صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي
عمة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وشقيقة حمزة، تزوّجها في الجاهليّة الحارث بن حرب بن أُمَيَّة، ثمّ خلف عليها العوّام بن خُوَيّلد بن أَسَد، فولدت له: الزبير، أسلمت صفيّة، وبايعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة.
وتروي صفية في وقعة الخندق: مر بنا رجل يهودي، فجعل يُطِيف بالحصن، وقد حاربت بني قريظة، وقطعت ما بينها، وبين رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، والمسلمون في نحور عدوّهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا عنهم إن أتانا آت، قالت: فقلت: يا حسان، إن هذا اليهودي يُطوِّف بالحصن كما ترى، ولا آمنه أن يدل على عوراتنا مَن وَراءنا من يهود، فانزل إليه، فاقتله، فقال: يغفر الله لك يا ابنة عبد المطلب! والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا! قالت صفية: فلما قال ذلك، ولم أر عنده شيئًا، احتجزت، وأخذت عمودًا، ونزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن، فهي أول امرأة قتلت رجلًا من المشركين.
عاشت زمانًا طويلًا، ولها أبياتًا مرثية في النبي صَلَّى الله عليه وسلم منها:
لفَقْد رَسُولِ اللهِ إِذْ حَانَ يَوْمه فَيَا عَيْنُ جُودِي بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ.
وعند قتل حمزة: أقبلت صفية بنت عبد المطلب لتنظر إلى أخيها، فلقيها الزبير، فقال: أي أمة، إن رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يأمرك أن تَرْجِعي، قالت: ولِمَ، وقد بلغني أنه مُثّل بأخي، وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأصبرنَّ، وأحتسبن إن شاء الله؛ فجاء الزبير فأخبره، فقال: "خلّ سبيلها"، فأتت إليه، واستغفرت له ثم أمر به، ودُفن. ومما رثت به صفية النبي صَلَّى الله عليه وسلم:
إِنَّ يَوْمًا أَتَى عَلَيْكَ لَيَومٌ كُوِّرَتْ شَمْسُهُ وَكَانَ مُضِيئا
روَت صفية عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وتُوفِّيت في خلافة عمر بن الخطّاب سنة عشرين، ولها ثلاثٌ وسبعون سنة، ودُفنت بالبُقِيع بفناء دار المغيرة بن شعبة.