عبيدة بن عمرو السلماني
عَبِيدة بن عَمْرو، وقيل: ابن قيس بن عمرو السَّلْماني، وسلْمان بطنٌ من مُرَاد.
يُكنى أَبا مسلم، وقيل: أَبا عمرو، وقيل: أبا عمر، وكان من أَكابر التابعين، قال عبيدة بن قيس: أسلمت وصلّيت قبل وفاةِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بسنين، ولم أرَه، ولا يُعَدُّ في الصّحابة، فهو من كبار أصحاب ابن مسعود الفقهاء، وهو من أصحاب عليّ أيضًا، وكان شريح إذا أشكل عليه شيءٌ كتب إلى عَبِيدة.
وقد أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنتين ولم يَلقه، قَالَ الْعِجْلِيّ: تابعي ثقة، وعن محمّد بن سِيرين أنّ عبيدة كان عريف قومه فقسم بينهم عطاءً لهم، قال: ففضل من ذلك درهم فأمر أن يُقْرَع بينهم في ذلك الدرهم، فدنا إليه رجل فقال: إنّ هذا لا يصلح، قال عبيدة: أوليس قد كنا نفعل هذا في مغازينا؟ قال: فإنّكم كنتم إذا فعلتم ذلك قسمتم بين القوم ثمّ أقرعتم بينهم فلم يخرج أحد من أن يصيبه سَهْم، وإنّك إنْ أَقْرَعْتَ بينهم في هذا ذهب به أحدهم دون أصحابه، فقال له: صدقتَ، قال: فأمر بذلك الدرهم أن يُشْتَرى به شيء ثمّ يُقْسَم بينهم، وروى محمّد أنّ عليًّا قال: يا أهل الكوفة أتعجزون أن تكونوا مثل السَّلْمَانِي، والهَمْدَانِي؟ يعني الحارث بن الأزمع وليس بالأعور، إنّما هما شطرا رجل، قال حمّاد: وكان عبيدة أعور، وروى محمّد قال: كان أصحاب عبد الله بن مسعود خمسة، فمنهم من يقدّم عبيدة، ومنهم من يقدّم علقمة ولا يختلفون أنّ شُرَيحًا آخرهم، فقيل لحمّاد عُدّهم قال: عبيدة، وعلقمة، ومسروق، والهمداني، وشُريح، وقال حمّاد: لا أدري بدأ بالهمداني، أو شُريح، وروى إبراهيم قال: قال عبيدة: لا تخَلّدُنّ عليّ كتابًا، وروى النعمان بن قيس قال: دعا عَبِيدةُ بكتبه عند موته فمحاها وقال: أخشى أن يليها أحد بعدي فيضعوها في غير موضعها، وروى النعمان بن قيس قال: كنَّ عجائز الحيّ إذا أخذ المؤذّن في الإقامة، قلن إنّها صلاة عبيدة من السرعة.
وروى محمّد بن سيرين قال: جاء قوم يختصمون إلى عبيدة ليُصْلح بينهم فقال: لا أقول حتى تؤمّروني؛ كأنّه يرى أنّ للأمير في هذا ما ليس للقاضي ولا لغيره، وروى عبيدة أنه أتاه غلامان بلوحين فيهما كتاب يتخايران فقال: إنّه حكم وأبَى، وروى محمّد قال: سألتُ عبيدة عن آية، فقال: عليك بإتّقاء الله والسداد فقد ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أُنْزِل القرآن، وروى محمد قال: سألتُ عَبيدة عن النبيذ، فقال: قد أحدث الناسُ أشربةً، فما لي شرابٌ منذ عشرين سنة إلّا الماء، واللبن، والعسل، وروى محمّد، قال: قلت لعبيدة: إنّ عندنا من شَعَر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم شيئًا من قِبَل أنس، فقال عبيدة: لأن يكون عندي منه شعرة أحبّ إليّ من كلّ صفراء وبيضاء على ظهر الأرض.
قال محمّد بن عمر: هاجر عبيدة في زمن عمر، وروى عن عمر، وعليّ، وعبد الله، وقَالَ الْوَاقِدِيّ: هاجر من اليمن زمَنَ عمر، ونزل الكوفة، وروى عن ابن مسعود، وعليّ، وروى عنه محمد بن سيرين، وأبو إسحاق السَّبيعي، وإبراهيم النخعي، والشَّعْبي، وأبو حسان الأعرج، وغيرهم، وكان ابنُ سيرين أرْوَى الناس عنه، وقد ذكر علي بن المديني والقَلاّس أنَّ أصح الأسانيد ابن سيرين عن عَبيدة عن عليّ.
وروى النعمان بن قيس قال: حدّثني أبي قال: قلتُ لعبيدة: بلغني أنّك تموت، ثمّ ترجع قبل يوم القيامة، تحمل رايةً فيُْفَتح لك فتح لم يُفْتَح لأحد قبلك ولا يُفْتَح لأحَدٍ بعدك، فقال عبيدة: لئن أحياني الله اثنتين وأماتني اثنتين قبل يوم القيامة، ما أراد بي خيرًا.
مات عبيدة سنة اثنتين وسبعين، وأرَّخ الترمذي: سنة ثلاث، وابن أبي شيبة سنة أربع، وأوصى أن يصلّي عليه الأسود بن يزيد، فقال الأسود: اعْجلوا به قبل أن يجيء الكذّاب، يعني المختار، فصلّى عليه قبل غروب الشمس.