1 من 2
خُوَيْلِدُ بْنُ خَالِدٍ الهُذَلِيُّ
(س) خُوَيْلِدُ بن خَالِد بن المُحَرَث بن زُبَيد بن مَخْزُوم بن صَاهِلة بن كاهل بن الحارث ابن تميم بن سعد بن هُذيل، أبو ذؤيب الهُذَليّ. الشاعر المشهور، أسلم على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولم يره، قاله أبو عمر في الكنى.
وقال أبو موسى: وفد على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، روى عنه الأخنس بن زهير حديثًا، ذكره أبو مسعود، أخرجه هاهنا أبو موسى، وسيذكر في الكنى إن شاء الله تعالى.
(< جـ2/ص 193>)
2 من 2
أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ
(ب د ع) أَبو ذُؤَيب الهُذَلِيّ الشاعر.
كان مسلمًا على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولم يره. ولا خلاف أَنه جاهلي إِسلامي. قيل: اسمه خويلد بن خالد بن المُحَرِّث بن زبَيد بن مخزوم بن صَاهِلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذَيل.
وقال ابن إِسحاق: قال أَبو ذؤيب الشاعر: بلغنا أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مريض، فاستشعرت حزنًا، وبت بأَطول ليلة لا ينجاب دَيْجُورها، ولا يطلع نورها، فَظَللْت أُقاسي طولها، حتى إِذا كان قريب السحر أَغفيت، فهتف بي هاتف يقول: [الكامل]
خَطْبٌ أَجَلُّ أَنَاخَ بِالْإِسْلَامِ بَينْ
النَّخِيلِ وَمَعْقِدِ الآطَامِ
قُبِضَ الْنَّبِيُّ مُحَمَّدٌ فَعُيُونُنَا تَذْرِي الدّمُوعَ عَلَيْهِ بِالْتَسْجَامِ
قال أَبو ذؤُيب: فوثبت من نومي فزعًا فنظرت إِلى السماء فلم أَر إِلا سعد الذابح فتفاءَلت ذبحًا يقع في العرب. فعلمت أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قد قُبِض، أَو هو ميت من علته، فركبت ناقتي وسرت، فلما أَصبحت طلبت شيئًا أَزجر به، فَعَنَّ لي شَيْهم ــ يعني القنفذ ــ وقد قبض على صل ــ وهي الحية ــ فهي تلتوي عليه، والشَّيْهَم يَعَضُّها حتى أَكلها، فزجرت ذلك فقلت: الشيهم شيءٌ مهم، والتواءُ الصل التواءُ الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم أَوَّلت أَكْلَ الشَّيْهَم إِياها غلبةَ القائم بعده على الأَمر. فحثثت ناقتي حتى إِذا كنت بالغابة زَجرْتُ الطائر، فأَخبرني بوفاته. ونَعَب غراب سانح فنطق بمثل ذلك، فتعوذت بالله من شر ما عَنَّ لي في طريقي. وقدمت المدينة ولها ضجيح بالبكاءِ كضجيح الحاج إِذا أَهلوا بالإِحرام، فقلت: مه؟ فقالوا: قبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. فجئت المسجدَ فوجدتهُ خاليًا، وأَتيت بيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأَصبت بابه مُرْتَجًا، وقيل: هو مُسَجى، وقد خلا به أَهله. فقلت: أَين الناس؟ فقالوا: في سقيفة بني ساعدة، صاروا إِلى الأَنصار. فجئت إِلى السقيفة فوجدت أَبا بكر، وعمر، وأَبا عبيدة بن الجراح، وسالمًا، وجماعة من قريش. ورأَيت الأَنصار فيهم: سعد بن عبادة، وفيهم شعراؤُهم: كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، ومَلأٌ منهم. فآويت إِلى قريش وتكلمت الأنَصار فأَطالوا الخِطاب، وأَكثروا الصواب. وتكلم أَبو بكر فلله دَرُّه من رجل لا يطيل الكلام، يعلم مواضع فصل الخصام! والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إِلا انقاد له، ومال إِليه. ثم تكلم عمر بعده بدون كلامه، ثم مدَّ يدَه فبايعه وبايعوه. ورجع أَبو بكر فرجعت معه. قال أَبو ذؤيب: فشهدت الصلاة على محمد صَلَّى الله عليه وسلم وشهدت دفنه. ثم أَنشد أَبو ذؤيب يبكي النبي صَلَّى الله عليه وسلم: [الكامل]
لَمَّا
رَأَيْتُ
الْنَّاسَ
فِي عَسَلاَنِهمْ مَا بَيْنَ مَلْحُودٍ لَهُ
وَمُضَرَّحِ
مُتَبَادِرِين لِشرْجَعٍ بِأَكُفِّهِمْ نَصَّ الْرِّقَابِ، لِفَقْدِ أَبْيَضَ أَرْوَحِ
فَهُنَاكَ صِرْتُ إِلَى الْهُمُومُ وَمَنْ يَبِتْ جَارَ الْهُمُـومِ يَبِيْتُ غَيْرَ مُرَوَّحِ
كُسِفَتْ لِمَصْرَعِهِ الْنُّجُومُ وَبَدْرُهَا وَتَضَعْضَعَتْ آطَامُ بَطْنِ الْأَبْطَحِ
وَتَزَعْزَعَتْ
أَجْبَالُ
يَثْـرِبَ
كُلِّهَا وَنَخِيلُهَا لِحُلُولِ خَطْبٍ مُفْدِحِ
وَلَقَدْ زَجَرْتُ الْطَّيْرَ
قَبْلَ وَفَاتِهِ بِمُصَابِهِ وَزَجَرْتُ سَعْدَ
الْأَذْْبَحِ
وَزَجَرْتُ أَنْ نَعَبَ الْمُشَحِّجُ سَانِحًا مُتَفَائِلًا
فِيهِ
بِفَأْلٍ
أَقْبَحِ
ورجع أَبو ذؤيب إِلى باديته فأَقام بها، وتوفي في خلافة عثمان، رضي الله عنه، بطريق مكة، فدفنه ابن الزبير. وقيل: إِنه مات بمصر منصرفًا من غزوة إِفريقية، وكان غزاها مع عبد الله بن الزبير ومدحه، فلما عاد ابن الزبير من إِفريقية عاد معه، فمات، فدفنه ابن الزبير. وقيل: إِنه مات غازيًا بأَرض الروم، ودُفِن هناك.
وكان عمر بن الخاطب نَدَبَه إِلى الجهاد، فلم يزل مجاهدًا حتى مات بأَرض الروم، فدفنه ابنه أَبو عبيد، فقال له عند موته: [الرجز]
أَبَا عُبَيْدٍ، رُفِعَ الْكِتَابُ وَاقْتَرَبَ الْمَوْعِدُ وَالْحِسَابُ
في أَبيات، قال محمد بن سلام: قال أَبو عمرو: سُئِل حسان بن ثابت: مَنْ أَشعر الناس؟ فقال: حَيَّا أَم رجلًا؟ قالوا: حيًا. قال: هذيل أَشعر الناس حَيَّا. قال ابن سلام: وأَقول: إِن أَشعر هذيل: أَبو ذؤيب.
قال عمر بن شَبة: تقدّم أَبو ذؤيب على سائر شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يقول فيها بَنِيه.
وقال الأَصمعي: أَبرع بيت قالته العرب بيت أَبي ذؤيب: [الكامل]
وَالْنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إِذَا رَغّبْتَهَا وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيْلٍ تَقْنـَعُ
وهذا البيت من شعره المفضل، الذي يرثي فيه بنيه، وكانوا خمسة أَصيبوا في عام واحد، وفيه حكم وشواهد، وأَوّلها: [الكامل]
أَمِنَ
الْمَنُونِ
وَرَيْبِهَـا
تَتَوَجَّـعُ وَالدَّهْرُ لَيْسَ بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
قَالَتْ أُمَامَةُ: مَا لِجِسْمِكَ شَاحِبًا مُنْذُ ابْتَذَلْتَ وَمِثْلُ مَالِـكَ يَنْفَـعُ؟
أَمْ مَا لِجَنْبِكَ لاَ يُلَائـِمُ
مَضْجَعًا إِلاَّ أَقَضَّ عَلَيكَ ذَاكَ المَضْجَـعُ؟
فَأَجَبْتُهَا: أَنْ مَا
لِجِسْمِي
أَنَّهُ أَوْدَى بَنِيَّ مِنَ الْبِلَاَدِ فَوَدَّعُـوا
أَوْدَى
بَنِيَّ
فَأَعْقَبُونِي
حَسْرَةً بَعْدَ الْرُّقَادِ وَعَبْرَةً
لاَ
تُقْلِـعُ
فَالعَيْنُ
بَعْدَهُمُ كَأَنَّ
حِدَاقَهَا كُحِلَتْ بِشَوْكٍ فَهِيَ عُورٌ تَدْمَـعُ
سَبَقُوا هَوَيَّ
وَأَعْنَقُوا
لِهَـوَاهُمُ فَتُخُرِّمُوا وَلِكُلِّ
جَنْـبٍ مَصْرَعُ
فَغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ
بِعَيْشٍ نَاصِـبٍ وَإِخَالُ أَنِّيَ
لاَحِـقٌ
مُسْتَتْبَـعُ
وَلَقَدْ حَرَصْتُ بِأَنْ أُدَافِعُ عَنْهُمُ فَإِذَا الْمَنِيَّـةُ أَقْـبَلَتْ
لاَ تُدْفَـعُ
وَإِذَا
الْمَنِيَّةُ
أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا أَلْفَيْتَ كُلَّ
تَمِيمَةٍ
لاَ
تَنْفَـعُ
وَتَجَلُّدِي لِلْشَّامِتِيـنَ
أُرِيْهِمُ أَنِّي لِرَيبِ الدَّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَـعُ
حَتَّى
كَأَنِّي
لِلْحَوَادِثِ
مَـرْوَةٌ بِصَفَا
المُشَقَّرِ كُلَّ يَـوْمٍ تُقْـرَعُ
وَالدَّهْرُ لاَ
يَبْقَى
عَلَى حَدَثَانِهِ جَوْنُ السَّحَابِ لَهُ جَدَائِدُ أَرْبَعُ
أَخرجه أَبو عمر مطولًا، ولحسن هذه الأَبيات أَوردناها جميعها، والله أَعلم.
(< جـ6/ص 98>)