْلَمُون، وكان عَقيل أنسب قريش وأعلمهم بأيامها، ولكنه كان مبغَّضا إليهم، لأنه كان يعُدّ مساويهم، وكانت له طِنْفِسة تُطْرَح له في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ويُصلي عليها، ويجتمع إليه في علم النّسب وأيام العرب، وكان أسرع الناس جوابًا وأحضرهم مُراجعة في القول، وأبلغهم في ذلك.
وروى عن عقيل: ابنه محمد، والحسن البصري، وغيرهما، وهو قليل الحديث، وروى سالم بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن محمد بن عَقِيل قال: تَزَوَّجَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا لَهُ: "بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِيْنَ"، فَقَالَ: مَهْ! لاَ تَقُولُوا ذَلِكَ، فَإِنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: "قُولُوا: بَارَكَ الله لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَبَارَكَ لَكَ فِيْهَا"(*) أخرجه أحمد في المسند 3/451 و أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 45572، ومن حديثه عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: "يُجْزِئُ مُدٌّ لِلوُضُوءِ وَصَاعٌ لِلْغُسْلِ"(*) أخرجه ابن ماجة في السنن حديث رقم 270، وأحمد في المسند 3/ 370، وابن أبي شيبة 1/ 65، وابن خزيمة في صحيحه حديث رقم 117، والحاكم في المستدرك 1/ 161، والبيهقي في السنن 1/ 195.، ومات عقيل في خلافة معاوية، وقيل: أنه مات في أَوَّل خلافة يزيد قبل الحَرَّة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال