1 من 2
ز ـــ سَلْم بن سمي بن الحارث: الأزديّ ثم الدَّوْسي، أبو العَكَر ـــ بفتح المهملة والكاف. مشهور بكنيته. يأتي في الكنى.
(< جـ3/ص 116>)
2 من 2
أبو العَكَر ابن أم شريك: التي وهبت نفسها للنبي صَلَّى الله عليه وسلم.
قيل: اسمه مسلم بن سلمى، كذا أورده أبو عمر مختصرًا. وقوله ابن أم شريك عجيب، وإنما هو زوج أم شريك، وسيأتي بيانُ ذلك واضحًا في ترجمة أم شريك [[أخرج الحُمَيْدِيُّ في مسنده، من رواية مجالد، عن الشّعبيّ، عن فاطمة بنت قيس ـــ أن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: "اعْتَدِّي عِنْدَ أُمِّ شَرِيك بِنْت أَبِي العَكِر"،(*) وهذا يخالف ما تقدم أنها زوج أبي العكر، ويمكن الجمع بأن تكون كنية والدها وزوجها اتفقتا أو تصحَّفَت بنت بالموحدة والنّون من بيت بالموحدة والتّحتانية، وبيت الرجل يطلق على زوجته؛ فتتفق الرّوايتان.]] <<من ترجمة أم شريك الأنصارية "الإصابة في تمييز الصحابة".>>، وكذا قول من قال: إنها أم شريك بنت أبي العكر، وهو في رواية صحيحة، وكأنه انقلب على أبي عمر؛ لكن يلزم منه أن تكونَ الترجمة لولد أم شريك، وليس كذلك؛ بل هي لزوجها.
وقد أخرج ابْنُ سَعْدٍ، عن محمد بن عمر الواقدي، عن الوليد بن مسلم، عن منير بن عبد الله الدَّوسي، قال: أسلم زوج أم شريك وهي غزية بنت جابر الدوسية مِنَ الأزد، وهو أبو العكر، فخرج مهاجرًا إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مع أبي هريرة، ومع دَوْس حين هاجروا، قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العكر، فقالوا: لعلك على دينه. قلت؛ إي والله، إني لعلى دينه. قالوا: لا جرم! والله لنعذبنك عذابًا شديدًا. فارتحلوا بنا من دارنا، ونحن كنا بذي الخلصة، وهو من صنعاء، فساروا يريدون منزلًا وحملوني على جمل ثقال شرُّ ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل ولا يسقوني قطرة من ماء، حتى إذا انتصف النهار، وسخنت الشمس، ونحن قائظون، نزلوا فضربوا أخبيتهم، وتركوني في الشمس حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري، فعلوا بي ذلك ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه. قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد، قالت؛ فوالله إني لعلى ذلك، وقد بلغني الجهد إذ وجدتُ برد دلو على صدري، فأخذته فشربتُ منه نفسًا واحدًا، ثم انتزع مني، فذهبتُ أنظر فإذا هو معلقٌ بين السماء والأرض، فلم أقدر عليه، ثم تدلى إلي ثانية فشربت منه نفسًا، ثم رفع، فذهبت أنظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض، ثم تدلى إلي ثالثة فشربتُ حتى رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، فخرجوا فنظروا فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ قالت: فقلت لهم: إن عدو الله غيري من خالف دينه، فأما قولكم من أين لك هذا؟ فهو من عند الله رزقًا رزقنيه الله. قالت: فانطلقوا سراعًا إلى قربهم وأداويهم، فوجدوها موكوءة لم تحل، فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا، وأن الذي رزقك في هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا هو الذي شرع الإسلام، فأسلموا وهاجروا جميعًا إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكانوا يعرفون فضلي عليهم، وما صنع الله لي؛ وهي التي وهبت نفسها للنبي فعرضت نفسها على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكانت جميلة، وقد أسنَّت، فقالت: إني أهب نفسي لك وأتصدَّق بها عليك، فقبلها النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير. قالت أم شريك: فأنا تلك، فسماني الله مؤمنة، فقال: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ...} [الأحزاب: 50] الآية، فلما نزلت الآية قالت عائشة: إن الله ليسرع لك في هواك(*).
قلت: إذا ثبت هذا فلعل أبا العكر مات أو طلَّقها، والذي يغلب على الظن أنَّ التي وهبت نفسها هي أم شريك أخرى كما سيأتي في كُنَى النساء إن شاء الله تعالى، وقد رويت قصتها في الدلو من وجه آخر سيأتي في ترجمتها.
(< جـ7/ص 235>)