أبو عدي
يُكْنَى أبا عديّ، وأمُّه أروى بنت عبد المطلّب بن هاشم، وهو من السابقين إِلى الإِسلام، فقد أسلم طُليب بن عُمير في دار الأرقم ثمّ خرج فدخل على أمّه، وهي أروى بنت عبد المطّلب، فقال: تبعتُ محمّدًا وأسلمتُ لله، فقالت أُمّه: إنّ أحقّ مَن وازَرْتَ وعَضَدت ابن خالك، والله لو كُنّا نَقْدِرُ على ما يقدر عليه الرجال لمنعناه وذَبَبْنا عنْه، فقال: يا أُمَّهْ، فما يمنعك أن تُسْلمي وتَتْبَعيه؟ فقد أسلم أخوكِ حمزة، فقالت: أَنْظُرُ ما يصنع أخواتي ثمّ أكون إحْدَاهُنّ، قال: فإنّي أسألك بالله إلاّ أتَيْته فَسَلّمْتِ عليه وصَدّقْته وشهدتِ أن لا إله إلاّ الله، فقالت: فإنّي أشهدُ أنْ لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّدًا رسولُ الله، ثمّ كانت بعدُ تَعْضُدُ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بلسانها وتَحُضّ ابنَها على نُصرته والقيام بأمره.
وكان طُليب بن عُمير من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية، وكان من المهاجرين الأَولين، ولمّا هاجر طُليب بن عُمير من مكّة إلى المدينة نزل على عبد الله بن سَلَمَةَ العَجْلاني، وشهد بدرًا، وقُتِلَ بأَجْنَادين شهيدًا في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وليس له عَقبٌ، وقيل: استشهد باليَرْموك.
وكان طليب من خيار الصحابة، وقيل: إِنه أَول من أَراق دمًا في الإِسلام، وقيل: سعد بن أَبي وقاص. فإنه سمع عوف بن صبرة السّهمي يشتم النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأخذ له لَحْيَ جمل فضربه فشجّه، فقيل لأروى: ألا ترين ما فعل ابنك؟ فقالت:
إِنَّ طُلَيبًا نَصَرَ ابْنَ خَالِهِ وَاسَاهُ فِي ذِي دَمِهِ وَماَلِهِ
وقيل: إن المضروب أبا إهاب بن عزيز الدّارمي، وكانت قُريش حملته على الفَتْكِ برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلقيه طُليب فضربه فشجّه، وروي أن طُليبًا شجَّ أبا لهب لما حصر المشركون المسلمين في الشِّعْبِ، فأخذوا طليبًا فأوثقوه، فقام دونه أبو لهب حتى يخلصه، وشكاه إلى أمّه، وهي أخت أبي لَهَب، وقالت: خير أيامه أن ينصر محمدًا.
وآخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه والمُنذر بن عمرو الساعديّ.