تسجيل الدخول


الحارث بن سويد بن الصامت الأنصاري الأوسي

الحارث بن مسلمة، وقيل: ابن مسلم المخزوميّ، وقيل: ابن سُوَيْد بن الصَّامِت الأنصاري الأوسي، أخو الجلاس، أحد بني عمرو بن عوف، قال ابن حجر العسقلاني: والمشهور أنه أنصاريّ.
أخرجه ابن منده، وأبو نعيم، وقال ابن منده: أراه الأول ــ يعني التيمي، وذكر هو في التيمي أنه كوفي. أمه أم الجُلاَس، واسمها عَمِيرَة بنت عَمرو بن ضَمضَم، من غسّان حليف لبني معاوية، وكان له أخ لأبيه وأمه يقال له الجُلاَس بن سويد، صحب النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ولم يشهد أُحُدًا، وقال أبوه سُوَيْد بن الصامت عِندَ مَقتَله:
أََبلغْ جُلاَسًا وعبدَ الله مَأْلُكَـةً وإِنْ كـَبِرتَ فلا تَخذُلْهما حارِ
واقتُلْ جِدَارَةَ إِمّا كنتَ لاقِيها واستبقِ عَوفًا على عُرفٍ وإنكارِ
قال ابْنُ الأَثِيرِ: اتفق أهلُ النقِل على أنه الذي قتل المُجَذّر بن زِيَاد، فقتله النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم به. قال ابن حجر العسقلاني: وفي جَزْمه بذلك نظر؛ لأن العدويّ وابن الكلبيّ والقاسم بن سلام جَزموا بأن القصة إنما وقعت لأخيه الجُلاس، لكن المشهور أنها للحارث، وروى عبد الرزّاق في تفسيره ومسدّد في مسنده، عن مجاهد أن الحارث بن سُويد كان مسلمًا، ثم ارتدَّ ولحق بالكفار، فنزلت هذه الآية: {كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: 86]؛ فحملها رجل فقرأها عليه، فقال الحارث: والله إنك لصَدُوق، وإن الله أصدق الصادقين، فأسلم. ووقع لابنِ عَبْدِ البَرِّ أنه ارتدّ ولحق بالكفّار فنزلت: {كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا...} [آل عمران: 86] الآية. قال سعيد بن محمد بن أبي زيد، ويحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة: كان سُويد بن الصامت ويُكنى أبا عَقِيل قد قتَل أبا مُجَذّر في وقعة التقوا فيها، فلما كان بعد ذلك جاء حُضَير الكتائب بني عمرو بن عوف، فوقف على مجلس سويد وهو يومئذ سيد بني عَمْرو بن عوف، فقال ألا تَزُورنا يا أبا عقيل؟ فنسقيك خَمرًا، ونَنْحَرُ لك جَزُورًا وتُقِيم عندنا أيامًا وتَزُورنا معك بهذين الفتَيين: خَوّات بن جُبَير، وأبي لُبابةَ بن عبد المُنْذِر ــ ويقال سهل بن حنيف ـ فقالوا: نحن نأتيك يوم كذا وكذا، فأتوه فَنَحرَ لهم جَزُورًا وسقاهم الخمرَ، فأقاموا عنده ثلاثًا ثم انصرفوا، فلما كانوا قريبا من غُصَيْنَة جلس سويد يبول، وهو ممتلئ سُكْرا، فَبَصُرَ به إنسان من الخزرج، فأتى المُجَذَّرَ بن زِياد، فقال: هل لك في الغنيمة الباردة؟ سُويد! أعزل لا سلاح معه، ثمل! فخرج المُجَذَّرُ بالسيف صَلتًا، فلما رآه الفَتَيَانِ وَلّيَا، وهما أعزلان، وثبت الشيخ ولا حَراكَ به، فوقف عليه مُجَذَّر فقال: قد أمكنَ الله منك! فقال: وما تُريدُ بي؟ قال: قَتْلك، قال: فارفَعْ عن العظام واخْفِض عن الدِّماغ، وإذا رَجَعْتَ إلى أمك فَقُلْ: إني قَتلتُ سُوَيدَ بنَ الصامت، فقتله، فهيَّج قَتْله وقعةَ بُعاث، وذلك قبل الإسلام، فلما قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينة أسلمَ الحارث بن سويد، ومُجَذَّر بن ذياد وشهدا بدرًا، فجعل الحارث يطلب مُجَذَّرًا يقتله بأبيه، فلا يقدر عليه، فلما كان يوم أُحُد وجَالَ المسلمون تلك الجولة أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه، فلما رجع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من حَمراء الأسد، أتاه جبريل فأخبره أن الحارث بن سُوَيد قَتل مُجَذَّر بن زياد غِيلَةً، وأمره بقتله، فركب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى قُبَاء في يوم حار، فدخل مسجد قُبَاء فصلّى فيه، وسمعتْ به الأنصار فجاءت تُسَلِّم عليه، وأنكروا إتيانه في تلك الساعة وفي ذلك اليوم، حتى طلع الحارث بن سويد في مِلحفة مُوَرَّسة، فلما رآه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، دعا عُوَيْمِ بنَ ساعدة، فقال: "قَدِّم الحارثَ بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقَه بمُجَذَّر بن ذِياد، فإنه قتله غِيلَةً"، فقال الحارث: قَدْ وَالله قتلته وما كان قتلي إياه رجوعًا عن الإسلام ولا ارتيابًا فيه، ولكنه حميّة الشيطان وأَمرٌ وُكِلْتُ فيه إلى نفسي، وإنّي أتوبُ إلى الله وإلى رسوله مما عَملتُ، وأُخْرِجُ دِيَتَهُ، وأصومُ شهرين متتابعين، وأعتق رقبة، وأُطعِم ستين مسكينًا، إنِّي أتوب إلى الله وإلى رسوله! وجَعل يُمْسِكُ بركاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وَرِجْلُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في الرِكاب، وَرِجْل في الأرض، وبَنُو مُجَذَّر حُضُورٌ لا يقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لهم شيئًا، حتى إذا استَوعَبَ كلامَه، قال: "قدِّمْه يا عُويم فاضربْ عُنُقَه"! وركب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقدّمَه عُويم على باب المسجد فضرب عنقه، فقال حسَّان بن ثابت:
يَا حَارِ في سِنَةٍ مِنْ نَوْمِ أَوّلِكُمْ أَمْ كُنْتَ وَيْحَكَ مُغْتَرًّا بِجِبْرِيـلِ
أَمْ كُنْتَ يَا بْنَ ذِيَادٍ حَيْنَ تَقْتُلُُهُ بِغِرَّةٍ في فَضَاءِ الأَرْضِ مَجْهُولِ
روى عنه مجاهد.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال