تسجيل الدخول


عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب

عَبْدُ الله بنُ حَسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، وقيل: ابن الحسن.
يُكنى أبا محمد، وأمه فاطمة بنت حسين بن عليّ بن أبي طالب، ووَلَدَ عبدُ الله بن حسن: محمدًا؛ المقتول بالمدينة في خلافة أبي جعفر المنصور، وإبراهيمَ؛ المقتول بباخَمْرَا مِنْ أرض الكوفة في خلافة أبي جعفر المنصور أيضًا، وموسى بن عبد الله، وإدريسَ بن عبد الله الأكبر درج، وهارونَ درج، وفاطمةَ بنت عبد الله، وزينبَ بنت عبد الله، ورُقيَّةَ، وكلثمَ، وأُمَّ كلثوم؛ وأمهم كلهم هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللهّ، وعيسى بن عبد الله درج، وإدريسَ الأصغر ابن عبد الله صاحب الأندلس والبربر، وداود بن عبد الله؛ وأمهم عاتكة بنت عبد الملك بن الحارث الشاعر، وسليمانَ بن عبد الله، ويحيى بن عبد الله صاحب جبل الدّيلم؛ وأمهما قريبة بنت رُكَيْح بن أبي عبيدة، وقال محمد بن عمر: وكان عبد الله بن حسن من العُبّاد وكان له شرف وعارضة وهيبة ولسان شديد، وأدرك دولة بني العباس، ووفد على أبي العباس بالأنبار، فسأله عن ابنيه محمد وإبراهيم فقال: بالبادية حُبب إليهما الخلوة، وقال محمد بن عمر: أخبرني حفص بن عمر قال: قدم عبد الله بن حسن على أبي العباس بالأنبار فأكرمه وحبَاه وقرَّبه وأدناه وصنع به شيئًا لم يصنعه بأحد، وكان يسمُر معه بالليل، فسمرَ معه ليلة إلى نصف الليل وحادثه، فدعا أبو العباس بسَفَط جوهر، ففتحه فقال: هذا والله، يا أبا محمد، وصل إليَّ من الجوهر الذي كان في يدي بني أميَّة، ثم قاسمه إياه فأعطاه نصفه، وبعث أبو العباس بالنصف الآخر إلى امرأته أم سلمة، وقال: هذا عندك وديعة، ثم تحدثا ساعة، ونعس أبو العباس فخفق برأسه، وأنشأ عبد الله بن حسن يتمثَّل بهذه الأبيات:
ألَمْ تَرَ حَوشَبًا أمْسَى يُبَنِّي قُصُورًا
نَفْعُها
لبني بُقَيْلَهْ
يُؤمِّلُ
أنْ
يُعَمَّرَ
عُمْرَ نُوح وأمر الله يَطرقُ كلّ ليْلَهْ
قال: وانتبه أبو العباس ففهم ما قال، فقال: يا أبا محمد، تتمثل بمثل هذا الشعر عندي! وقد رأيتَ صنيعي بك، وإني لم أدَّخرك شيئًا، قال: يا أمير المؤمنين، هفْوة كانت والله ما أردت بها سوءًا، ولكنها أبيات خطرتْ فتمثلت بها، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحتمل ما كان مني في ذلك فليفعل، قال: قد فعلتُ، ثم رجع إلى المدينة، فلما ولي أبو جعفر ألحَّ في طلب محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن، وتغيّبا بالبادية، وأمر أبو جعفر زياد بن عُبيد الله الحارثي بطلبهما، فكان يُغيِّب في ذلك، ولا يجدّ في طلبهما، فعزله أبو جعفر عن المدينة وولاَّها محمد بن خالد بن عبد الله القسري وأمره بطلبهما، فغيَّب أيضًا في ذلك ولم يبالغ وكان يعلم مكانهما فيرسل الخيل في طلبهما إلى مكان آخر، وبلغ ذلك أبا جعفر فغضب عليه فعزله وولَّى رِيَاحَ بن عثمان بن حيّان المُرّي، وأمره بالجِدّ في طلبهما وقلة الغفلة عنهما، وقال محمد بن عمر: أخبرني عبد الرحمن بن أبي الموالي، قال: فجدّ رياح بن عثمان في طلبهما ولم يُداهن واشتد في ذلك كل الشدّة حتى خافا وجعلا ينتقلان من موضع إلى موضع، واغتم أبو جعفر بتغيبهما فكتب إلى رياح بن عثمان أن يأخذ أباهما عبد الله بن حسن وإخوته حسن بن حسن، وداود بن حسن، وإبراهيم بن حسن، ومحمد بن عبد الله بن عَمْرو بن عثمان ــ وهو أخوهم لأمهم فاطمة بنت حسين ــ في عدة منهم ويشدهم وثاقًا ويبعث بهم إليه حتى يوافوه بالرَّبذة، وكان أبو جعفر قد حجّ تلك السنة وكتب إليه أن يأخذني معهم فيبعث بي إليه أيضًا، قال: فأدركت وقد أهللت بالحج فأُخِذْتُ فَطُرِحْتُ في الحديد، وعُورض بي الطريق حتى وافيتهم بالرَّبذة، قال محمد بن عمر: أنا رأيت عبد الله بن حسن وأهل بيته يخرجون من دار مروان بعد العصر وهم في الحديد، فيُحملون محامل أعراء ليس تحتهم وطاء، وأنا يومئذٍ غلام قد راهقت الاحتلام أحفظ ما أرى، وقال عبد الرحمن بن أبي الموالي: وأخذ معهم نحو من أربع مائة من جُهينة ومُزينة وغيرهم من القبائل فأراهم بالربذة مكتفين في الشمس، قال: وسُجنتُ مع عبد الله بن حسن وأهل بيته، فوافى أبو جعفر بالرَّبذة منصرفًا من الحجّ، فسأل عبد الله بن حسن أبا جعفر أن يأذن له في الدخول عليه، فأبى أبو جعفر، فلم يره حتى فارق الدنيا، قال: ثم دعاني أبو جعفر من بينهم، فأدخلت عليه وعنده عيسى بن عليّ فلما رآني عيسى قال: نعم، هو هو يا أمير المؤمنين، وإن أنت شددت عليه أخبرك بمكانهم فدنوت فسلمت فقال أبو جعفر: لا سلام الله عليك، أين الفاسقان ابنا الفاسق، الكاذبان ابنا الكاذب؟ قلت يا أمير المؤمنين: هل ينفعني الصّدق عندك؟ قال: وما ذاك؟ قال: قلت: امرأته طالق، وعليّ وعليّ، إن كنت أعرف مكانهما، قال: فلم يقبل ذلك منِّي، وقال: السِّياط، فأتي بالسِّياط، وأُقِمْتُ بين العُقَابَيْن فضربني أربعمائة سوط فما عقلت بها حتى رُفع عنِّي، ثم رُددت إلى أصحابي على تلك الحال، ثم بعث إلى الدِّيباج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وكانت ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، فلما أدخل عليه قال: أخبرني عن الكذّابين ما فعلا؟ وأين هما؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما لي بهما علم، قال: لتخبرني، قال: لقد قلت لك، وبالله إني لصادق ولقد كنت أعلم علمهما قبل اليوم فأما اليوم فوالله ما لي بهما علم، قال: جرّده فجُرّد فضربه مائة سوط وعليه جامعة حديد في عنقه، فلما فُرِغ من ضربه أُخْرِج فَأُلْبِس قميصًا له قُوهِيًّا على الضرب، فأتى به إلينا فوالله ما قدروا على نزع القميص من لصوقه بالدّم، حتى حُلب عليه شاة ثم انتُزع القميص ودُووي، فقال أبو جعفر: أحدروهم إلى العراق، فقُدم بنا إلى الهاشمية فحُبسنا بها، فكان أول من مات عبد الله بن حسن في الحبس، فجاء السجّان فقال: ليخرج أقربكم به فيصلّي عليه، فخرج أخوه حسن بن حسن بن حسن بن عليّ فصلّى عليه، ثم مات حسن بن حسن بعده فأخرج محمد بن عبد الله بن عَمْرو بن عثمان فصلى عليه، ثم مات محمد بن عبد الله بن عَمْرو بن عثمان، فأخذ رأسه فبُعث به مع جماعة من الشيعة إلى خُراسان، فطافوا به كُور خُراسان فجعلوا يحلفون بالله أن هذا رأس محمد بن عبد الله بن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوهمون الناس أن هذا رأس محمد بن عبد الله بن حسن الذي كانوا يجدون في الرواية خروجه على أبي جعفر، قال عبد الرحمن بن أبي الموالي: وكان معنا في الحبس عليّ بن حسن بن حسين بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، وهو أبو حسين بن عليّ، صاحب فَخّ، وكان من أفضل أهل زمانه عبادة ونسكًا وورعًا لم يأكل لأحد من أهل بيته طعامًا تمرة فما فوقها من القطائع التي أقطعهم أبو العباس وأبو جعفر، ولا توضأ من تلك العيون ولا شرب من مائها، وكان تحته بنت عمّه زينب بنت عبد الله بن حسن بن حسن، وكانت متعبدة فكان يقال ليس بالمدينة زوج أعبد منها ــ يعنون عليّ بن حسن وامرأته زينب بنت عبد الله بن حسن ــ وكان السَّجان بالهاشمية يحبه ويكرمه ويُلطّفه لما يرى من اجتهاده وعبادته، فأتاه بمخدة فقال: ضع رأسك عليها، توطّأ بها فآثر بها أباه حسن، فقال له أبوه: يا بني، عمك عبد الله بن حسن أحق بها، فبعث بها إليه، فقال عبد الله بن حسن: يا أخي أخونا هذا البائس الذي ابتلي بسببنا وصار إلى ما صار إليه من الضرب أحق بها ــ يعني محمد بن عبد الله بن عَمْرو بن عثمان ــ فأرسل بها إليه وقال: إنك رجل رقيق تكون هذه المخدّة تحت رأسك، فأخذها فكانت تحت رأسه، قال محمد بن عمر: وكان عبد الله بن حسن يوم مات ابن اثنتين وسبعين سنة، وكان موته قبل مقتل ابنه محمد بن عبد الله بأشهر، وقُتل محمد بن عبد الله في آخر سنة خمس وأربعين ومائة في شهر رمضان.
وكان عبد الله لسانَ بني حسن في زمانه، قال مصعب الزبيري: ما رأيت علماءنا يُكرمون، أحدًا ما يكرمونه، وكانت له منزلةٌ عند عمر بن عبد العزيز، قال مالك بن أنس: رأيت عبد الله بن الحسن يصلّي وقد سدل ثوبه، وروى إبراهيم بن سعد، قال: لقد أدركت الناس وما يحتذون إلا المُخصَّر إلا عبد الله بن الحسن فإنه كان يُدوّر نعليه، قال محمد بن عمر: أخبرني حفص بن عمر مولى عبد الله بن حسن، قال: رأيت عبد الله بن حسن توضأ ومسح على خُفيه قال: فقلت له: تمسح؟ قال: نعم وقد مسح عمر بن الخطّاب ومن جعل عمر بينه وبين الله فقد استوثق، وكانت لعبد الله بن حسن أحاديث.
ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيّ، وروى داود بن عبد الرحمن العطار، عن عبد الله بن الحسن رفعه: "لو كانت عندي ثالثة لزوجتها لعثمان"(*)، قَالَ أَبُو مُوسَى: هذا مرسل أو معضل، وهو عبد الله بن الحسن بن علي، وهو تابعي صغير، قال ابن حجر العسقلاني: روى عن أبيه، وعن أمه فاطمة بنت الحسين، وابن عَم جدّه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعمه لأمه إبراهيم بن محمد بن طلحة، وعن الأعرج، وعِكرمة وغيرهم، وروى عنه ابناه: موسى، ويحيى، ومالك، والثوري، وابن أبي الموالي، وابن عُلَيَّة، وآخرون، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِين، والرازيان، والنسائي، والعِجْلي، وغيرهم، وذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة مِنَ الثقات، فكأنه لم تصحَّ عنده روايته عن عبد الله بن جعفر، وأَورده علي العسكري فيما ذكر ابن أَبي علي، وروى عن داود بن عبد الرحمن العطار، عن عبد اللّه بن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَلاَ أَبُو أَيِّم، أَلاَ أَخُو أَيِّم يُزَوِّج عثمان بن عفان؛ فإِني لو كانت عندي ثالثة لزوجته، فما زَوَّجته إِلا بوحي من السماءِ"(*).
مات عبد الله في حَبْس المنصور سنة خمس وأربعين ومائة، وهو ابْنُ خمس وسبعين سنة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال