تسجيل الدخول


أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي

شَقيق بن سَلَمة الأسديّ، أحد بني مالك بن مالك بن ثعلبة:
أَخرجه أَبو موسى. يكنى أبا وائل، وقال ابْنُ حِبّانَ: ولد في السنة الأولى من الهجرة.
قال الأعمش: رأيتُ إزار أبي وائل إلى نصف ساقيه، وقميصه فوق ذلك، ورداؤه فوق ذلك، ومجاهد مثل ذلك، ورأيتُ شقيقًا يصفّر لحيته بالصّفْرة. قال سعيد بن صالح الأسدي: كان أبو وائل يلبس مقطّعات اليمنة. هاجر بعد النّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم.
روى عفّان بن مسلم بسنده عن أبي وائل قال: غزوتُ مع عمر بن الخطّاب الشأم فقال سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباجَ ولا تشربوا في آنية الذهب ولا الفضّة فإنّها لهم في الدنيا وهي لنا في الآخرة"(*). قال شقيق: جاءنا كتاب أبي بكر ونحن بالقادسيّة، وكتب عبد الله بن الأرقم. روى الأعمش، عن أبي وائل، أنه قيل له: أشهِدَت صفّين؟ قال: نعم، وبئست الصفّون كانت.
صاحب ابن مسعود، وأدرك الجاهليّة وقال:‏ بُعث النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، وأنا شابٌّ ابن عشر حجج، أرعى إبلًا لأهلي. قال شقيق: يا سليمان، لو رأيتَني ونحن هُرّاب من خالد بن الوليد يوم بُزاخة فوقعتُ عن البعير فكادت عنقي تندقّ، ولو أني هلكتُ يومئذٍ لكانت النار. وروى محمد بن حُميد الرّازي عن أَبي وائل: كنت في إبل لأهلي فمرَّ بي رَكْبٌ فنفرَتْ إبلي، فقال رجل:"رُدُّوا على الغلام إبله"، فقلت لرجل: مَنْ هذا؟ قال: ذاك رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم(*)، قال ابْنُ مَنْدَه: لا يثبت. وقال ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في تمييز الصحابة": ولا دلالة فيه على صحبته؛ لأنه ليس فيه أنه أسلم حينئذٍ، والله أعلم. قال عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: قلت لأبي عبيدة: مَنْ أعلم النّاس بحديث أبيك؟ قال: أبو وائل. وقال عاصم: قال لي أبو وائل: ألا تعجب من أبي رَزِين قد هَرِم وإنّما كان غلامًا على عهد عمر بن الخطّاب وأنا رجل. وقال سعيد بن صالح: رأيتُ أبا وائل يستمع إلى النوح ويبكي. وقال عبد الله بن بكر المُزَني: سمعتُ عاصم بن بَهْدَلة قال: أتى أبو وائل الأسودَ بن هلال يزوره، فقال أبو وائل: والله ما أتيتك حتى تَمنَّيتُ أن لا ألقاك، قال: ولِم يا أبا وائل؟ قال: لأني أنكفُ لك عن الحياة وأخاف عليك الفِتَن وأعلمُ أنّ ما عند الله خير، قال: فلا تفعل يا أبا وائل فإنّي لست أزهد في خمسين صلاة كلّ يوم، إني إذا متّ قام عملي، فلم أزد في صلاة صلاةً ولا في حسنةٍ حسنةً ولا في صيامٍ صيامًا. وقال مهاجر أبو الحسن: انطلقتُ إلى أبي بُرْدة وشقيق وهما على بيت المال بزكاة فأخذاها، وقال سعيد في حديثه: ثمّ جئتُ مرّة أُخرى فوجدت أبا وائل وحده فقال لي: رُدّها فضعْها في مواضعها، قلت: فما أصنع بنصيب المُؤلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؟ قال: رُدّه على الآخرين. وروى عفّان بن مسلم عن أبي وائل قال: كان بيني وبين زياد معرفة، فلمّا جُمعت له الكوفة والبصرة قال لي: اصْحَبْني كيما تصيب منّي، فأتيتُ علقمة فسألته فقال: إنّك لن تصيب منهم شيئًا إلّا أصابوا منك أفضل منه ــ أي من دينه. قال الأعمش: قال لي إبراهيم: عليك بشقيق؛ فإنّي قد أدركت أصحاب عبد الله وهم متوافرون وهم يعدّونه من خيارهم. قال مُغيرة: كان إبراهيم التيمي يذكّر في منزل أبي وائل فكان أبو وائل ينتفض انتفاض الطير. وقال معرّف بن واصل: رأيتُ إبراهيم التيميّ عند أبي وائل ويده في يدي فكان إبراهيم إذا ذكّر بكى أبو وائل، وكلّما خوّف بكى أبو وائل. وقال عاصم: كان أبو وائل لا يلتفت في صلاة ولا طريق. قال عاصم بن َبهْدَلة: سمعت شقيق بن سَلَمة أبا وائل يقول وهو ساجد: اللهمّ اعْفُ عنّي واغْفِرْ لي فإّنك إن تَعْفُ عنّي تعْفُ عني طويلًا وإن تعذّبْني تعذّبني غير ظالم ولا مسبوق. وقال الأعمش: كان أبو وائل إذا سُئل عن شيء من القرآن قال: قد أصاب الله به الذي أراد. وعن عطاء بن السائب أنّ أبا وائل كره أن يقول حرف، وقال: اسم يعني في القرآن. قال عاصم: أدركتُ أقوامًا يتّخذون هذا الليل جَمَلًا، وإن كانوا ليشربون نبيذ الجَرّ وَيَلْبَسُونَ المُعَصْفَرَ، لا يرون بذلك بأسًا، منهم أبو وائل ورجل آخر. قال عاصم: كان عبد الله إذا رأى أبا وائل قال: التّائبُ. عن مغيرة، عن أبي وائل أنّه كان إذا دُعي قال: لَبَّيِ الله، قال عفّان في حديثه: ولا يقول لبّيْك، قال عارم: ولا يقول لبّيْ يديك. قال معرِّف بن واصل: كان أبو وائل يقول لغلامه عند غيبوبة الشمس: أيا غلامُ آصَلْنا بعدُ؟ قال أحمد بن عبد الله في حديثه: وكان شقيق قد ذهب بصره. قال الزّبْرِقان: أمرني شقيق قال: لا تقاعد أصحاب أرَأيتَ أرَأيتَ. قال عاصم: كان لأبي وائل خُصّ يكون فيه هو وفرسه، فكان إذا غزا نقضه وإذا رجع أعاده. قال أبو وائل: درهم من تجارة أحبّ إليّ من عشرة من عطائي. قال يزيد بن أبي زياد: قلتُ لأبي وائل أيّكما أكبر أنت أو مسروق؟ قال: بل أنا أكبر من مسروق. قال أبو وائل: قيل لي: أيّكما أكبر أنت أو ربيع بن خُثيم؟ قال: أنا أكبر منه سنًّا وهو أكبر منّي عقلًا. قال شقيق بن سلمة: أعطاني عمر بيده أربعة أعطية وقال: لتكبيرة واحدة خير من الدنيا وما فيها. قال أبو وائل: أتانا مُصَدِّقُ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فكان يأخذ من كلّ خمسين ناقة ناقة، فأتيتُه بكبش لي فقلتُ له: خذ صدقة هذا، فقال: ليس في هذا صدقة. قال أبو العَنْبَس عمرو بن مروان: قلتُ لأبي وائل: هل أدركتَ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: نعم وأنا غلام أمرد، ولم أره.
وولّى زيادُ أبا وائل بيت المال ثمّ عزله عنه، ولما استخلف معاوية يزيد بن معاوية قال أبو وائل: أتُرى معاوية يرى أنّه يرجع إلى يزيد بعد الموت فيراه في ملكه؟. روى سعيد بن منصور عن أبي وائل قال: أرسل إليّ الحجّاج فأتيته فقال: ما اسمك؟ قلت: ما أرسل إليّ الأميرُ إلّا وقد عرف اسمي، قال: متى هبطت هذا البلدَ؟ قلت: ليالي هبطه أهلُه، قال: كأيّنْ تقرأ من القرآن؟ قلت: أقرأ منه ما إن اتّبعتُه كفاني، قال: إنّا نريد أن نستعملك على بعض عملنا، قلت: على أيّ عمل الأمير؟ قال: السلْسِلة، قلت: إنّ السلسلة لا يُصْلحها إلا رجال يقومون عليها ويعملون عليها، فإنّ تستعِنْ بي تستعنْ بشيخٍ أخرق ضعيف يخاف أعْوان السوء، وإن يُعْفِني الأميرُ فهو أحبّ إليّ، وإن يُقْحِمني الأمير أقْتحم، وأيْمُ الله إنّي لأتعارّ من الليل فأذكر الأمير فَمَا يأتيني النوم حتى أصبح ولستُ للأمير على عملٍ، فكيف إذا كنتُ للأمير على عمل؟ وأيْمُ الله ما أعلم الناس هابوا أميرًا قطّ هيبتهم إيّاك أيّها الأمير، فأعجبه ما قلتُ، فقال: أعِدْ عليّ، فأعدتُ عليه، فقال: أمّا قولُك إن يُعْفِني الأمير فهو أحبُ إليّ وإن يُقْحِمني أقْتحِم، فإنّا إن لا نجد غيرك نُقْحِمك وإن نجد غيرك لا نُقْحِمْك، وأمّا قولك إنّ الناس لم يهابوا أميرًا قطّ هيبتهم أيّاي، فإنّي والله ما أعلمُ اليوم رجلًا على ظهر الأرض هو أجرى على دمٍ مني، ولقد ركبتُ أموًرا كان هابها الناس فأُفْرِجَ لي بها، انطلقْ يرحمك الله، فخرجتُ من عنده وعدلت من الطريق عمدًا كأنّي لا أنظر، قال: أرْشِدوا الشيخ أرْشدوا الشيخ، حتى جاء إنسان فأخذ بيدي فأخرجني فلم أعُدْ إليه بعدُ. روى الفضل بن دُكين عن أبي وائل قال: اللهمّ أطعْم الحجّاج طعامًا من ضريعٍ لا يُسْمِنُ ولا يُغْني منْ جوعٍ إن كان أحبّ إليك، فقيل َله: يا أبا وائل أشككتَ؟ قال: إنّي لم أشكّ ولكني لم أُسيءْ. قال ابن عون: ذهب بي رجل إلى أبي وائل فقال: يا أبا وائل أيّ شيء تشهد على الحجّاج؟ قال: أتأمرني أن أحكم على الله؟. قال أبو هاشم: رأيتُ أبا وائل يُومئ إيماءً في زمن الحجّاج.
قال أبو زُرْعة: روايته عن أبي بكر مرسلة. وكان ثقةً كثير الحديث؛ فروى عن عمر، وعثمان، وعليّ، وسعد، وابن عباس، وابن مسعود، وحُذَيفة، وخَبّاب، وأُسامة بن زيد، وأبي موسى، وعَزْرة بن قيس، وأتى الشأم فسمع من أبي الدرداء، وروى عن: ابن الزّبير، وسلمان بن ربيعة، وحضر غزوة بَلَنْجَر مع سلمان بن ربيعة، وروى عن ابن مُعيز السعدي، وروى ابن مُعيز عن عبد الله، وروى أبووائل أيضًا عن مسروق، وكُرْدوس، وعمرو بن شُرَحْبيل، ويَسار بن نُمَير، وسَلَمة بن سَبْرة، والصُّبَيّ بن مّعْبَد الجُهَني، وعمرو بن الحارث الذي روى عن زينب امرأة عبد الله، وغيرهم، ورَوَى عَنْهُ الأعْمَشُ، وَمَنْصُورُ بن المعتمر، وَعَاَصِم، وعمرو بن مرة، وأبو حُصَين، والشَّعبي، والسَّبِيعي، وغيرهم.
قال عاصم بن بهدلة: لما مات أبو وائل قبّل أبو بُرْدة جبهته. وقال الفضل بن دُكين وغيره: توفّي أبو وائل في زمن الحجّاج بعد الجَماجم. وقال ابن الأثير: توفي سنة تسع وتسعين.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال