تسجيل الدخول


أم سالم مولى أبي حذيفة

يُكنى أبا عبد اللّه، وهو مولى أبي حذيفة بن عُتْبَة بن ربيعة القرشي العَبْشَمِي، وكان من أهل فارس من إصْطَخْر، وكان من فضلاء الصحابة والموالي وكبارهم، وهو معدود في المهاجرين؛ لأنه لما أعتقته مولاته ثُبَيْتةُ الأنصارية، زوجُ أبي حذيفة، تَوَلَّى أبا حذيفة، وتبناه أبو حذيفة، فلذلك عُدّ من المهاجرين، وهو معدود في بني عبيد من الأنصار، لعتق مولاته زوج أبي حذيفة له، وهو معدود في قريش لما ذكرناه، وفي العجم أيضًا لأنه منهم، ويعد في القُرَّاء لقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ" ، فذكره منهم. وكان قد هاجر إلى المدينة قبل النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وروي أنَّ عائشة احتبست على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "مَا حَبَسَكِ"؟ قالت: سمعت قارئًا يقرأ، فذَكَرت من حسن قراءته، فأخذ رداءه وخرج، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال: "الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَكِ" . شهد سالم بدرًا، وأحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وروي أن سالمًا مولى أبي حذيفة قيل يوم اليمامة في اللواء أن يحفظه، وقال غيره: نخشى من نفسك شيئًا فنولِّي اللواء غيرك، فقال: بئس حامل القرآن أنا إذًا! فقطعت يمينه فأخذ اللواء بيساره، فقطعت يساره فاعتنق اللواء، وهو يقول: }وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ {[آل عمران/ 144: }وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ {[آل عمران/ 146] فلما صُرع قال لأصحابه: ما فعل أبو حذيفة؟ قيل: قُتل، قال: فما فعل فلان؟ لرجل سماه، قيل: قُتل، قال: فأضجعوني بينهما. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكثر الثناء عليه، حتى قال لما أوصى عند موته: لو كان سالم حيًا ما جعلتها شورى، قال أبو عمر: معناه أنه كان يصدر عن رأيه فيمن يُوَليه الخلافة، وكان أبو حذيفة قد تبناه كما تبنى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، فكان أبو حذيفة يرى أنه ابنه، فأنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وهي من المهاجرات، وكانت من أفضل أيامَى قريش، فلما أنزل اللّه تعالى: }ادْعُوهُمْ لِأَبَائِهِمْ {[الأحزاب/ 5] ردّ كل أحد تبنى ابنًا من أولئك إلى أبيه، فإن لم يُعْلَم أبوه رُدَّ إلى مواليه. وروي عن سالم مولى أبي حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، : "لَيُجَاُء يَوْمَ القِيَامَةِ بِقَوْمٍ مَعَهُمْ حَسَنَاتٌ مِثْلُ جِبَال تِهَامةَ، فَيَجْعَلُ الله أَعْمَالَهُمْ هَباءً، كَانُوا يصلّونَ، وَيَصُومُونَ، وَلَكن إذَا عَرَضَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْحَرَامِ وَثَبُوا إِلَيـْهِ. ولما قُتل يوم اليمامة أرسل أبو بكر بميراثه إلى مولاته ثُبيتة بنت يعار فأبَتْ أن تقبله، ثمّ إنّ عمر أرسل به فأبت وقالت: سَيّبْتُه لله، فجعله عمر في بيت المال، وروي عن سعيد بن المسيّب قال: كان سالم سائبة فأوصى بثلث ماله في سبيل الله، وثلثه في الرّقاب، وثلثه لمواليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال