ثوبان بن بجدد
يُكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، هو صَحَابيّ مَشْهُور، شهد فتح مصر، أصابه سباء فاشتراه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأعتقه، وقال له: "إِنْ شِئْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أِنْ تَكُونَ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ" فثبت على ولاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولم يزل معه سفرًا وحضرًا إلى أن توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فخرج إلى الشام فنزل حمص وله بها دار صدقة، وقيل: نزل إلى الرملة وابتنى بها دارًا، وابتنى بمصر دارًا، وبحمص دارًا.
وروى ثوبان ــ رضي الله عنه ــ عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أحاديث ذوات عدد، وروى عنه شداد بن أوس، وجُبَير بن نُفَير، وأبو إدريس الخولاني، وأبو سلام مَمْطور الحبشي، ومعدان بن أبي طلحة، وأبو الأشعث الصنعاني، وأبو أسماء الرَّحَبي، وأبو الخير اليَزَني وغيرهم، فقد روى أبو أسماء الرَّحَبي، عن ثوبان أن نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ زَوَى لي الأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَأَعْطَانِي الكَنْزَيْنِ: الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا" ، وروى ثوبان عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: "إِنَّ حَوضِي كَمَا بَيْنَ عَدْنٍ إِلَى عُمَانَ أَشَدٌ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةَ مِنَ المِسْكِ، أَكاوِيبُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَأَكْثَرُ النَّاسُ وُرُودًا عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فُقُرَاءُ المُهَاجِرِينَ"، قلنا: من هم يا رسول الله؟ قال: "الشَّعْثَةُ رُؤُوسُهُمْ، الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ المُنَعَّمَاتِ وَلَا تُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ، الَّذِينَ يُعطُونَ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَلَا يُعْطَونَ الَّذِي لَهُمْ" ، وروى ابْنُ السَّكَنِ، من طريق يوسف بن عبد الحميد، قال: لقيت ثَوْبَان فحدثني أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم دعا لأهله، فقلت: أنا من أهل البيت، فقال في الثالثة: "نعم ما لم تقم على باب سدة أو تأتي أميرًا تسأله".
وروى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، عن ثوبان قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "من يضمن لي خُلَّةً وأضمن له الجنة؟" قال ثوبان فقلتُ: أنا يا رسول الله، فقال: "لا تسأل أحدًا شيئًا"، قال: فلربما سَقطَ سَوْطُ ثَوْبَان فيذهب الرجل فيناولهُ إيَّاه فما يأخذه منه حتى يُنِيخَ بَعِيرَهُ فينزل فيأخذه، وتوفي ثوبان ــ رضي الله عنه ــ بحمص سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية.