تسجيل الدخول


خارجة بن المنذر

رِفَاعَة بن عَبْد المُنْذِر بن رِفَاعة، وقيل: رافع بن عَبْد المُنْذِر بن زَنْبَر، وقيل: بُشَير بن عَبْد المُنْذِر بن زَنْبَر، وقيل: رِفَاعَةُ بْنُ زَنْبَرٍ، وقيل: جَارِية بنُ عَبْد المُنْذر بن زَنْبر، وقيل: خارجة بن عبد المنذر الأنصاري، وقيل: أَبو لُبَابة بن عبد المنذر الأنصاريّ الأوسي.
أَخرجه أَبو نُعَيم، وأَبو عمر، وأَبو موسى. وهو مشهور بكنيته، وذكر أبو نعيم رفاعةَ في ترجمة مفردة، عن أبي لبابة، وتبعه أبو زكرياء بن منده، وإنما فرق بينهما لأن أبا لبابة قيل: لم يشهد بدرًا؛ لأن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم رده من الطريق، لما سار إلى بدر، وأمَّره على المدينة، وضرب له بسهمه، وهذا الرجل الذي في هذه الترجمة ذكر عروة بن الزبير وابن شهاب أنه شهد بدرًا، وهذا يحتمل أن من قال إنه شهد بدرًا أنه أراد حيث ضرب له بسهمه وأجره، فكان كمن شهدها.
قال ابن الأثير: الحق مع أبي موسى، وهما واحد على قول من يجعل اسم أبي لبابة رفاعة، وأما ابن الكلبي فقد جعل رفاعة بن عبد المنذر بن زنبر أخا أبي لبابة، وأخا مبشر بن عبد المنذر، وأن رفاعة ومبشرًا شهدا بدرًا وقاتلا فيها، فسلم رفاعة وقتل مبشر ببدر، وأما أبو لبابة فقال: اسمه بشير، وأن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم رده من الطريق أميرًا على المدينة، ويصح بهذا القول من جعلهما اثنين، وأن رفاعة شهد بدرًا بنفسه، وأن أخاه أبا لبابة ضرب له رسول الله بسهمه وأجره، فهو كمن شهدها، وما أحسن قول الكلبي عندي، فإنه يجمع بين الأقوال، ولا شك أن أبا نعيم إنما نقل قوله عن الطبراني، وهو إمام عالم متقن، ويكون قول عروة وابن شهاب إنه شهد بدرًا حقيقة لا مجازًا، بسبب أنه ضرب له بسهمه وأجره، والظاهر من كلام ابن إسحاق موافقة ابن الكلبي، فإنه قال في تسمية من شهد بدرًا من الأنصار ومن بني أمية بن زيد: مبشر بن عبد المنذر، ورفاعة بن عبد المنذر، ولا عقب له، وعُبَيد بن أبي عبيد، ثم قال: وزعموا أن أبا لبابة بن عبد المنذر، والحارث بن حاطب ردهما رسول الله من الطريق، فقد جعل أبا لبابة غير رفاعة؛ مثل الكلبي.
وروى عبد الرحمن بن يزيد، عن جارية بن عبد المنذر أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "يَوْمُ الجُمْعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ"(*) أخرجه الطبراني في الكبير 5/24. وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/216. والعجلوني في كشف الخفاء 2/554. قال أبو نعيم: وهو وهم ــ يعني: ذكر جارية، وصوابه رفاعة بن عبد المنذر، والحديث مشهور بأبي لبابة بن عبد المنذر، واسم أبي لبابة: رفاعة، وقيل: بشيرٍ، ولم يقل أحد إن اسمه جارية، أو خارجة إلا ما رواه هذا الواهم عن ابن أبي داود.
وذكر صاحب "الكَشَّافِ" وغيره في تفسير سورة "الأنفال" أنّ اسمه مروان. قال ابن إسحاق: زعموا أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم ردَّ أبا لبابة والحارث بن حاطب بعد أن خرجا معه إلى بَدْر، فأمّر أبا لبابة على المدينة، وضرب لهما بسهميهما وأَجْرهما مع أصحاب بدر، وكذلك ذكره موسى بن عقبة في البدريين، وقالوا: كان أحد النقباء ليلة العقبة، ويقال: إن رفاعة ومعشرًا أخَوان لأبي لبابة.
وكان لأبي لُبابة من الولد السائب وأمّه زينب بنت خِذام بن خالد، ولبابة وبها يكنى، تزوّجها زيد بن الخطّاب فولدت له، وأمّها نسيبة بنت فضالة بن النعمان، وكانت له ابنة تُدعى مُليكة تزوّجها عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي وأمّها ظَبْية بنت النعمان بن عامر، وقال ابن إسحاق: لم يعقب أبو لبابة. وأبو لبابة هذا نقيب، شهِد العقَبة وبَدْرًا، وقال ابن إسحاق: وزعم قوم أنَّ أبا لبابة بن عبد المنذر والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى بَدر فرجعهما، وأمّر أبا لبابة على المدنية، وضرب له بسهمه مع أصحاب بَدْرٍ.‏(*) قال ابن هشام‏: ردهما من الرَّوْحَاء‏. قال أبو عمر:‏ قد استخلف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أبا لبابة على المدينة أيضًا حين خرج إلى غزوة السويق(*).
وقيل: شهد رفاعة بن عبد المنذر العقبة مع السبعين من الأنصار، وضرب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لرجال من المهاجرين والأَنصار، ممن غاب عن بدر، بسهمه وأَجره، منهم جماعة قال: وضرب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لأَبي لبابة بن عبد المنذر بسهمه وأَجره، وكان رسول الله صَلَّى عليه وسلم استخلفه على المدينة، ردّه إِليها من الطريق، ولهذا عُدَّ ممن شهد بدرًا، حيث ردّه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فضرب له بسهمه وأَجره، فهو كمن شهدها، وشهد مع رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم أُحُدًا وما بعدها من المشاهد، وكانت معه رايةُ بني عمرو بن عوف في غزوة الفتح‏.
وروى عبد الله بن أبي بكر: أنّ أبا لبابة ارتبط بسلسلة رَبُوض ــ والرّبوض الثقيلة ــ بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه، فما يكاد يسمع، وكاد أن يذهب بصره، وكانت ابنته تحلُّه إذا حضرت الصّلاة، أو أراد أَنْ يذهب لحاجةٍ، وإذا فرغ أعادته إلى الرّباط، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"‏لَوْ جَاءَنِي لاسْتَغْفرتُ لَهُ‏"‏‏.(*) قال أبو عمر:‏‏ اختلف في الحال التي أوجبت فِعْلَ أبي لبابة هذا بنفسه، وأَحسَنُ ما قيل في ذلك: ما رواه معمر عن الزّهري، قال:‏ كان أبو لبابة ممن تخلَّف عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم في غَزْوةِ تبوك، فربط نفسه بسارية، وقال:‏ والله لا أَحلُّ نفسي منها، ولا أَذوق طعامًا ولا شرابًا حتى يتوبَ الله عليّ أو أَموت،‏ فمكث سبعة أَيام لا يذوق طعامًا ولا يشرب شرابًا حتى خَرّ مغشيًا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: قد تاب الله عليك يا أَبا لبابةََ، فقال: وَالله لَا أَحلّ نفسي حتى يكون رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم هو الذي يحلّني،‏ فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فحلّه بيده، ثم قال أَبو لبابةَ‏: يا رسول الله، إنّ مِنْ توبتي أَنْ أَهجُرَ دار قومي التي أَصَبْتُ فيها الذنب، وَأَن أَنخلع من مالي كلّه صدقة إلى الله وَإِلى رسوله، قال:‏ ‏"‏يُجْزِئُكُ يَا أَبَا لُبَابَة الثُّلُثُ‏"(*) ‏‏أخرجه عبد الرزاق حديث رقم 16397، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 17034..
وقيل: ربط أبو لبابة نفسه إِلى سَارِية من المسجد بسلسلة، فكانت تَحُلُّه ابنته لحاجة الإِنسان وللصلاة، فتبقى كذلك بضع عَشَرَ ليلة، وقيل: سبعة أَيام، أَو ثمانية أَيام، وكان سبب ذلك أَن بني قرَيْظة لما حَصَرهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ــ وكانوا حلفاء الأَوس ــ فاستشاروه في أَن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأَشار إِليهم أَنه الذبح، قال: فما بَرحَتْ قدماي حتى عرفت أَني خُنتُ الله ورسوله، فجاءَ وربط نفسه
ورُوِي عن ابن عباس من وجُوه في قوله تعالى: {وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102]. نزلت في أَبي لُبَابة ونفر معه، سبعة أَو ثمانية أَو تسعة، تخلفوا عن غزوة تبوك، ثم ندموا فتابوا وربطوا أَنفسهم بالسَّواري، وكان عملهم الصالح توبتهم، والسيئُ تخلفهم عن الغزو مع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.
وأبو لبابة هو الذي أرسله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى بني قريظة لما حصرهم، روى معبد بن كعب بن مالك السلمي، قال: ثم بعثوا ــ يعني: بني قريظة ــ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: أنْ ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر، وكانوا حلفاء الأوس، نستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وَجَهَش إليه النساء والصبيان يَبْكُون في وجهه، فَرَقَّ لهم، وقالوا له: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حُكم محمد؟ فقال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه، إنه الذبح، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي ترجفان حين عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق على وجهه، ولم يأت رسول الله حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عُمُده، وقال: لا أبرح مكاني حتى يتوب الله عليَّ مما صنعت، وعاهد الله أن لا يطأ بني قريظة أبدًا، فلما بلغ رسول الله خبره، وكان قد استبطأ، قال: "أما لوجاءني لاستغفرت له، فإذْ فعل ما فعل ما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه"(*).
وقال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن عبد اللّه بن قُسَيط أنَّ تَوْبَةَ أبي لبابة نزلت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو في بيت أم سلمة، فقالت: سمعت رسول الله من السَّحَر وهو يضحك، فقلْتُ: ما يضحك؟ أضحك الله سنك، فقال: "تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ" (*)أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 4/ 17.. فلما خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح أطلقه.
روى أبو لبابة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وروى عنه ولاداه: السائب، وعبد الرحمن؛ وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وولده سالم بن عبد الله، ونافع مولاه، وعبد الله بن كعب بن مالك، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعبيد الله بن أبي يزيد،وعبد الرحمن بن يزيد، وأبو بكر بن عمرو بن حزم، وسعيد بن المسيب، وسَلْمان الأغر، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك وغيرهم.
وروى سعيد بن المسيب، عن أبي لبابة قال: استسقى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال أبو لبابة: إن التمر في المَرْبَد، فقال رسول الله: "اللَّهُمَّ اسْقِنًا"، فقال أبو لبابة: إن التمر في المَرْبَد وما في السماء سحاب نراه، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اسْقِنًا" في الثالثة "حتى يقوم أبو لبابة عريانًا، فيسد ثعلب مَرْبَده بإزاره"، قال: فاستهلت السماء فمطرت مطرًا شديدًا، وصَلَّى بنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأطافت الأنصار بأبي لبابة يقولون: يا أبا لبابة، إن السماء لن تقلع حتى تقوم عريانًا تسد ثعلب مربدك بإزارك، كما قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقام أبو لبابة عريانًا فسد ثعلب مَرْبَده بإزاره، قال: فأقلعت السماء(*).
قيل: قُتِلَ أبو لبابة يوم أُحُدٍ شهيدًا في شوّال على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من الهجرة، وقال خليفة: مات بعد مقتل عثمان، ويقال: عاش إلى بعد الخمسين ــ أي خمسين هجرية.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال