تسجيل الدخول


خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن...

1 من 1
خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ

(ب دع) خَبَّابُ بن الأرَتّ. اختلف في نسبه، فقيل: خزاعي، وقيل: تميمي، وهو الأكثر، وهو خباب بن الأرت بن جَنْدلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ابن تميم، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو يحيى.

وهو عربي، لحقه سِباء في الجاهلية فبيع بمكة، وقيل: هو حليف بني زهرة، وقال ابن منده وأبو نعيم: قيل: هو مولى عتبة بن غزوان، وقيل: مولى أم أنمار بنت سباع الخزاعية، وهي من حلفاء بني زهرة فهو تميمي النسب، خزاعي الولاء، زهري الحلف، لأن مولاته أم أنمار كانت من حلفاء عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، والد عبد الرحمن ابن عوف.

وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، وممن يعذب في الله تعالى، كان سادس ستة في الإسلام، قال مجاهد: أول من أظهر إسلامه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وخبَّاب، وصهيب. وبلال، وعمار، وَسُمَيَّة أم عمار، فأما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأما الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس، فبلغ منهم الجهد ما شاء الله أن يبلغ من حر الحديد والشمس.

قال الشعبي: إن خَبَّابًا صبر ولم يُعْطِ الكفار ما سألوا، فجعلوا يلزقون ظهره بالرَّضْف، حتى ذهب لحم مَتْنِهِ.

أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد اللّه الفقيه بإسناده إلى أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا زهير بن حرب، أخبرنا جرير، عن إسماعيل، عن قيس، عن خبَّاب قال: شكونا إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو متوسد ببُرْدٍ له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ فجلس محمرًّا وجهه، فقال: "قَدْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، ُثمَّ يُجَاءُ بِالمِيشَارِ فَيُجْعَلُ فَوْقَ رَأْسِهِ، مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ وَعَصَبٍ، مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّن الله هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوتٍ لَا يَخْشَى إِلَّا الله عَزَّ وَجَلَّ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ" (*)أخرجه البخاري في الصحيح 9/ 26 وأبوداود في السنن 2/ 53 كتاب الجهاد باب في الأسير يكره على الكفر حديث رقم 2649 وأحمد في المسند 5/ 111، 6/ 395 والطبراني في الكبير 4/ 72..

وقال أبو صالح: كان خباب قَيْنًا يطبع السيوف؛ وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يَألفُهُ ويَأتِيه، فَأخْبِرَت مولاته بذالك؛ فكانت تأخذ الحديدة المحماة فتضعها على رأسه؛ فشكا ذلك إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "اللَّهُمَّ انْصُرْ خَبَّابًا"،(*) فاشتكت مولاته أمُّ أنمار رأسها، فكانت تعوي مثل الكلاب، فقيل لها: اكتوي، فكان خباب يأخذ الحديدة المحماة فيكوي بها رأسها.

وشهد بدرًا وأُحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

قال الشعبي: سأل عمر بن الخطاب خبابًا رضي الله عنهما عما لقي من المشركين فقال: يا أمير المؤمنين، انظر إلى ظهري، فنظر، فقال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل، قال خباب: لقد أوقِدَتْ نارٌ وسُحِبْتُ عليها فما أطفأها إلا وَدَك ظهري.

ولما هاجر آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين تميم مولى خِراش بن الصِّمَّة وقيل: آخى بينه وبين جَبْر بن عَتِيك.

روى عنه ابنه عبد اللّه، ومسروق، وقيس بن أبي حازم، وشقيق، وعبد اللّه بن سخبرة، وأبو مسيرة عَمْرو بن شرحبيل، والشعبي، وحارثة بن مُضَرب، وغيرهم.

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن عيسى السلمي: حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا وهب بن جرير، أخبرنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد، عن الزهري، عن عبد اللّه بن الحارث، عن عبد اللّه بن خباب بن الأرت، عن أبيه، قال: صلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم صلاة فأطالها، فقالوا: يا رسول الله، صليت صلاة لم تكن تصليها؟ قال: "أَجَلْ، إِنَّهَا صَلَاةُ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، إِنِّي سَأَلْتُ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسنَةٍ، فَأَعْطَانِيَهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِيَها، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَمَنَعْنِيَها"(*) أخرجه أحمد في المسند 1/ 182، 5/ 248 والطبراني في الكبير 1/ 65 وابن أبي شيبة 10/ 321، 11/ 456 والبيهقي في دلائل النبوة 6/ 526 وذكره الهيثمي في الزوائد 7/ 225 والهندي في كنز العمال حديث رقم 31103..

أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء، أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الإخشيد، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحيم، أخبرنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكناني، أخبرنا أبو القاسم البغوي، أخبرنا أبو خيثمة زهير بن حرب، أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي خالد، شيخ من أصحاب عبد اللّه، قال: بينما نحن في المسجد إذ جاء خَبَّاب بن الأرت، فجلس فسكت فقال له القوم: إن أصحابك قد اجتمعوا إليك لتحدِّثَهم أو لتأمرهم، قال: بم آمرهم؟ ولعلي آمرهم بما لست فاعلًا.

وروى قيس بن مسلم، عن طارق، قال: عاد خبَّابًا نفرٌ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقالوا: أبشر أبا عبد اللّه ترد على إخوانك الحوض، فقال: إنكم ذكرتم لي إخوانًا مضوا، ولم ينالوا من أجورهم شيئًا، وإنا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما نخاف أن يكون ثوابًا لتلك الأعمال، ومرض خبَّاب مرضًا شديدًا طويلًا.

أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد بإسناده إلى مسلم بن الحجاج، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا عبد اللّه بن إدريس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: دخلنا على خباب وقد اكتوى سبع كيات، فقال: لولا أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.

ونزل الكوفة ومات بها، وهو أول من دفن بظهر الكوفة من الصحابة، وكان موته سنة سبع وثلاثين.

قال زيد بن وهب: سرنا مع علي حين رجع من صِفين، حتى إذا كان عند باب الكوفة إذا نحن بقبور سبعة عن أيماننا، فقال: ما هذه القبور؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين، فأوصى أن يدفن في ظاهر الكوفة، وكان الناس إنما يدفنون موتاهم في أفنيتهم، وعلى أبواب دورهم، فلما رأوا خبابًا أوصى أن يدفن بالظهر دَفَنَ الناسُ، فقال عليَّ رضي الله عنه: رحم الله خبابًا؛ أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلي في جسمه، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملًا، ثم دنا من قبورهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا سلف فارط ونحن لكم تبع عما قليل لاحق، اللهم اغفر لنا ولهم، وتجاوز بعفوك عنا وعنهم، طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، وأرضى الله عز وجل.

قال أبو عمر: مات خباب سنة سبع وثلاثين بعدما شهد صفين مع علي رضي الله عنه والنهروان، وصلى عليه علي، وكان عمره إذ مات ثلاثًا وسبعين سنة، قال: وقيل: مات سنة تسع عشرة، وصلى عليه عمر رضي الله عنه.

أخرجه الثلاثة [[يعني: ابن عبد البر، وابن منده، وأبا نعيم]].

قلت: الصحيح أنه مات سنة سبع وثلاثين، وأنه لم يشهد صفين، فإنه كان مرضه قد طال به، فمنعه من شهودها، وأما الخباب الذى مات سنة تسع عشرة فهو مولى عتبة بن غَزْوَان؛ ذكره أبو عمر أيضًا، وقد ذكر ابن منده وأبو نعيم أن خباب بن الأرت مولى عتبة ابن غزوان، وليس كذلك. إنما خَبَّاب مولى عتبة بن غزوان آخر يرد ذكره. وهما قد ذكرا في تسمية من شهد بدرًا: خَبَّاب بن الأرت من حلفاء بني زهرة، ثم ذكروا في ترجمة خَبَّاب مولى عُتْبة من شهد بدرًا، من بني نوفل بن عبد مناف من حلفائهم: عتبة بن غزوان، وخَبَّاب مولى عتبة. ثم قال أبو نعيم عن مولى عتبة: إنه لم يُعْقِب ولا تُعْرفُ له رواية، فكفى بهذا دليلًا على أنهما اثنان، لأن ابن الأرتّ قد أعقب عدة أولاد؛ منهم: عبد اللّه، وقتلته الخوارج أيام علي رضي الله عنه، وله رواية عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ثم إن بني زهرة غير بني نوفل. وقد ذكر ابن إسحاق وغيره من أصحاب السير من شهد بدرًا، من بني زهرة، من حلفائهم: خباب بن الأرت، وذكروا أيضًا من حلفاء بني نوفل خبابًا مولى عتبة بن غزوان، فظهر أن مولى عتبة غير خباب بن الأرت، وقال بعض العلماء: إن خبَّاب بن الأرت لم يكن قَينًا، وإنما القين خَبَّاب مولى عتبة بن غزوان، والله أعلم.
(< جـ2/ص 147>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال