المخبل السعدي
رَبِيعُ بن رَبِيعَة بن عَوْفُ التميمي القريعيّ، وقيل: ربيعة بن عوف، وقيل: كعب بن ربيعة، وقيل: ربيعة، وقيل: الربيع بن مالك، وقيل: ربيعة بن كَعْب، آخر، غير ربيعة بن كعب بن مالك، الشّاعر المشهور بالمخبّل السَعْديّ، من بني أنف الناقة.
يكنى أبا يزيد. ذكر أبو علي زكريا بن هارون الهجري في نوادره أن له صحبة وهِجْرَة، وقال ابْنُ حَبِيب، وغير واحد مِنْ رواة الأخبار: اجتمع الزبرقان بن بدر، والمخبّل السعديّ، وعَبْدَة بن الطبيب، وعمرو بن الأهتم، وعلقمة بن عبدة قبل أن يسلموا وقبل مبعث النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فنحروا جَزُورًا واشتروا خمرًا ببعير، وجلسوا يشوون ويأكلون، فذكروا الشعراء، وأيهم أجود شعرًا، فرضوا أن يحكموا أوّل من يطلع، فطلع عليهم ربيعة بن حُذَار الأسديّ، فسألوه، فقال: أخاف أن تغضبوا، فأمنّوه مِنْ ذلك، فقال أما أنت يا مخبل فشِعْرُك شهب من نار يلقيها الله على من يشاء من عباده. قال أَبُو الْفَرَجِ الأصْبَهَانِيُّ: كان المخبل مخضرمًا مِنْ فحول الشعراء، وعُمِّر عمرًا طويلًا، وأحسبه مات في خلافة عمر أو عثمان، وفيه يقول الفرزدق الشاعر:
وَهَب الْقَصَائِدَ لي النَّوَابِغُ إِذْ مَضَوْا وَأَبُو يَزِيدَ وَذُو الْقُروحِ وَجَرْوَل
وأورد مهاجاة بين المخبل وبين الزبرقان بن بدر. وقال المرْزَبَانِيُّ: كان شاعرًا مفلقًا مخضرمًا نزل البصرة، وهو القائل في قصيدته المشهورة:
إِنِّـي وَجَـدْتُ الأمـْرَ أَرْشَـدُهُ تَقْـوَى الإِلـَهِ وَشَـرُّهُ الإِثْـمُ
وذكر وَثِيمَةُ في "الردة" أن المخبَّل شهد مع قَيْس بن عاصم حَرْبَ ربيعة بالبحرين، وله في قيس بن عاصم مديح. روى أَبُو الفَرَجِ الَأصْبَهَانِيُّ: أنّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم ولّى الزّبرقان بن بدو بن امرئ القيس صدقاتِ بني تميم، ثم أَقرَّه أبو بكر على عمله، ثم قدم على عُمر بصدقات قومه، فلقيه الحطيئَة الشاعر بقَرْ قَرى ومعه أبناه أَوْس، وسَوَادة، وبناتُه، وامرأَته، فعرفه الزّبْرقان، فقال: أين تريد؟ قال: العراق؛ لأصادف مَنْ يكفيني عيالي وأُصْفيه مَدْحي، فقال: لقد لقيته، قال: مَنْ؟ قال: أنا، قال: مَنْ أنت؟ قال: الزّبْرَقان بن بَدْر، فسِرْ إلى أُمِّ بدرة بنت صعصعة بن ناجية عمة الفرزدق، وهي امرأة الزّبرقان، بكتابي، فسار إليها، فبلغ ذلك بَغيض بن عامر وإخوته وبني عمه منهم بَغِيض بن شَمَّاس، وعلقمة بن هَوْذة، وشَمَّاس بن لأي، والمخَبَّل وغيرهم، وكانوا ينازعون الزبرقان بن بدر الرياسةَ، ويقال: إن المخبل خطب أخت الزبرقان فمنعه لشيء كان في عَقْله، وزوَّجها هزّالًا، وكان هزّال قتل جارًا للزبرقان فغيَّره المخبل بأبيات منها:
أَنْكَحْتَ هـزَّالًا خُلَيْـدَةَ بَعْـدَمَا زَعَمْتَ بِظَهْـرِ الغَيْبِ أَنَّكَ قَاتِلُهْ
ذكر له أبو الفرج في "الأغاني"، ووكيع في "غُرر الأخبار" قصة طويلة مع زوجته أم عمرو وأختها سلا، وإياهما عنى بقوله في الأبيات المشهورة:
مِنَ النَّاسِ إِنْسَانَانِ دَيْنِي عَلَيْهمَا مَلِيَّانِ لَوْ شَاءَا لَقَدْ قَضَيَانـِـي
خَلِيَليَّ أَمَّـا أُمُّ عَمْرٍو فَـمِنْهُـــمَــا وَأَمَّا عَنِ الُأخْرَى فَلَا تسَلَانِي
قال الَأصْمعيُّ، وأَبُو عُبَيْدَة، وابنُ الَأعْرَابِيِّ: خرج شيبان بن المخّبل السّعدي بعد أن هاجر في خلافة عُمر مع سَعْد بن أبي وقّاص إلى حرب الفرس، فجزع عليه أبوه، وكان قد أسنّ وضَعُف، وكاد يغلب عقله، فعمد إلى ماله ليبيعَه ويلحق بابنه، فمنعه علقمة بن هوذة، وأعطاه فرساه، قال له: أنا أكلم لك عُمر في ردِّ ابنك، وتوجّه إلى عمر، وأَنشده قول المخبل:
أَيَمْلكُنِي شَيْبَانَ فِـي كُـلِّ لَيْلِةٍ بِقَلْبي منْ خَوْفِ الفِرَاق وَجيبُ
وَيُخْبِرُنِي شَيْبَانُ أَنْ لَنْ يَعُقَّني يَعُـقُّ إِذَا
فَارَقتنِـي وَيَحُـوبُ
ويقول فيها:
فَإِنْ يَكُ غُصْنِي أَصْبَحَ اليَوْمَ بَاليًِا وَغُصْنُكَ مِـنْ مَـاءِ الشَّبَابِ رَطِيبُ
إِذَا قَالَ صَحْبِي يَا رَبِيعُ أَلَا تَرَى أَرَى الشَّخْصَ كَالشَّخْصَيْنِ وَهُوَ قَرِيبُ
فبكى عمر رقةً له، وكتب إلى سعد أن يُقْفِله، فانصرف شيبان إلى أبيه، فكان معه حتى مات.
قال أَبُو الْفَرَجِ فِي "الأغَانِي": عُمِّر في الجاهليّة والإسلام عُمْرًا طويلًا، وأحسبه مات في خلافة عمر أو عثمان، وهو شيخ كبير.