تسجيل الدخول


أكثم بن صيفي بن رباح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن...

أكثم بن صَيفي بن رباح، وقيل: ابن عبد العزى بن سعد التميميّ، من بني أسيد، وقيل: من ولد كعب بن عمرو الخزاعي.
أخرجه ابن منده. وذَكره ابن حبيب، وابن الكلبي، وأبو نصر بن ماكولا.
كان أبوه صيفي من المعمرين عاش مائتين وسبعين سنة، وهو عمُّ حنظلة بن الربيع بن صَيْفي الصحابيّ، المشهور. يعد في أهل الحجاز. وهو الحكيم المشهور. قال ابن عبد البرّ: ذكره ابن السّكن والبَاوَرْدِيُّ في الصّحابة. ولما بلغ أكثم ظهور رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ أرسل إليه رجلين يسألانه عن نسبه، وما جاء به، فأخبرهما، وقرأ عليهما: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل/ 90]، فعادا إلى أكثم فأخبراه، وقرآ عليه الآية، فلما سمع أكثم ذلك، قال: يا قوم، أراه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤوسًا، ولا تكونوا أذنابًا، وكونوا فيه أولًا، ولا تكونوا فيه آخرًا، فلم يلبث أن حضرته الوفاة، فأوصى أهله: أوصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم، فإنه لا يبلى عليها أصل، ولا يهتصر عليها فرع. قال عامر الشعبيّ: سألت ابن عباس عن هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ...} [النساء: 100] الآية، فقال: نزلَتْ في أكثم بن صيفي، قلت: فأين الليثي؟ قال: كان هذا قبل الليثي بزمان، وهي خاصة عامة. وقال أَبُو حَاتِمٍ في "المعمّرِينَ": لما سمع أكثم بخروج النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بعث إليه ابنه حبيشًا؛ ليأتيه بخبره؛ وقال: يا بنيّ، إِنِّي أَعِظُكَ بكلمات، فخُذْ بهنَّ من حين تخرج من عندي إلى أن تَرْجِعَ..... فذكر قصَّة طويلة، فيها: فكتب إليه النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أنْ أَقُولَ لَا إِلهَ إِلَّا اللهَ"(*)، فقال أكثم لابنه: ماذا رأيت؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، ويَنْهى عن ملائمها، فجمع أكثم قومَه، ودعاهم إلى اتباعه، وقال لهم: إن سفيان بن مجاشع سمَّى ابنه محمدًا حُبًّا في هذا الرّجل، وإن أسقف نَجْرَان كان يخبر بأمره، وبَعْثه؛ فكونوا في أمره أوّلًا، ولا تكونوا آخرًا، فقال لهم مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ: إنَّ شيخكم خرف، فقال أكثم: ويل للشّجيّ من الخليّ، والله ما عليك آسي، ولكن على العامة، ثم نادى في قومه، فتبعه منهم مائة رجل، منهم: الأقرع بن حابس، وسلمى بن القين، وأبو تَمِيمة الهُجَيْمي، ورباح بن الرَّبيع، والهنيد، وعبد الرحمن بن الربيع، وصفْوان بن أسيد؛ فساروا حتى إذا كانوا دون المدينة بأربعِ ليال كره ابنه حُبيش مَسِيره، فأدلج على إبل أصحاب أبيه؛ فنحرها، وشقّ قِرَبهم، ومزاداتهم، فأصبحوا ليس معهم ماء، ولا ظهْر، فجهدهم العطش، وأيقن أكثم بالموت، فقال لأصحابه: أقدموا على هذا الرجل، وأعلموه بأني أشهد أن لا إله إلا الله وأنّه رسول الله، انظروا إن كان معه كتاب بإيضاح ما يقول؛ فآمنُوا به، واتبعوه وآزِروه، قال: فقدموا عليه، فأسلموا؛ قال: فبلغ حاجبًا، ووَكيعًا خروج أكثم، فخرجا في أثره، فلما مرا بقَبْرِهِ أقاما به، ونَحَرا عليه جَزُورًا، ثم قدما على أصحابه، فقالا لهم: ماذا أمركم به أكثم؟ قالوا: أمرنا بالإِسْلَامِ، قال: فَأَسْلما معهم. قال أَبُو حَاتِمٍ: عاش أكثم ثلاثمائة وثلاثين سنة، ويقال: بل عاش أكثم مائة وتسعين سنة. قلت: وأنشد له المَرْزَبَانِيُّ:
وَإِنَّ امْرَأً قَدْ عَاشَ تِسْعِينَ حَجَّةً إِلَى مِائَةٍ لَمْ يَسْأَمِ العَيْشَ جَاهِلُ
أَتَتْ
مِائَتَانِ
غَيْرَ عَشْرٍ
وَفَائِهَا وَذَلِكَ
مِنْ
مَرِّ
اللَّيَالِي
قَلَائِلُ
وذكر الخطيب هذين البيتين بسنده إلى أبي حاتم. ونقل عنه أنه كان يقول: إنما قَلْبُ الرجل مُضغة منه، وإنه ينحلّ كما ينحلّ سائر جسده. وقال الخطيب: وكانت له حِكمةٌ وبلاغة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال