تسجيل الدخول


قدامة بن مظعون الجمحي

1 من 2
قُدامة بن مظعون بن حبيب بن وَهْب بن حُذافة بن جُمَح القرشي الجمحي، أخو عثمان؛ يكنى أبا عمرو.

كان أحد السابقين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد بَدْرًا، قَالَ البُخَارِيُّ: له صحبة وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: يُكنى أبا عمرو، أسلم قديمًا، وكان تحته صفية بنت الخطاب أخْت عمر.

وأخرج أحمد من طريق محمد بن إسحاق: حدثني عمر بن حسين مولى آل حاطب، عن نافع. عن ابن عمر؛ قال: توفي عثمان بن مظعون، وترك ابنةً له من خويلة بنت حكيم ابن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية، وأوْصى إلى أخيه قدامة بن مظعون قال عبد الله: وهما ـــ يعني عثمان وقدامة ـــ خالَاي، فمضيت إلى قُدَامة أخطب إليه ابنة عثمان ابن مظعون، فأجابني، ودخل المغيرة بن شعبة على أمها فأرغبها في المال، فكان رأي الجارية مع أمها، فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قُدامة فسأله، فقال: يا رسول الله، هي ابنةُ أخي، ولم آل أنْ أختار لها؛ فقال: "هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها"(*) فانتزعها مني وزوَّجها المغيرة.

وأخرجه الدارقُطْني مِنْ هذا الوجه، وأخرجه أيضًا من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد؛ فقال: عن عبد العزيز بن المطلب، عن عمر بن حسين؛ وأخرجه أيضًا مِن طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك، عن عمر بن حسين؛ ومِنْ هذا الوجه أخرجه الحاكم، وأخرجه ابن منده مِنْ رواية ابن إسحاق عن عُمر؛ فقال ابن علي بن حسين؛ وزيادة علي بين عمر وحسين خطأ؛ وأخرجه يونس بن بكير في زيادات المغازي، عن ابن إسحاق، فلم يذكر بينه وبين نافع أحدًا ـــ فكأنه سواه لمحمد بن إسحاق؛ وهو عند الحسن بن سفيان في مسنده عن عبيد بن يعيش، عن يونس بن بكير، والصوابُ إثباتُ عمر بن حسين في السند.

واستعمل عمر قدامة على البحرين في خلافته، وله معه قصةٌ؛ قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة ـــ وكان من أكبر بني عديّ، وكان أبوه شهد بَدْرًا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـــ أنّ عمر استعمل قُدامة بن مظعون على البحرين، وكان شهد بدرًا وهو خالُ عبيد الله بن عمر وحفصَة، كذا اختصره البخاري؛ لكنه موقوف.

وقد أخرجه عَبْد الرّزَّاقِ بطوله؛ قال: أنبأنا معمر، عن ابن شهاب، أخبرني عبد الله ابن عامر بن ربيعة ـــ أنَّ عمر استعمل قُدامة بن مظعون على البحرين، وهو خالُ حفصة وعبد الله ابني عمر، فقدم الجارود سيّدُ عبد القيس على عُمر من البحرين، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ قُدَامة شرب فسكر، وإني رأيتُ حدًّا من حدود الله، حقًا عليَّ أن أرفعه إليك. قال: مَنْ يشهد معك؟ قال: أبو هريرة فدعا أبا هريرة. فقال: بِمَ تشهد؟ قال: لم أرَه شرب، ولكني رأيته سكران يقيء. فقال: لقد تنطَّعت في الشهادة.

ثم كتب إلى قُدامة أن يقدم عليه من البحرين، فقدم فقال الجارُود: أقِمْ على هذا كتاب الله، فقال عمر: أخصم أنتَ أم شهيد؟ فقال: شهيد. فقال: قد أديْتَ شهادتك. قال: فصمَتَ الجارُود؛ ثم غدا على عمر، فقال: أقِمْ على هذا حدّ الله. فقال عمر: ما أراك إلا خصمًا، وما شهد معكَ إلا رجل واحد فقال الجارود: أنشدك الله! فقال عمر: لتمسكنَّ لسانكَ أو لأسوءَنك. فقال: يا عمر، ما ذلك بالحق أنْ يشرب ابنُ عمك الخمر وتسوءني! فقال أبو هريرة يا أمير المؤمنين، إن كنْتَ تشك في شهادتنا فأَرْسل إلى ابنة الوليد فاسألها؛ وهي امرأة قُدامة. فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها، فأقامت الشهادةَ على زوجها؛ فقال عمر لقدامة: إني حادُّك فقال: لو شربتُ كما تقول ما كان لكم أن تحدوني فقال عمر: لِمَ؟ قال قدامة: قال الله عز وجل: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا...} [المائدة: 93] الآية. فقال عمر: أخطأت التأويل، أنتَ إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرّم الله.

ثم أقبل عمر على الناس، فقال: ما ترون في جَلْد قُدامة: فقالوا: لا نرى أنْ تَجْلده ما دام مَرِيضًا، فسكت على ذلك أيامًا، ثم أصبح وقد عزم على جلده؛ فقال: ما ترون في جَلْد قدامة، فقالوا: لا نرى أن تجلده ما دام وجعًا. فقال عمر: لأن يَلقَى الله تحت السياط أحبّ إليَّ من أن ألقاه وهو في عُنقي، ائتوني بسوط تام، فأمر به فجُلد.

فغاضب عمر قدامة وهجره، فحجّ عمر، وحجّ قدامة وهو مغاضِب له، فلما قفلا من حجّهما ونزل عمر بالسُّقْيا نام فلما استيقظ من نومه قال: عجّلُوا بقدامة، فوالله لقد أتاني آتٍ في منامي، فقال لي: سالِمْ قدامة، فإنه أخوك، عجّلُوا عليّ به؛ فلما أتوه أبى أن يأتي، فأمر به عمر أن يجرُّوه إليه فكلمه واستغفر له.

وأخرجها أَبُو عَلِيّ بْنُ السَّكَنِ، مِنْ طريق علي بن عاصم، عن أبي ريحانة، عن علقمة الخصي يقول: لما قدم الجارود على عُمر؛ قال: أن قدامة شرب الخمر. قال: مَنْ يشهد معك؟ قال: علقمة الخصي. قال: فأرسل إليَّ عمر فقال: أتشهد على قدامة؛ فقلت: إن أجزت شهادة خصي. قال: أما أنتَ فإِنّا نجيز شهادتك فقلت: أنا أشهد على قدامة أني رأيتُه تقيّأ الخمر قال عمر: لَمْ يَقِئْها حتى شربها، أَخرجوا ابن مظعون إلى المطهرة، فاضربوه الحدّ، فأخرجوه فضُرِب الحد.

ووقع لنا بعلوّ في نسخة أبي موسى، عن أبي مسلم الكجي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أشعث، عن ابن سيرين أصْلُ هذه القصة باختصار، وسنَدُها منقطع.

وقال عَبْدُ الرَّزَّاقِ أيضًا، عن ابن جريج، عن أيوب: لم يُحَدَّ أحد من أهل بَدْر في الخمر إلا قُدَامة بن مظعون ـــ يعني بعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم.

يقال: إن قدامة مات سنة ست وثلاثين في خلافة عليّ، وهو ابنُ ثمان وستين سنة.
وحكى ابْنُ حِبَّانَ فيه قولًا آخر، فقال: يقال إنه مات سنة ست وخمسين.
(< جـ5/ص 322>)
2 من 2
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال