عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان
كان اسمه عبد العُزى فسماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عبد الرحمن، ويكنى أَبا عبد اللّه، وقيل: أَبو محمد، بابنه محمد، وقيل: أَبو عثمان.
تأخر إسلامه إلى أيام الهُدْنة، فأسلم وحَسُن إسلامه. ولم يُهاَجِر مع أبيه؛ لأنه كان صغيرًا، وخرج قبل الفتح في فتيةٍ من قريش منهم معاويةُ إلى المدينة، فأسلموا. ويقال: إنه شهد بَدْرًا مع المشركين.
سكن المدينة، وتوفي بمكة. قال الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كان رجلًا صالحًا، وفيه دُعاَبة. وقالوا: ولم يزل عبد الرحمن بن أبي بكر على دين قومه وشهد بدرًا مع المشركين، ودعا إلى المبارزَةِ فقام إليه أبو بكر الصديق ليُبارِزهُ فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَتِّعنا بنفسك"، ثم أسلم عبد الرحمن بن أبي بكر في هُدْنَةِ الحُدَيبيِة.
روى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أحاديثَ منها في الصحيح، وروى عن أبيه، وروى عنه عبد الله، وحَفْصة، وابن أخيه القاسم بن محمد، وأبو عثمان النَّهْدي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمرو بن أوس الثقفي، وغيرهم. قال عبد الرحمن بن أَبي بكر الصديق: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِيْتُوْنِي بِكَتِفٍ وَدَوَاةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوْنَ بَعْدَهُ"، ثُمَّ وَلَّى قَفَاهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: "يَأْبَى الله وَالْمُؤْمِنُوْنَ إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ".
وكان شجاعًا رامِيًا حسنَ الرمي، وشهد اليمامة، فقتل سبعة من أكابرهم؛ منهم مُحَكّم اليمامة؛ وكان في ثلمة من الحصن، فرماه عبد الرحمن بسهم فأصاب نَحْرَه فقتله، ودخل المسلمون من تلك الثلمة. وشهد وَقْعَة الجمل مع عائشة.
تُوفي عبد الرحمن بن أبي بكر في منزلٍ له بالحُبْشِيّ، فحملناه مع ابن صفوان على رقابنا ستة أميالٍ إلى مكة، وعائشةُ غائبةُ، فقَدِمَتْ بعد ذلك من المدينة، فبلغ ذلك عائشة فقالت: ما آسى من أمره إلا على خصلتين: إنه لم يُعَالَجْ ولم يُدفن حيث مات، وقالت: أَرُوني قبرَ أخي، فأَرَوها فَصَلَّت عليه، وكان مات فجأة.
قال يحيى بن سعيد: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في نومٍ نامَهُ، فأعتقت عنه عائشة أم المؤمنين رقابًا من تلاده ــ والتَّلِيد: الّذي وُلِدَ عندك ــ؛ ترجو أن ينفعه ذلك بعد موته.