أمد بن أبد الحضرمي
أمَدُ بنُ أبَد الحَضْرَمِيّ:
قال سلمة بن سعيد: كنا عند معاوية، فقال: ودِدْتُ أن عندنا من يحدثنا عما مضى من الزمن، هل يشبه ما نحن فيه اليوم؟ قيل له: بحضرموت رجل قد أتت عليه ثلاثمائة سنة، فأرسل إليه معاوية، فأُتِيَ به، فلما دخل عليه أجلّه، ثم قال له: ما اسمك؟ قال: أمد بن أبد، فقال له: كم أتى عليك من السنين؟ قال: ثلاثمائة سنة، فقال له معاوية: كذبت، ثم أقبل على جلسائه، فحدثهم ساعة، ثم أقبل عليه، فقال: حدثنا أيها الشيخ، فقال له: وما تصنع بحديث الكذاب؟ فقال: إني والله ما كذبتك، وأنا أعرفك بالكذب، ولكني أردت أن أخْبُرَ من عقلك، فأراك عاقلًا، حدثنا عما مضى من الزمن، هل يشبه ما نحن فيه؟ فقال: نعم، كأنه ما ترى، ليل يجيء من ها هنا ويذهب من ها هنا، قال: أخبرني عن أعجب ما رأيت، قال: رأيت الظعينة تخرج من الشام حتى تأتي مكة، لا تحتاج إلى طعام ولا شراب، تأكل من الثمار وتشرب من العيون، ثم هي الآن كما ترى، قال: وما آية ذلك؟ قال: دول الله في البقاع كما ترى، ثم سأله عن عبد المطلب، وعن أمية بن عبد شمس، ثم قال له: فهل رأيت محمدًا؟ قال: ومن محمد؟ قال: رسول الله، قال: سبحان الله، ألا عظمته بما عظمه الله سبحانه؟ ألا قلت: رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟... نعم، قال: صفه لي، قال: "رأيته بأبي وأمي، فما رأيت قبله ولا بعده مثله" وذكر الحديث، أخرجه أبو موسى في "الذيل"، وقال ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في تمييز الصحابة": في الإسناد إرسالٌ ظاهر، وفي القصة نكارة، وذكر أبُو حَاتِمٍ السِّجستَانِيُّ في كتاب "المعمرين" عن أبي عامر، عن رجل من أهل البصرة، قال: وحدث به أبو الجنيد الضرير، عن أشياخه، قالوا: قال معاوية: إنّي لأحبُّ أن ألقي رجلًا قد أتى عليه سن يخبرنا عما رأى؛ فذكر القصة؛ وليس فيها تلك الزيادة المنكرة؛ بل فيها أنه رأى هاشم بن عبد مناف، وأمية بن عبد شمس، وأنه قال له: ما كان صنعتك؟ قال: كنت تاجرًا قال: فما بلغت تجارتك؟ قال: كنت لا أشتري غبنا، ولا أردّ ربحًا، وإن معاوية قال له: سَلْني؛ قال: أسألك أن تردّ عليّ شبابي، قال: ليس ذاك بيدي، قال: فاسألك أن تدخلني الجنة، قال: ليس ذاك بيدي، قال: لا أرى بيدك شيئًا من الدنيا والآخرة، فردّني من حيث جئت بي، قال: أما هذه فنعم.