تسجيل الدخول


أبو أمية الجمحي

يُكْنَى أبا وهب، وقيل: أبو أميّة، وهما كنيتان له مشهورتان، فعن ابن شهاب أن رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لصفوان بن أمية: "انْزِلْ أَبا وَهْبٍ". وعن أَبي جعفر محمد بن علي أَنَّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم قال‏‏ صفوان بن أميّة: "يَا أَبَا أُمَيَّةَ". شهد حنينًا كافرًا، فلما انهزم المسلمون قال كَلَدة بن الحَنْبل، وهو أَخو صفوان لأَمه: آلا بَطَل السِّحْر!‍ فقال: صفوان: اسكت، فَضَّ الله فاك، فوالله لأَن يَرُبَّني رَجُلٌ من قريش أَحَبُّ إِلي من أَن يَرُبَّني رَجُلٌ من هَوَازِن؛ يعني عوفَ بن مالك النَّضْري، وهرب صفوان بن أميّة يوم الفتح، ثم رجع صفوان إلى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فشهد معه حنينًا والطَّائف، وهو كافرٌ وامرأَته مُسلمة، أسلمت يوم الفتح قبل صَفْوان بشهر، ثم أسلم صفوان وأقرَّا على نكاحهما، وكان عُمير بن وهب بن خلف قد استأْمَن له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين هرب يوم الفتح هو وابنه وَهْب بن عمير، فآمنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لهما، وبعث إليه مع وهب بن عمير بردائه أو ببردهِ أمانًا له، فأدركه وهب بن عمير ببُرْد رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم أَو بردائه، فانصرف معه، فوقف على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وناداه في جماعة الناس: يا محمد، إن هذا وَهْب بن عمير يزعمُ أنك آمنتني على أن أسير شهرين، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "انْزِلْ أَبَا وَهب". فقال: لا، حتى تبين لي، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "انْزِل فَلَكَ مَسِيرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ". وخرج معه إلى حُنين، واستعارَهُ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم سلاحًا، فقال: طوعًا أو كرهًا؟ فقال: "بَلْ طَوْعًا، عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ"؛ فأعاره، وأعطاه رسولُ الله صَلَّى الله وسلم من الغنائم يوم حُنين فأكثر، فقال صفوان: أشهد بالله ما طابت بهذا إلا نفس نبيِّ، فأسلم، وأقام بمكَّة، ثم إنه قيل له: من لم يُهاجر هلك، ولا إسلامَ لمن لا هجْرَة له؛ فقدم المدينة مهاجرًا، فنزل على العباسيّ بن عبد المطَّلب، وذكر ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا هِجْرَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ"، وقال له: "عَلَى مَن نَزَلْت يا أَبَا وَهْبٍ"؟ قال:‏ نزلْتُ على العبّاس. قال: "نَزَلَتَ عَلَى أَشدِّ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ حُبّا"، ثم أمره أنْ ينصرف إلى مكّة، فانصرف إليها، فأقام بها حتى مَات . وقيل لما شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينًا والطائف وهو كافر، ثم رجع إلى الجعرانة فبينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يسير في الغنائم ينظر إليها ومعه صفوان بن أمية، فجعل صفوان ينظر إلى شِعْبٍ مُلِىءَ نَعَمًا وَشَاءً وَرِعَاءً، فأدام النظر إليه، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يرمقه، فقال: "أَبَا وَهْب يعجبك هذا الشِّعب؟" قال: نعم. قال: "هو لك وما فيه"، فقال صفوان عند ذلك: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأسلم مكانه، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أيضًا مع المؤَلَّفَة قلوبهم من غنائم حُنين خمسين بعيرًا، ولم يزل صفوان صحيح الإسلام. وكان صفوان بن أميَّة أحدَ أشرافِ قريش في الجاهليّة، وإليه كانت فيهم الأيسار‏؛‏ وهي الأزلام، فكان لا يسبق بأمرٍ عام حتى يكونَ هو الذي يجري يسره على يديه، وكان أحدَ المطعمين، وكان يقال له: سداد البطحاء، وكان من أفصح قريش لسانًا، وعن معروف بن خَرَّبود، قال: كان صفوان أَحدَ العشرة الذين انتهى إليهم شرفُ الجاهليَّة، ووصله لهم الإسلام من عشر بطون، وعن أبي حصين الهذلي قال: استقرض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من صفوان بن أمية بمكة خمسين ألفًا فأقرضه. وروى صفوان بن أمية، قال: والله لقد أعطاني النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وإنه لأبغض النّاسِ إليّ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحبُّ النّاسِ إِلىّ. روى عنه أولاده: عبد الله، وعبدالرَّحمن، وأميَّة، وابن ابنِه صفوان بن عبد الله، وابن أخيه حميد بن حُجَير، وعبد الله بن الحارث، وسعيد بن المسيّب، وعامر بن مالك، وعطاء، وطاوس، وعكرمة، وطارق بن المرقّع، كان يحرّض الناس على الخروج إلى الـجَمَل‏، ويقال: إنه شهد اليرموك، وكان حينئذ أميرًا على كردوس. مات قبل عثمان، وقيل: عاش إلى زمن عليّ، وقيل: عاش إلى أول خلافة معاوية.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال