تسجيل الدخول


المختار بن أبي عبيد الثقفي

1 من 2
المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفيّ.

يأتي نسبه في ترجمة والده في الكنى [[أبو عُبيد بن مسعود بن عمرو بن عُمير بن عَوْف بن عُقْدَة بن غِيرَة بن عَوْف بن ثَقِيف الثقفي.]] <<من ترجمة أبي عُبيد بن مسعود بن عمرو "الإصابة في تمييز الصحابة".>>. ذكره ابن عبد البرّ؛ فقال: يكنى أبا إسحاق؛ ولم يكن بالمختار.

كان أبوه من جلّة الصّحابة، ويأتي في الكُنَى، ووُلد المختار عام الهجرة، وليست له صحبةٌ ولا رؤية. وأخباره غير مرضية حكاها عنه ثقاتٌ مثل الشّعبي وغيره، وكان قد طلب الإمارة وغلب على الكوفة حتى قتله مُصعب بن الزّبير بالكوفة سنة سبع وستين، وكان قبل ذلك معدودًا في أهل الفَضْل والخير إلى أنْ فارقَ ابْن الزبير؛ وكان يتزيّن بطلب دم الحسين، ويُسِرُّ طلب الدّنيا، فيأتي بالكذب والجنون، وكانت إمارته ستة عشر شهرًا؛ قال: وروى موسى بن إسماعيل، عن أبي عَوانة، عن مغيرة، عن ثابت بن هرمز، قال: حمل المختارُ مالًا من المدائن من عند عمه إلى عليّ، فأخرج كيسًا فيه خمسة عشر درهمًا، فقال: هذا من أجور المومسات. فقال له عليّ: وَيْلَكَ! مالي وللمومسات؛ ثم قام وعليه مقطعة حمراء؛ فلما سلّم قال عليّ: ما له قاتله الله لو شُقّ عن قلبه الآن لوجد ملآن من حُب اللاّت والعزّى.

قال: ويقال إنه كان في أول أمره خارجيًا، ثم صار زَيْديًّا، ثم صار رافِضيًّا.

وقتل المختارُ محمدَ بن عمار بن ياسر ظلمًا؛ لأنه سأله أَن يحدّث عن أبيه بحديث كذب، فلم يفعل فقتله.

وهذا ما ذكره أبو عمر في ترجمته، وجزم بأن أباه كان صحابيًّا، وأنه وُلد سنة الهجرة.

وقد تقدّم غير مرة أنه لم يبق بمكّة ولا الطائف أحد من قريش وثقيف إلا شهد حجّة الوداع؛ فمن ثم يكون المختار من هذا القسم، إلا أن أخباره رديئة.

وقد زاد ابْنُ الأَثِيرِ في ترجمته على ما ذكره ابن عبد البر قليلًا؛ من ذلك قوله: كان بين المختار والشّعبي ما يوجب ألا يسمعَ كلامُ أحدهما في الآخر، أدرج ابن الأثير هذا القدر في كلام ابن عبد البرّ؛ وليس هو فيه ولا هو بصحيح؛ فإن الشّعبي لم ينفرد بما حكاه عن المختار؛ والشعبّي مجمَعٌ على ثقته، والمختار بالعكس؛ قد شهِد عليه بدعوى النبوة والكذب الصّريح جماعةٌ من أهل البيت.

ومما ورد في ذلك ما أخرجه أحمد في مسند عَمْرو بن الحمق، من طريق السّدّي، عن رفاعة القِتْبَاني؛ قال: دخلْت على المختار فألقى إليّ وِسادةً، وقال: لولا أن أخي جبرائيل قام عن هذه ـــ وأشار إلى أخرى عنده ـــ لألقيتها لك؛ قال: فأردت أن أضربَ عنقه... فذكر قصّة وحديثًا لعمرو بن الحمِق.

وقال ابْنُ حِبَّانَ في ترجمته صفية بنت أبي عبيد في الثقات: هي أخت المختار المتنبي بالعراق؛ وأقوى ما ورد في ذمِّه ما أخرجه مسلم في صحيحه، عن أسماء بنت أبي بكرَ أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال: "يَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ ومبير"؛(*) فشهدت أسماء أنّ الكذّاب هو المختار المذكور.

قال ابْنُ الأثِيرِ: وكان المختار قد خرج يطْلُب بثأر الحسين، فاجتمع عليه بشر كثير من الشيعة بالكوفة، فغلب عليها، وتطلَّبَ قتلة الحسين فقتلهم؛ قتل شمر بن ذي الجَوْشَن الذي باشر قتْل الحسين، وخولي بن يزيد الذي سار برأسه إلى الكوفة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص أمير الجيش الذي حاربوا الحسين حتى قتلوه، وقَتَل معه ولده حفصًا، وأرسل إبراهيم بن الأشتر في عسْكرِ كثيف، فلقي عبيد الله بن زياد الذي كان جَهَّزَ الجيش إلى الحسين فحاربوه، فقتل عبيد الله بن زياد في تلك الواقعة. قال ابن الأثير: فلذلك أحبَّ المختارَ كثير من المسلمين؛ فإنه أبلى في ذلك بلاء حسنًا؛ قال: وكان يرسل المال إلى ابن عمر، وهو صهره زوج أخته صفية بنت أبي عبيد، وإلى ابن عبّاس، وإلى ابن الحنفية فيقبلونه؛ ثم سار إليه مصعب من البصرة فقتل المختار. انتهى.

وكان أول أمرِ المختار أن ابْنَ الزبير أرسله إلى الكوفة ليؤكد له أمرَ بيعته، وولى عبد الله بن مطيع إمْرَة الكوفة، فأظهر المختارُ أنّ ابْنَ الزبير دعا في السرّ للطّلب بدم الحسين، ثم أراد تأكيد أمره، فادعى أنّ محمّد بن الحنفية هو المهديّ الذي سيخرج في آخر الزمان، وأنه أمره أن يدعو الناسَ إلى بيعته، وزور على لسانه كتابًا، فدخل في طاعته جَمْعٌ جَمّ، فتقوى بهم، وتتبع قتلة الحسين، فقتلهم؛ فقوي أمره بمن يحبّ أهْلَ البيت، ثم وقع بين ابن الزبير وابن الحنفية وابن العبّاس ما وقع لكونهما امتنعا من المبايعة له، فحصرهما ومَنْ كان من جهتها في الشّعب؛ فبلغ المختار فأرسل عسكرًا كثيفًا، وأَمَّر عليهم أبا عبد الله الجَدلي، فهجموا مكّة، وأخرجوهما من الشِّعْب، فلحقا بالطّائف، فشكر الناسُ للمختار ذلك. وفي ذلك يقول المختار ـــ أنشد له المرزباني:

تَسَرْبَلْتُ مِنْ هَمْدَانَ دِرْعًا حَصِينَـةً تـَرُدُّ
العَوَالِي
بالأُنوفِ
الرَّوَاغِمِ

هُمُو نَصَــروا آلَ
الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ أَجْحَفَتِ بِالنَّاسِ إِحْدَى العَظَائِـمِ

وَفَوْا حِينَ أَعْطَوا عَهْدَهُمُ لإمَامِهِمْ وَكَفُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ سَيْفَ
المَظَالِـمِ
[الطويل]

وذكر ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيّ بأسانيده ـــ أنَّ أبا عبيد والد المختار قدم من الطَّائف في زمن عمر حين ندب الناس إلى العراق، فخرج أبو عبيدة فاستشهد يوم الجسر، وبقي ولده بالمدينة؛ وتزوّج ابْنُ عمر صفيّة بنت أبي عبيد، وأقام المختار بالمدينة منقطعًا إلى بني هاشم، ثم كان مع عليّ بالعراق، وسكن البصرة بعد عليّ. وله قصّة مع الحسن بن عليّ لما ولي الخلافة ووشى إلى عبيد الله بن زياد عنه أنه يُنكر قتْل الحسين ونحو ذلك، فأمر بجَلْدِه وحبْسه، حتى أرسل ابن عمر [[يشفع]] فيه فنفاه إلى الطّائف، فأقام بها حتى مات يزيد بن معاوية. وقام ابن الزبير في طلب الخلافة فحضر إليه وعاضَده وناصحه حتى استأذنه في التوجُّه للكوفة ليصعد عبد الله بن مطيع في الدّعاء إلى طاعته، فوثق به، ووصى عليه، وكان منه ما كان؛ ثم قوى مصعب بن الزبير أمير البصرة عن أخيه عبد الله ابن الزّبير على المختار بكثير من أهل الكوفة ممّنْ كان دخل في طاعة المختار، ورجع عنه لما تبيَّنَ له من تخليطه وأكاذيبه؛ وقد ذكر محمد بن سعد في ترجمة محمد بن الحنفية مِنْ ذلك أشياء؛ فلما التقى المختار ومصعب خذَل المختارُ أولئك الذين كانوا معه، فحوصر المختار في القَصْر إلى أن قُتل هو ومن معه، ثم لما انقضى أمْرُ المختار سار عبدُ الملك بن مروان بعد قليل بجيوش الشام إلى مصعب بن الزبير، فقُتل، واستولى عبدالملك على البصرة، ثم على الكوفة.

وذكر عبد الملك بن عمر أنه رأى عبيد الله بن زياد وقد أتى برأس الحسين، ثم رأى المختار وقد أتى برأس عبيد الله بن زياد، ثم رأى مصعب بن الزّبير وقد أتى برأس المختار، ثم رأى عبد الملك وقد أتى برأس مصعب.
(< جـ6/ص 275>)
2 من 2
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال