1 من 1
عَبْدُ الْرَّحْمنِ بْنُ حَسَّانَ
(د ع) عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ حَسَّان بن ثَابِت. تقدَّمَ نَسَبُه عند ذكر أَبيه [[حَسَّان بن ثَابِت بن المُنذر بن حَرَام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. واسمه تيم الله، ابن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي، ثم من بني مالك بن النجار]] <<من ترجمة حَسَّان بن ثَابِت بن المُنذر "أسد الغابة".>>، وهو أَنصاري خزرجي. أَدرك النبي صَلَّى الله عليه وسلم، يكنى أَبا محمد، وقيل: أَبو سعيد.
وهو شاعر، وأُمه سِيرِين القبطية، أُخت مارية القبطية، وهبها النبي صَلَّى الله عليه وسلم لأَبيه حسان، فولدت له عبد الرحمن، فقيل: إِنه ابن خالة إِبراهيم ابن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.
وقيل: إِنه من التابعين، قال محمد بن سعد: هو من الطبقة الثانية من تابعي أَهْل المدينة.
روى محمد بن إِسحاق، عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسَّان، عن أَبيه قال: مر حسان برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومعه الحارث المرّي، فلما عرفه حَسَّان قال: [الكامل]
يَا حَارِ مَنْ
يَغْدُرْ بِذِمَّةِ جَارِهِ مِنْكُمْ فَإِنَّ مُحَمَّدًا
لاَ
يَغْدُرُ
وَأَمَانَةُ
الْمُرِّي
حَيْثُ
لَقِيْتَهَ مِثْلُ الْزُّجَاجَةِ صَدْعُهَا لاَ يُجْبَرُ
إِنْ تَغْدُرُوا فَالغَدْرُ مِنْ عَادَاتِكُمْ وَالغَدْرُ يَنْبُتُ فِي أُصُولِ الْسَّخْبَرِ
أَنبأَنا أَبو محمد بن أَبي القاسم الحافظ، أَخبرني أَبي، أَنبأَنا غيث بن علي، أَخبرنا الشريف أَبو الحسن علي بن محمد بن عبيد اللّه الهاشمي، وأَبو العباس بن قبَيس قالا: أَخبرنا أَبو محمد بن أَبي نصر، أَخبرنا عمي أَبو علي محمد بن القاسم، حدثنا علي بن بكر، عن أَحمد بن الخليل، عن عمر بن عبيده قال: حدثني هارون بن عبد اللّه الزهري. قال: حدثني ابن أَبي زُرَيق قال: شببَ عبد الرحمن بن حَسَّان بَرْملَة بنت مُعَاوِية، فقال: [الخفيف]
رَمْلُ، هَلْ تَذْكُرِينَ يَوْمَ
غَزَالٍ
إِذْ قَطَعْنَا
مَسِيرَنَا
بِالتَّمَنِّي
إِذْ تَقُوْلِيْنَ: عَمْرَكَ اللّهَ هَلْ شَيْءُ وَإِنْ جُلَّ سَوْفَ
يُسْلِيكَ
عَنِّي
أُمْ هَلَ اطْعَمْتُ مِنْكُمُ يَا ابْنَ حَسَّانَ كَمَا قَدْ أَرَاكَ أَطْعَمْتَ
مِنِّي
فبلغ شعرُه يزيد، فغضِب، ودخل على معاوية فقال: يا أَمير المؤمنين، أَلم تر إِلى هذا العِلْجِ من أَهل يثرب كيف يَتَهَكَّمُ بأَعراضِنا، ويُشَبِّبُ بنسائنا؟! فقال: من هو؟ قال: عبد الرحمن بن حَسَّان. وأَنشد ما قال. فقال: يا يزيد، ليس العُقُوبةُ من أَحد أَقبحَ منها من ذوي القدرة، فأَمْهلْ حتى يقدم وفدُ الأَنصار، ثم أَذكِرْني به. فلما قدموا أَذكَرَه به، فلما دخلوا عليه قال: يا عبد الرحمن، أَلم يبلغني أَنك تُشَبِّبُ برَمْلَة بنت أَمير المؤْمنين؟ قال: بلى، يا أَمير المؤْمنين، ولو علمت أَن أَحَدًا أَشرفُ منها لشعري لشببت بها. قال: فأَين أَنت عن أُختها هند؟ قال: وإِن لها لأُختًا يقال لها: هند؟ قال: نعم. وإِنما أَراد معاوية أَن يُشَبِّبَ بهما جميعًا فيكذِّبَ نفسه، فلم يرد يزيد ما كان من ذلك، فأَرسل إِلى كعب بن جُعَيْل فقال: اهْجُ الأَنصار. فقال: أَفْرَقُ من أَمير المؤْمنين! ولكني أَدلك على الشاعر الكافر الماهر. قال: من هو؟ قال: الأَخطل. فدعاه فقال: أَهْجُ الأَنصار فقال: أَفْرَقُ من أَمير المؤْمنين! قال: لا تَخَفْ، أَنَا لَكَ بهذا، فهجاهم فقال: [الكامل]
وَإِذَا نَسَبْتَ
ابْنَ الْفُرَيْعَةِ خِلْتَهُ كَالجَحْشِ بَيْنَ حِمَارَةٍ وَحِمَارِ
لَعَنَ الْإِلَهُ مِنَ
الْيَهُوْدِ
عِصَابَةً بِالْجِزْعِ بَيْنَ صُلَيْصِلٍ وَصِرَارِ
خَلُّوا الْمَكَارِمَ
لَسْتُمُ مِنْ أَهْلِهَا وَخُذُوا مَسَاحِيَكُم بَنِي الْنَّجَّارِ
ذَهَبَتْ قُرَيْشٌ بِالْمَكَارِمِ وَالْعُلَى وَالْلُّؤْمُ
تَحْتَ عَمَائِمِ الْأَنْصَارِ
فبلغ الشعرُ النعمانَ بن بَشِير، فدخل على معاوية فحسَر عن رأْسه عمامتَه، وقال: يا أَمير المؤْمنين، أَترى لُؤْمًا؟ قال: بل أَرى كَرَمًا وخَيْرًا، وما ذاك؟ قال: زعم الأَخْطَلُ أَن اللُّؤْمَ تحت عمائمنا! قال: وفعل؟ قال: نعم. قال: فلك لِسَانُه، وكتب أَن يؤْتى به، فلَمَّا أُتِيَ به قال للرسول: أَدخِلْنِي على يزيدَ، فأَدخله عليه، فقال: هذا الذي كنت أَخاف، قال: فلا تَخَفْ شيئًا. ودخل على معاوية فقال: عَلاَمَ أَرْسَلْتَ إِلى هذا الرجل الذي يمدحنا ويرمي من وراءَ جمرتنا؟ قال: هجا الأنَصار! قال: ومن يعلم ذلك؟ قال: النعمان ابن بَشِير. قال: لا يُقْبَلُ قولُه، وهو يدَّعِي لنفسه، ولكن تَدْعُوه بالبينة، فإِن أَثْبَتَ بينة أَخَذْتَ لَه. فدعاه بها، فلم يأتِ بشيءٍ فخَلاَّه.
وتوفي عبد الرحمن سنة أَربع ومائة، قاله خليفة. أَخرجه ابن منده وأَبو نُعَيم.
(< جـ3/ص 431>)