موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي
موسى بن طلحة بن عبيد الله القرشيّ التيميّ:
يكنى أبا عيسى، وقيل: أبو محمّد، وقال ابْنُ عَسَاكِرَ: ُولد في عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم فسمّاه. أمّه خَوْلة بنت القَعْقاع بن مَعْبَد، من بني تميم، وكان يقال للقعقاع تيّار الفرات من سخائه. وَلَدَ موسى بن طلحة: عيسى، ومحمدًا، وكان على أهل الكوفة أيّام ساروا إلى أبي فُديك الخارجي، وله يقول عبيد الله بن شِبْل البَجَلِي:
تباري ابن موسى يا ابن موسى ولم تكنْ يَداك جَميعًا تَعْدِلانِ لَهُ يَدا
يعني عمر بن موسى بن عبيد الله، وإبراهيم بن موسى، وعائشةَ تزوّجها عبد الملك بن مروان فولدت له بكّارًا ثمّ خلف عليها عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب، وقَريبةَ بنت موسى، وأمُّهم أّمّ حكيم بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق، وعمرانَ بن موسى وأمّه أمّ ولد ويقال لها جَيْداء، وله يقول الشاعر:
إنْ يَكُ يا جُناحُ عَلَيّ دَيْنٌ فعِمْرانُ بنُ موسى يَسْتَدينُ
قال عمرو بن عثمان بن عبد الله: رأيتُ موسى يخضب بالسواد، قال إسحاق بن يحيَى: رأيتُ عيسى وموسى ابني طلحة لا يزيدان على أن يُبْدِيا هذا، يعني الإطار، قال إسحاق بن يحَيى: رأيتُ كُمّيْ عيسى وموسى ابني طلحة يجاوزان أصابعَهما بأربع أصابع أو شبر. قال عيسى بن عبد الرحمن: رأيتُ على موسى بن طلحة برنس خزّ، وقال طُعْمة بن عمرو الجعفري: رأيتُ موسى بن طلحة قد شدّ أسنانه بالذّهب، ربط موسى بن طلحة أسنانه بالذهب.
وأخرج البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخ الصّغِير"، عن موسى بن طلحة، قال: صحبت عثمان اثنتي عشرة سنة، وقال الزُّبَيْرُ: كان من وجوهِ آل طلحة، وقال العجلي: تابعيّ ثِقة، وكان خيارَا. وقال أَبُو حَاتِمٍ: كان يقال له في زمنه المهديّ، وكان أفضل وَلد طلحة بعد محمد، وقال عَبْدُ الْمَلِكْ بْنُ عُمَيْرٍ: كان فصحاء الناس ـــ يعني في عصرهم ـــ أربعةً؛ فعدَّ منهم موسى بن طلحة.
كان ثقةً له أحاديث، وله روايةٌ في الصّحيح والسّنن عن أبيه، وعثمان، وعليّ، والزبير، وطلحة، وأبي ذَرّ، وأبي أيوب، وغيرهم، وروى عنه ابنه عمران، وحفيده سليمان بن عيسى، وابن أخيه إسحاق بن يحيى، وابن أخيه الآخر موسى بن إسحاق، وأبو إسحاق السَّبِيعي، وعبد الملك بن عُمير، وسماَك بن حَرْب، وآخرون.
قال خالد بن سُمير: قدم الكذّاب المختار بن أبي عُبيد الكوفة فهرب منه وجوه أهل الكوفة فقدموا علينا هاهنا البصرة وفيهم موسى بن طلحة بن عبيد الله، وكان الناس يرونه زمانه هو المهديّ، فغشيهم ناس من الناس وغشيتُه فيمن غشيه فإذا شيخ طويل السكوت قليل الكلام طويل الحزن والكآبة، إلى أن قال يومًا من الأيّّام: والله لأن أكون أعلم أنّها فتنة لها انقضاء أحبّ إليّ من أن يكون لي كذا وكذا، وأعظم الخَطَر، فقال رجل من القوم: يا أبا محمّد ما الذي ترهبُ وأشَدّ أن تكونَ فتنةٌ؟ قال: أرهبُ الهَرْج، قال: وما الهرج؟ قال: الذي كان أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يحدّثون، القتل بين يدي الساعة، لا يستقرّ الناس على إمام حتى تقوم الساعة عليهم وهو كذاك، وايـْمُ الله لئن كان هذا لوددتُ أني على رأس جبل لا أسمع لكم صوتًا ولا ألبّي لكم داعيًا حتى يأتيني داعي ربّي، ثمّ سكت، ثمّ قال: يرحم الله عبد الله بن عمر، أو أبا عبد الرحمن، إمّا سمّاه وإمّا كنّاه، ووالله إني لأحْسبه على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الذي عهد إليه، لم يُفْتَن ولم يتغيّر، والله ما استفزّتْه قريش في فتنتها الأولى، فقلت في نفسي: إنّ هذا ليُزْري على أبيه في مقتله، كان عاملًا لعمر بن هُبيرة على الكوفة.
تحوّل من الكوفة إلى البَصْرة لما غلب المختارُ على الكوفة، ثم تحوّل إلى الكوفة فنزلها وهلك بها سنة ثلاثٍ ومائة، وقيل: سنة أربع ومائة، وقيل: سنة ست ومائة، وصلّى عليه الصّقْر بن عبد الله المُزني.