1 من 1
سَعِيد بن جُبَيْر
ويكنى أبا عبد الله مولى لبني والبة بن الحارث من بني أسد بن خُزيمة.
قال: أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي وعفّان بن مسلم وأبو الوليد الطيالسي قالوا: أخبرنا شُعْبة قال: وأخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدثنا أبو الرّبيع السمّان، جميعًا عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جُبير، قال: قال لي ابن عبّاس: ممّن أنت؟ قلتُ: من بني أسَد. قال من عَرَبهم أو من مواليهم؟ قلت: لا بل من مواليهم. قال: فقُلْ أنا ممّن أنعم الله عليه من بني أسد.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا همّام بن يحيَى، عن محمّد بن جُحادة عن أبي مَعْشَر عن سعيد بن جُبير قال: رآني أبو مسعود البدري في يوم عيد ولي ذؤابة فقال: يا غلام، أو يا غُليّم، إنّه لا صلاة في مثل هذا اليوم قبل صلاة الإمام فصلّ بعدها ركعتين وأطِل القراءة.
قال محمد بن سعد: وقد روى أيضًا سعيد بن جُبير عن ابن عمر وابن عبّاس وغيرهما.
قال: أخبرنا رَوْح بن عُبادة قال: أخبرنا شُعْبة عن سليمان عن مجاهد قال: قال ابن عبّاس لسعيد بن جُبير: حدّثْ فقال: أُحَدّث وأنت ها هنا؟ فقال: أوَليس من نعمة الله عليك أن تتحدّث وأنا شاهد فإن أصبتَ فذاك وإن أخطأتَ علّمتُك؟
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاري قال: حدّثنا عبد الله بن مَعْدان قال: حدّثني الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جُبير أنّه كان يسائل ابن عبّاس قبل أن يَعْمى فلم يستطع أن يكتب معه، فلمّا عمي ابن عبّاس كتب، فبلغه ذلك فغضب.
قال: أخبرنا يحيَى بن عبّاد قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الله قال: حدّثنا جعفر بن أبي المُغيرة عن سعيد بن جُبير قال: ربّما أتيتُ ابن عبّاس فكتبتُ في صحيفتي حتى أملأها، وكتبت في نعلي حتى أملأها وكتبت في كفّي، وربّما أتيتُه فلم أكتب حديثًا حتى أرجع، لا يسأله أحد عن شيء.
قال: أخبرنا عبد الوهّاب بن عطاء قال: أخبرنا عمرو بن أبي الِمقدام عن مؤذّن بني وداعة قال: دخلتُ على عبد الله بن عباس وهو متَّكيء على مرفقة من حرير، وسعيد ابن جُبير عند رجليه وهو يقول له: انْظُرْ كيف تحدّث عنّي فإنّك قد حفظت عني حديثًا كثيرًا.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا يعقوب القُمّي عن جعفر بن أبي المغيرة قال: كان ابن عبّاس بعدما عمي إذا أتاه أهلُ الكوفة يسألونه قال: تسألوني وفيكم ابن أمّ دهماء؟
قال يعقوب: يعني سعيد بن جُبير.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش قال: حدّثنا أبو حصين قال: سألتُ سعيد بن جُبير قلت: أكلّ ما أسمعك تحدّث سألتَ عنه ابن عباس؟ فقال: لا، كنت أجلس ولا أتكلّم حتى أقوم، فتتحدّثون فأحفظ.
قال: أخبرنا عبد العزيز بن الخطّاب الضّبّي قال: حدّثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد قال: كنتُ آتي ابن عبّاس فأكتبُ عنه.
قال: أخبرنا أبو عاصم النّبيل عن عبد الله بن مسلم بن هُرْمُز قال: كان سعيد بن جُبير يكره كتاب الحديث.
قال: أخبرنا عفّان قال: حدّثنا شعبة عن أيّوب عن سعيد بن جُبير قال: كنتُ أسأل ابن عمر في صحيفة ولو علم بها كانت الفَيْصَل بيني وبينه. قال فسألته عن الإيلاء فقال: أتريد أن تقول قال ابن عمر، وقال ابن عمر؟ قال: قلت: نعم ونرضى بقولك ونقنع. قال: يقول في ذلك الأمراء.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا وُهيب قال: حدّثنا أيّوب عن سعيد بن جُبير قال: كنّا إذا اختلفنا بالكوفة في شيء كتبتُه عندي حتى ألقى ابن عمر فأسأله عنه.
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسدي وقَبيصة بن عُقْبة قالا: حدّثنا سفيان عن أسلم الِمنْقَرِي عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن فريضة فقال: اْئتِ سعيد بن جُبير فإنّه أعلم بالحساب مني وهو يُفْرِض منها ما أفرض.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا إسرائيل عن ثُوير عن سعيد بن جُبير قال: كان نقش خاتمي عَزّ ربي واقتدر. قال: فقرأه ابن عمر فنهاني عنه فمحوته وكتبتُ: سعيد بن جُبير.
قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: حدّثنا الأعمش عن مسعود بن مالك قال: قال لي عليّ بن حسين: ما فعل سعيد بن جبير؟ قال: قلت: صالحٌ. قال: ذاك رجل كان يمرّ بنا فنسائله عن الفرائض وأشياء ممّا ينفعنا الله بها، إنّه ليس عندنا ما يرمينا به هؤلاء. وأشار بيده إلى العراق.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدّثنا كامل، عن حبيب قال: كان أصحاب سعيد بن جُبير يعذلونه يحدّث فقال: إني أُحدّثك وأصحابك، أحبّ إليّ من أن أذهب به معي إلى حُفْرتي.
قال: أخبرنا قَبيصة بن عُقْبة قال: حدّثنا سفيان عن عطاء بن السائب قال: قال سعيد بن جُبير ما يأتيني أحد يسألني.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن أيّوب قال: حدّث سعيد بن جُبير بحديث، قال فتبعته أستعيده فقال: ليس كلّ حين أحلب فأشرب.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد، عن عطاء بن السائب قال: أتيتُ سعيد بن جُبير فقال لي: أزَهِدَ الناسُ؟ كان يجيئني إلى هذه الساعة كذا وكذا يسألونني.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم وموسى بن إسماعيل قالا: حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدّثنا أبو شهاب قال: كان سعيد بن جبير يقصّ لنا كل يوم مرّتين بعد صلاة الفجر وبعد العصر.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا قتادة، عن أبي حسّان عن سعيد بن جُبير أنّ امرأة كتبت إلى ابن عبّاس بعدما ذهب بصره، قال فدفع الكتاب إلى ابنه فلَبّس، قال فدفع الصحيفة إليّ فقرأتُها عليه فقال لابنه: ألاّ هذرمتَها كما هذرمها الغلامُ المُضَري.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير أنّه كان يختم القرآن في كلّ ليلتين.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان عن حمّاد قال: قال سعيد بن جبير: قرأتُ القرآن في ركعة في الكعبة.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا الحسن بن صالح، عن وِقَاء قال: كان سعيد ابن جبير يجيء فيما بين المغرب والعشاء فيقرأ القرآن في رمضان.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا قيس بن الربيع عن الصعب بن عثمان قال: قال سعيد بن جُبير: ما مضت عليّ ليلتان منذ قُتِل الحُسين إلا أقرأ فيهما القرآن إلا مسافرًا أو مريضًا.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثنا أبو هاشم عن سعيد بن جبير قال: إني لأقرأ عامّة حزبي وإنّ الإمام ليخطب يوم الجمعة.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدّثنا أبو شهاب قال: كان سعيد بن جبير يصلّي بنا في رمضان فكان يرجّع فربّما أعاد الآية مرّتين.
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدّثنا سفيان عن عطاء بن السائب قال: قال سعيد بن جبير لرجل: ما الذي أحدثتم بعدي؟ قال: لم نحدث بعدك شيئًا. قال: بلى، الأعمى وابن الصّيقل يغنّيانكم بالقرآن.
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدّثنا سفيان عن سعيد بن عُبيد قال: رأيت سعيد بن جبير يؤمّهم فسمعتُه يردّد هذه الآية: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ} [سورة غافر: 71].
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا عبد الواحد بن زِياد قال: حدّثنا أبو شهاب قال: كان سعيد بن جُبير يصلّي بنا العَتَمة في رمضان ثمّ يرجع فيمكث هُنيهة ثم يرجع فيصلّي بنا ستّ ترويحات، ويوتر بثلاث ويقنت بقدر خمسين آية.
قال: أخبرنا يوسف بن الغَرِق قال: أخبرنا جُويْرِية بن بَشير عن سعيد بن حمّاد عن سعيد بن جُبير أنّه كان إذا ختم السورةَ في صلاته تطَوّعًا قال: صَدَقَ الصّادقُ البارّ.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا إسرائيل عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير قال: لأن أُضْرَب على رأسي أسواطًا أحبّ إليّ من أن أتكلّم والإمام يخطب يوم الجمعة.
قال: أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدّثنا جرير عن حبيب بن أبي عَمْرة قال: كلّمتُ سعيد بن جبير بعد مطلع الفجر فلم يكلّمني.
قال: أخبرنا قَبيصة بن عقبة قال: حدّثنا سفيان قال: أنبأني من رأى سعيد بن جبير يقبّل ابنه وهو رجل.
قال: أخبرنا الحسن بن موسى قال: حدّثنا حمّاد بن سلَمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جُبير أنّه كان إذا فرغ من طعامه قال: اللهمّ أشبعتَ وَأرْوَيْتَ فَهَنِّنا ورزقتَ فأكثرتَ وأطْيَبْتَ فزِدْنا.
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن بُرْقان قال: حدّثنا أبو حمزة مولى يزيد بن المهلّب قال: كنتُ أصلّي إلى جانب سعيد بن جبير، وكان إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [سورة الفاتحة: 7] قال سعيد: اللهمّ اغفرْ لي. آمين. قال: وكان إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده قال سعيد: اللهمّ ربّنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرضين السبع وملء ما بينهما وملء ما شئتَ من شيء بعدُ. قال: فربّما لم يزل يتكلّم بهذا حتى يهوي إلى السجود فيقول: الله أكبر.
قال: أخبرنا الوليد بن الأغرّ المكّي قال: حدّثنا عتّاب بن بَشير عن سالم ـــ يعني الأفطس ـــ أنّ سعيد بن جُبير عقّ عن نفسه بعدما كان رجلًا.
قال: أخبرنا محمّد بن مُصْعَب القَرْقَساني قال: حدّثنا جَبَلة بن سليمان الوالبي الكوفي قال: رأيت سعيد بن جبير يعتكف في مسجد قومه.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي الجّحَّاف عن مسلم البَطين عن سعيد بن جُبير أنّه كان لا يَدَعُ أحدًا يغتاب عنده أحدًا، يقول: إن أردتَ ذلك ففي وجهه.
قال: أخبرنا سعيد بن عامر عن همّام عن ليث أنّ سعيد بن جبير أبصر درّة فلم يأخذها.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا حُميد بن عبد الله الأصمّ قال: سمعتُ عبد الملك بن سعيد بن جبير قال: قال أبي: أظْهِرِ اليأسَ ممّا في أيدي الناس فإنّه عَناء، وإيّاك وما يُعتذر منه فإنّه لا يُعْتذر من خير.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا مِنْدَل عن جعفر بن أبي المغيرة قال: رأيتُ سعيد بن جبير اكتحل وهو صائم. قال ورأيتُ سعيد بن جبير يصلّي في سيف، ليس عليه رداء غيره.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الملك قال: رأيتُ سعيد بن جُبير يصلّي في الطَّاق ولا يقنتُ في الصبح. قال: وكان يعتمّ ويُرْخي لها طرفًا شبرًا من ورائه.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا سفيان عن هلال بن خبَّاب قال: رأيتُ سعيد بن جُبير أَهَلَّ من الكوفة.
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدّثنا حمزة الزيّات عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال: رأيته يطوف يمشي على هينته.
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدّثنا سفيان بن حبيب بن أبي ثابت عن مسلم البَطين قال: قيل لسعيد بن جبير: الشّكر أفضل أم الصّبر؟ قال: الصبر والعافية أحبّ إليّ.
قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا حَزْم قال: حدّثنا هلال بن خبّاب قال: لقيتُ سعيد بن جُبير بمكّة فقلت: من أين هلاكُ الناس؟ قال: من قِبَلِ عُلَمائهِم.
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسدي قال: حدّثنا سفيان عن الأعمش عن سعيد ابن جبير قوله: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [سورة العنكبوت: 56] قال: إذا عُمل فيها بالمعاصي فاخْرجوا.
قال: أخبرنا الضحّاك بن مَخْلَد عن أبي يونس القَوِيّ قال: قلتُ لسعيد بن جُبير قول الله تبارك وتعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [سورة النساء: 98] قال: كان ناس بمكّة مظلومين، أو قال مقهورين. قال: قلت لقد جئتك من عند قوم هكذا، يعني زمن الحجّاج. قال: يا بن أخ لقد حرصنا وجهدنا وأبَى الله أن يكون إلاّ ما أراد.
قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال: حدّثنا أبو عَوانة عن إسماعيل ـــ يعني ابن سالم ـــ عن حبيب بن أبي ثابت أنّ سعيد بن جُبير استعمله مَطَرُ بن ناجية في فتنة ابن الأشعث على مأصِري الكوفة على الصدقة والعشور.
قال حبيب: فركب وركبتُ معه حتى إذا انتهينا إلى المأصر أتانا رجل كان ينحتُ السّفُن قبل ذلك لمن كان قبله فدخل السفينة ومعه مِحَسّة، فقال له سعيد بن جبير: إليك إليك. فأخرجه، ثمّ نظر سعيد بن جبير وهو أوّل ما ركب إليه فمن تقدّم له يومئذٍ بيع من أهل الذّمّة فلم يرزِه شيئًا ولم يكن يرى أنّ عليهم عشورًا، ونظر من كان من أهل الإسلام فأخذ منهم صدقة ما كان معهم.
قال محمد بن سعد قالوا: وكان سعيد بن جبَير فيمن خرج من القُرّاء على الحجّاج بن يوسف، وشهد دير الجَماجم.
قال: أخبرنا سعيد بن محمّد الثقفي عن الزّبرقان الأسدي قال: سألت سعيد بن جبير في الجَماجم فقلتُ له: إني مملوك ومولاي مع الحجّاج، أفتخاف عليّ إن قُتلتُ أن يكون عليّ وزرٌ؟ قال: لا، قاتل فإنّ مولاك لو كان ها هنا قاتل بنفسه وبك.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا عُمارة بن زاذان عن أبي الصهباء قال: قال سعيد بن جبير، وذُكر له أنّ الحسن يقول: إنّ التقيّة في الإسلام، فقال سعيد: لا تقيّة في الإسلام، قال: فظننتُ أنّه ابتُلي وأُخذ من قابل.
قال محمّد بن سعد: وكان سعيد لما انهزم أصحاب بن الأشعث من دير الجماجم هرب فلحق بمكّة.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل وسليمان بن حرب قالا: حدّثنا حمّاد بن زيد عن يحيَى ابن عتيق عن محمّد بن سيرين قال: كان سعيد بن جُبير حائنًا، إنّه فعل ما فعل ثمّ أتى مكّة يفتي الناس.
قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثني حفص بن خالد قال: حدّثني من سمع سعيد بن جبير يقول يوم أُخِذَ: وَشَى بي واشٍ في بلد الله الحرام أكِلُه إلى الله.
قال محمد بن سعد: وكان الذي أخذ سعيد بن جبير خالد بن عبد الله القَسْري، وكان والي الوليد بن عبد الملك على مكّة، فبعث به إلى الحجّاج.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثني عبد الله بن مروان عن شريك عن هشام الدّسْتُوائي قال: رأيتُ سعيد بن جبير يطوف بالبيت مقيّدًا ورأيتُه دخل الكعبة عاشر عشرة مقيّدين.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون، عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمع خالد بن عبد الله صوت القيود فقال: ما هذا؟ فقيل له: سعيد بن جبير وطَلْقُ بن حبيب وأصحابهما يطوفون بالبيت. فقال: اقْطعوا عليهم الطوافَ.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا الربيع بن أبي صالح قال: دخلتُ على سعيد بن جُبير حين جيء به إلى الحجّاج، قال: فبكى رجل من القوم فقال سعيد: ما يُبْكِيك؟ قال: لما أصابك. قال: فلا تَبْكِ، كان في عِلْم الله أن يكون هذا. ثمّ قرأ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [سورة الحديد: 22].
قال: أخبرنا محمّد بن عُبيد قال: سمعتُ شيخًا يذكر أنّه كان جالسًا عند الحجّاج حين أُتي بسعيد بن جُبير وله ضَفْران، فكلّمه ساعة ثمّ قال: يا حرسي انطلقْ به فاضْرِبْ عنقه. فانطلق به فقال: دَعْني أصلّي ركعتين. وتوجّه نحو القبلة. فقال الحجّاج: ما يقول لك؟ قال: قال دَعْني أُصلّي ركعتين. قال: لا إلا إلى المشرق. فقال سعيد: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [سورة البقرة: 115] ثمّ مدّ عنقه فضربها.
قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدّثني أبي قال: سمعتُ الفضل بن سُويد يحدّث، وكان في حجر الحجّاج وكان أبوه أوصى إلى الحجّاج، قال: بعثني الحجّاج في حاجة فقيل قد جيء بسعيد بن جبير، فرجعتُ لأنظر ما يصنع به، فقمتُ على رأس الحجّاج، فقال له الحجّاج: يا سعيد ألم أستعملك؟ ألم أشْرِكْك في أمانتي؟ قال: بلى، قال: حتى ظننّا أنّه سيخلّي سبيله. قال: فما حملك على أن خرجت عليّ؟ قال: عُزم عليّ. قال: فطار الحجّاج شقّتين غضبًا، قال: هيه أفرأيتَ لعزيمة عدوّ الرحمن عليك حقًّا ولم تر لله ولا لأمير المؤمنين عليك حقًّا؟ اضْربا عنقه. فضُربت عنقه. قال فندر رأسه في قلنسية بيضاء لاطية كانت على رأسه.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: سمعتُ خَلَفَ بن خليفة يذكر عن رجل قال: لما قُتل سعيد بن جبير فندر رأسه هلّل ثلاثًا، مرّةً يُفْصح بها وفي الثنتين يقول مثل ذلك فلا يُفْصِح بها.
قال: أخبرنا عليّ بن محمّد عن أبي اليَقْظَان قال: كان سعيد بن جُبير يقول يوم دير الجماجم وهم يقاتلون: قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبّرهم على عباد الله وإماتتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين. فلمّا انهزم أهلُ دير الجماجم لحق سعيد ابن جبير بمكّة فأخذه خالد بن عبد الله فحمله إلى الحجّاج مع إسماعيل بن أوْسَط البَجَلي، وكان كَرِيّهم زيد بن مسروق أحد بني ضِبَارى بن عُبيد بن ثعلبة بن يَرْبُوع. قال: فأدخلَهُ على الحجّاج إسماعيل بن أوسط فقال له: ألم أقدم العراق فأكرمتك؟ وذكر أشياء صنعها به. قال: بلى. قال: فما أخرجك عليّ؟ قال: كانت لابن الأشعث بيعةٌ في عنقي وعزم عليّ. فغضب الحجّاج وقال: رأيتَ لعدوّ الله عزمةً لم ترها لله ولا لأمير المؤمنين ولا لي، والله لا أرفعُ قدمي حتى أقتلك وأُعْجِلك إلى النّار! ائْتوني بسيف رَغِيب فقام مسلم الأعور ومعه سيف حَنَفيّ عريض فضرب عنقه. فكان الحسن يقول: العجب من سعيد بن جبير، قاتَلَ الحجّاج في غير موطن وأمر بقتاله، ثمّ هرب فأتى مكّة فلم يملك نفسه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: كان قتلُ سعيد بن جُبير سنة أربعٍ وتسعين وكان يومئذٍ ابن تسع وأربعين سنة.
قال: أخبرنا زُهير أبو خَيْثَمَة قال: حدّثنا جَرير عن واصل بن سُليم عن عبد الله بن سعيد بن جبير قال: قُتل سعيد بن جبير وهو ابن تسعٍ وأربعين سنة.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش عن الأعمش أو مُغيرة عن إبراهيم أنّ سعيد بن جُبير ذُكر له فقال: ذاك رجل شهّر نفسه.
وقال أحدهما: قيل لإبراهيم قُتل سعيد بن جبير فقال: يرحمه الله ما خلّف مثله.
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسدي قال: حدّثنا سفيان عن عمرو بن ميمون بن مِهْران عن ميمون بن مِهْران قال: لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الأرض رجل إلا يحتاج إلى سعيد.
قال: وقال عبد الرحمن بن مَهْديّ عن عبد الواحد عن وِقاء بن إياس قال: رأيتُ عَزْرة يختلف إلى سعيد بن جبير معه التفسير في كتاب ومعه الدّواة يغيّر.
قال: أخبرنا الضّحّاك بن مَخْلَد عن عبد الله بن مسلم بن هُرْمُز عن سعيد بن جُبير أّنه كان يُنْكِر أن يتكفّأ الرجل في صلاته، قال وما رأيته قطّ يصلّي إلاّ كأنّه وَتِدٌ.
قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن سالم بن أبي حفصة قال: لمّا أمر الحجّاج بقتل سعيد ابن جبير قال: دعوني أصلّي ركعتين.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا معاوية بن عمّار الدّهنيّ عن عبد الملك بن عُمير قال: قال سعيد بن جُبير: لقد رأيتُه يزاحمني عند ابن عبّاس، يعني الحجّاج.
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن فِطْر قال: رأيتُ سعيد بن جُبير أبيض اللحية.
أخبرنا عبد الله بن نُمير عن فِطْر قال: رأيتُ سعيد بن جبير أبيض الرأس واللحية.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن أيّوب قال: كان سعيد بن جبير شديد بياض اللحية.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل ومالك بن إسماعيل قالا: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثنا أيّوب قال: سُئل سعيد بن جبير عن الخضاب بالوسِمَة فكرهه وقال: يكسو الله العبدَ النورَ في وجهه ثمّ يُطفئه بالسواد!
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن إسماعيل بن عبد الملك قال: رأيتُ على سعيد بن جُبير عمامة بيضاء.
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح والفضل بن دُكين عن أبي شهاب موسى بن نافع قال: رأيتُ سعيد بن جُبير يصلّي في برنسه لا يُخْرج يديه منه.
قال: أخبرنا وكيع قال: حدّثنا أبو شهاب موسى بن نافع قال: رأيتُ سعيد بن جبير يَسْدِل في التطوّع وعليه ملحفةٌ شقّتان ملفّفة.
قال: أخبرنا وكيع، عن إسماعيل بن عبد الملك قال: رأيتُ على سعيد بن جبير عمامة بيضاء.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا عمر بن ذَرّ قال: سمعتُ أبي يقول إن سعيد ابن جبير كان يُحْرِم في الطيلسان المدبّج.
قال عمر: وكان أبي يُحْرِم في الطيلسان المدبّج.
(< جـ8/ص 374>)